مع تطور مسار الحرب الروسية الأوكرانية وكشف حجم الصراع الدائر حول أموال روسيا المجمدة، حذّرت وكالات استخبارات أوروبية من حملة ترهيب منظمة تقف وراءها موسكو، واستهدفت هذه الحملة قلب القطاع المالي البلجيكي وشخصيات سياسية رفيعة، في محاولة لعرقلة أي تحرك أوروبي لاستخدام الأصول الروسية المصادرة لدعم أوكرانيا. ووفقًا لصحيفة «الجارديان» البريطانية، فإن هذه الحملة تزامنت مع نقاشات حاسمة داخل الاتحاد الأوروبي بشأن إقراض كييف عشرات المليارات بضمان أموال البنك المركزي الروسي، ما يضع بلجيكا في واجهة مواجهة غير معلنة بين الغرب وروسيا، تتجاوز الضغوط الدبلوماسية إلى أساليب الترهيب المباشر. اقرأ أيضًا| انتقادات قاسية ورسائل مبطنة.. هل على أوروبا توقع نهاية الدعم الأمريكي لأوكرانيا؟ حملة ترهيب روسية البنك المركزي الروسي يطالب بتعويضات قدرها 230 مليار دولار من يوروكلير على خلفية الأصول المجمدة#القاهرة_الإخبارية #روسيا pic.twitter.com/GOf5ZbsmBJ — القاهرة الإخبارية - AlQahera News (@Alqaheranewstv) December 15, 2025 كشفت وكالات استخبارات أوروبية عن تعرّض سياسيين بلجيكيين وكبار المسؤولين التنفيذيين في القطاع المالي لحملة ترهيب منسقة، يُعتقد أن أجهزة الاستخبارات الروسية تقف وراءها، بهدف الضغط على بلجيكا لمنع استخدام أصول روسية مجمّدة تُقدّر قيمتها بنحو 185 مليار يورو لصالح أوكرانيا. وأفاد مسؤولون أمنيون وفقًا لصحيفة «الجارديان» بوجود استهداف متعمد لشخصيات قيادية في شركة «يوروكلير»، وهي شركة إيداع الأوراق المالية التي تحتفظ بمعظم أصول البنك المركزي الروسي المجمدة، إلى جانب مسؤولين سياسيين بارزين في البلاد، في مؤشر على أن الحملة لم تكن عشوائية بل موجهة بدقة. نقاش أوروبي حاسم حول تمويل أوكرانيا ويتزامن هذا التصعيد مع اجتماع قادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل لمناقشة مقترح إقراض أوكرانيا أموالًا عاجلة بضمان أصول البنك المركزي الروسي المجمدة، وهو تمويل تعتبره كييف حاسمًا لاستمرار مجهودها الحربي خلال عامي 2026 و2027، في ظل تراجع الدعم الأمريكي وتزايد الضغوط المالية. ويرجّح مسؤولون أوروبيون أن جهاز الاستخبارات العسكرية الروسية (GRU) يقف وراء حملة الترهيب، رغم وجود نقاش داخل الدوائر الأمنية حول مستوى خطورة التهديد. وقال مسؤول أوروبي للصحيفة البريطانية: «من المؤكد أنهم لجأوا إلى أساليب الترهيب»، في إشارة إلى نمط مألوف من الضغوط الروسية خارج حدودها. موسكو تتوعد بإجراءات انتقامية رداً على تجميد الاتحاد الأوروبي للأصول الروسية.. المتحدثة باسم الخارجية ماريا زاخاروفا: أي مصادرة لأصولنا غير قانونية.. وسياسة بروكسل تجاه موسكو "مسرحية عبثية"#الحدث #قناة_الحدث pic.twitter.com/RSS0RMObfN — ا لحدث (@AlHadath) December 14, 2025 لماذا تُعد بلجيكا هدفًا رئيسيًا؟ تُعتبر بلجيكا محور هذه المواجهة لأن نحو 185 مليار يورو من أصل 210 مليارات يورو من أصول البنك المركزي الروسي التي جمدها الاتحاد الأوروبي منذ بدأ الحرب الروسية الأوكرانية، مودعة لدى شركة «يوروكلير» التي تتخذ من بروكسل مقرًا لها، ما يجعل أي قرار بشأن هذه الأموال يمر عمليًا عبر الأراضي البلجيكية. ويناقش قادة الاتحاد الأوروبي الموافقة على قرض أولي بقيمة 90 مليار يورو مضمون بالأصول الروسية المجمدة. غير أن بلجيكا أبدت تحفظات قانونية واضحة، مؤكدة أنها لن توافق على الخطة إلا في حال تقديم ضمانات كاملة لتعويض «يوروكلير» إذا نجحت روسيا في رفع دعاوى قضائية لاسترداد أموالها. تهديدات روسية وتحركات قانونية مضادة حذّرت موسكو علنًا من أن استخدام الأصول المجمدة يُعد «سرقة»، وأعلن البنك المركزي الروسي سعيه للحصول على تعويضات بقيمة 230 مليار دولار من «يوروكلير» عبر دعاوى قضائية داخل روسيا. وتشير المعلومات إلى أن حملة الترهيب تجاوزت التصريحات العلنية واستهدفت شخصيات بعينها. بينما وُجّهت تهديدات مباشرة إلى فاليري أوربان، الرئيسة التنفيذية لشركة «يوروكلير»، إلى جانب عدد من كبار المسؤولين التنفيذيين في المجموعة المالية، ورفضت الشركة التعليق على التفاصيل، مؤكدة أن أي تهديدات محتملة «تُؤخذ على محمل الجد ويتم التحقيق فيها بالتعاون مع السلطات المختصة». حماية شخصية بعد فشل طلب الحراسة الرسمية كشف تحقيق لموقع «يورو أوبزرفر» أن أوربان تعرضت لتهديدات خلال عامي 2024 و2025، ما دفعها لطلب حماية الشرطة البلجيكية، إلا أن طلبها قوبل بالرفض. ونتيجة لذلك، لجأت هي ومسؤولون آخرون إلى التعاقد مع شركة أمنية بلجيكية ثم شركة فرنسية لتوفير حراس شخصيين. وأكدت صحيفة «لوموند» في مقابلة مع أوربان نُشرت في نوفمبر أنها كانت ترافقها حراسة شخصية لأكثر من عام، دون أن تخوض في تفاصيل وضعها الأمني. وفي أوائل ديسمبر، قال رئيس الوزراء البلجيكي، بارت دي ويفر في تصريحات علنية: «ومن يصدق أن بوتين سيقبل بهدوء مصادرة الأصول الروسية؟ لقد أبلغتنا موسكو أنه في حال المصادرة، ستشعر بلجيكا وأنا شخصيًا بالعواقب إلى الأبد». وأوضح مكتب رئيس الوزراء البلجيكي لاحقًا أن هذه التصريحات تعكس مخاوف قانونية ومالية حقيقية، مشيرًا إلى إجراءات روسية انتقامية محتملة تشمل مصادرة أصول غربية واستهداف شركات أجنبية. وصفها بأنها غير مجانية.. رئيس وزراء بلجيكا يأمل في توصل الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق بشأن استخدام الأموال الروسية المجمدة للمزيد زوروا https://t.co/tk5IBjauaM pic.twitter.com/ZM4hMs6Q90 — NOW الشرق (@AsharqNOW) December 18, 2025 اقرأ أيضًا| فيديو| المفوضية الأوروبية تخطط لقرض تعويضات.. من سيستفيد أولا من أموال روسيا؟ صمت رسمي وتحفظات أمنية امتنع المتحدث باسم الحكومة البلجيكية عن التعليق على التهديدات المزعومة ضد الوزراء أو رئيسة «يوروكلير»، مرجعًا ذلك إلى اعتبارات تتعلق بالسلامة، كما أكد مكتب وزير الخارجية البلجيكي، ماكسيم بريفو، عدم تلقيه أي معلومات رسمية حول تعرضه أو مسؤولين آخرين لتهديدات. وتؤيد المملكة المتحدة، التي تمتلك نحو 27 مليار يورو من الأصول الروسية المجمدة، استخدام هذه الأموال لدعم أوكرانيا، وتطالب بلجيكا بأن تتحرك بقية الدول التي تحتفظ بأصول روسية تُقدّر بنحو 290 مليار يورو عالميًا، بشكل جماعي لتقاسم المخاطر القانونية وإظهار وحدة الموقف. وفي سياق متصل، طالب رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر رجل الأعمال رومان أبراموفيتش بالإفراج عن 2.5 مليار جنيه إسترليني من عائدات بيع نادي تشيلسي خلال 90 يومًا، ملوحًا بإجراءات قانونية. وتسعى لندن لتوجيه كامل المبلغ لضحايا الحرب في أوكرانيا، بينما يطالب أبراموفيتش بتخصيص جزء منه لضحايا الحرب في روسيا. أوكرانيا: التمويل الأوروبي مسألة بقاء أكد مسؤولون وخبراء أوكرانيون أن القرض الأوروبي ضروري لاستمرار المجهود الحربي، وقالت ناتاليا شابوفال، رئيسة معهد KSE في كييف، إن أوكرانيا تحتاج إلى 50 مليار دولار من التمويل الخارجي في عام 2026، ولم يتم الالتزام سوى بنصف هذا المبلغ حتى الآن. ووصفت شابوفال، الحاجة إلى تمويل دولي جديد بأنها «بالغة الأهمية»، مشيرة إلى أن وزارة الدفاع الأوكرانية تحتاج إلى تدفقات مالية مستقرة لشراء الأسلحة وتنفيذ استثمارات طويلة الأجل في الصناعات الدفاعية. تحذير من أزمة مالية وشيكة رغم قدرة أوكرانيا على تجاوز الربع الأول من العام دون دعم إضافي، حذّر خبراء من أن «مشكلات كبيرة ستظهر بدءًا من الربع الثاني، وستتفاقم في النصف الثاني من العام»، ما قد يجبر كييف على تقليص ميزانيات الدفاع وإعادة ترتيب أولويات الإنفاق الاجتماعي. ويعوّل مسؤولون أوكرانيون على أن اتفاق التمويل الأوروبي سيضع روسيا تحت ضغط مالي متوسط الأجل، خاصة مع تخصيص نحو 38% من ميزانية الدولة الروسية العام المقبل للإنفاق العسكري، وتوقع تسجيل عجز في الميزانية بنحو 70 مليار دولار بنهاية العام الجاري، وفق تقديرات خبراء الاقتصاد. اقرأ أيضًا| بين التهديدات والمفاوضات.. هل السلام في أوكرانيا أصبح بعيد المنال؟