محافظ دمياط يتابع جاهزية اللجان الانتخابية بالدائرة الانتخابية الثانية استعدادًا لجولة الاعادة من انتخابات مجلس النواب    توقيع اتفاقية بين مؤسسة الغرير ومنظمة اليونيسيف لدعم مبادرة شباب بلد    وزيرة البيئة تبحث تطوير منظومة العمل البيئي ودعم الاستثمار    الجامعة العربية تدين الهجوم الإرهابي في مدينة سيدني    الكرملين يرفض وقف إطلاق نار في أوكرانيا بمناسبة عيد الميلاد    مجلس العمل يلزم باريس سان جيرمان بدفع 61 مليون يورو لكيليان مبابي    ذا بيست.. دوناروما أفضل حارس مرمى في العالم 2025    عاجل- حريق محدود داخل مبنى B112 بالقرية الذكية في أكتوبر.. تفاصيل    محافظ بورسعيد: جاهزون لجولة الإعادة بانتخابات النواب وتجهيز مظلات أمام اللجان    الليلة.. محمد رمضان ضيف أنس بوخش    ختام الندوة الدولية الثانية للإفتاء.. تكريم 9 شخصيات دينية وبروتوكول تعاون مع الأردن    كولونيا يرفع شعار كامل العدد في "قرطاج"    قرطاج تستقبل أول عروض "ضايل عِنا عر" اليوم بمدينة الثقافة التونسية    غزل المحلة: لدينا أكثر من 90 ألف دولار عند الأهلي.. وشكونا بلوزداد ل فيفا    محافظ أسيوط يستقبل رئيس القومي للطفولة والامومة خلال زياتها لافتتاح مقر للمجلس    «المصدر» تنشر لائحة النظام الأساسي للنقابة العامة للعاملين بالتعليم والبحث العلمى    قبيصى: أستعدادات مكثفة وتعليمات مشددة لأمتحانات الفصل الدراسي الأول بالفيوم 2026    المتحدثة باسم خارجية الصين: علاقتنا مع مصر نموذج يحتذى به عربيا وإفريقيا    بريطانيا تتعهد بتقديم 805 ملايين دولار لدعم الدفاع الجوي الأوكراني    * رئيس هيئة الاستثمار يثمن دور "نَوَاه العلمية" في تعزيز الابتكار والمعرفة ويؤكد دعم الهيئة المستمر للقطاع العلمي    البورصة المصرية تخسر 21.5 مليار جنيه بختام تعاملات الثلاثاء 16 ديسمبر 2025    زيادة 50% لمخصصات العلاج على نفقة الدولة في موازنة 2025-2026    جامعة قناة السويس تُنفذ قافلة تنموية شاملة بأبو صوير    هل تلتزم إدارة ترمب بنشر ملفات إبستين كاملة؟ ترقّب واسع لكشف الوثائق قبل الجمعة    تأجيل محاكمة المتهمين بإنهاء حياة تاجر الذهب أحمد المسلماني بالبحيرة ل 12 يناير للمرافعة    قرار جديد من النيابة فى واقعة تعرض 12 طفلا للاعتداء داخل مدرسة بالتجمع    ب 90 مليون جنيه، محافظ بني سويف يتفقد مشروع أول مدرسة دولية حكومية    عين شمس تحتفل بتخريج دفعة 2025 من خريجي ماجستير غرسات الأسنان    «برومتيون» الصينية تؤسس مصنع للإطارات باستثمارات 300 مليون دولار    موقف ليفربول، ترتيب الدوري الإنجليزي بعد الجولة ال 16    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 16ديسمبر 2025 فى المنيا    محمد مصطفى كمال يكتب: الترويج السياحي من قلب المتحف الكبير.. حين تتحول الرؤية إلى ممارسة    حماس: نطالب بالتحرك العاجل لردع الاحتلال عن استمرار خروقاته    محافظ أسوان: صرف علاج التأمين الصحي لأصحاب الأمراض المزمنة لمدة شهرين بدلا من شهر    جولة مفاجئة لمدير "تعليم الجيزة" في مدارس العمرانية    من المنزل إلى المستشفى.. خريطة التعامل الصحي مع أعراض إنفلونزا h1n1    أستاذ طب أطفال بجامعة القاهرة: المرحلة الأولى لبرنامج رعاية داخل 8 جامعات    وزارة الأوقاف: التفكك الأسرى وحرمة المال العام موضوع خطبة الجمعة القادمة    توروب يتمسك بمستقبل الأهلي: شوبير عنصر أساسي ولا نية للتفريط فيه    وزير الرياضة يبحث مع السفير الإماراتي تعزيز التعاون المشترك    غدًا.. المصريون بالداخل يدلون بأصواتهم في جولة الإعادة للمرحلة الثانية من انتخابات النواب    فوز 24 طالبًا في أيام سينما حوض البحر المتوسط بمكتبة الإسكندرية    بيان – الزمالك يعلن التعاون مع النيابة العامة وثقته في الحلول لاستمرار النادي    رئيس قطاع المعاهد الأزهرية: الاعتماد مسار شامل للتطوير وليس إجراءً إداريًا    تفاصيل افتتاح متحف قراء القرآن الكريم لتوثيق التلاوة المصرية    نقل جثمان طالب جامعى قتله شخصان بسبب مشادة كلامية فى المنوفية إلى المشرحة    مَن تلزمه نفقة تجهيز الميت؟.. دار الإفتاء تجيب    دغموم: الزمالك فاوضني من قبل.. وأقدم أفضل مواسمي مع المصري    عاجل- دار الإفتاء تحدد موعد استطلاع هلال شهر رجب لعام 1447 ه    ارتفاع تأخيرات القطارات على الوجه القبلي بسبب الإصلاحات    عضو بالأزهر: الإنترنت مليء بمعلومات غير موثوقة عن الدين والحلال والحرام    الجيش الأوكراني يعلن إسقاط 57 مسيرة روسية    «التضامن الاجتماعي» تعلن فتح باب التقديم لإشراف حج الجمعيات الأهلية لموسم 1447ه    زلزال بقوة 5.2 درجة يضرب مدينة "كراتشي" الباكستانية    أسعار الأسماك اليوم الثلاثاء 16 ديسمبر في سوق العبور للجملة    مديرية الطب البيطري بالقاهرة: لا مكان سيستوعب كل الكلاب الضالة.. وستكون متاحة للتبني بعد تطعيمها    محمد القس يشيد بزملائه ويكشف عن نجومه المفضلين: «السقا أجدع فنان.. وأتمنى التعاون مع منى زكي»    أيامى فى المدينة الجامعية: عن الاغتراب وشبح الخوف!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف تحولت البيانات إلى محرك لتقييم الشركات الأمريكية؟
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 15 - 12 - 2025

فى عالم يتغير بوتيرة غير مسبوقة، لم تعد الأصول الملموسة مثل المصانع والعقارات والمخازن هى ما يحدد قيمة الشركات الكبرى فى البورصة الأمريكية، بل أصبحت الأصول غير الملموسة وعلى رأسها البيانات تمثل الثروة الحقيقية.
هذا التحول لم يعد مجرد نقاش أكاديمي، بل أصبح حقيقة تترجمها القوائم المالية، وتتجلى فى نماذج الأعمال، وتنعكس بقوة على تقييمات الشركات العملاقة فى وول ستريت، وعلى رأسها شركات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.
لقد دخل الاقتصاد العالمى مرحلة جديدة يمكن وصفها ب»عصر النفط الرقمى»، حيث أصبحت البيانات هى الوقود الذى يدفع نمو الشركات ويدعم ابتكارها ويحدد قدرتها على المنافسة وتحقيق الأرباح.
هذا التقرير يقدم قراءة تحليلية معمقة لكيف تغيّرت معايير تقييم الشركات فى البورصة الأمريكية، وكيف أصبحت كمية البيانات وجودتها وحجم استخدامها تشكل المحدد الرئيسى للقيمة السوقية، مع استعراض تأثير ذلك على أسهم التكنولوجيا، وما يحمله من مخاطر تنظيمية، ودور الذكاء الاصطناعى فى تضخيم القيمة السوقية بشكل قد يطرح تساؤلات حول مستقبل هذا النمو.
قيمة جديدة
بدأ الاقتصاد الأمريكى يشهد تحوّلًا جذريًا منذ منتصف العقد الماضى، حين أصبحت الشركات التى تعتمد على البيانات فى صميم نموذج أعمالها تتصدر المؤشرات الرئيسية. فأسهم شركات مثل جوجل وميتا أمازون ومايكروسوفت وحتى شركات مثل تسلا لم تعد تُقيّم فقط بناء على الإيرادات أو الأصول، بل على أساس قدرتها على جمع البيانات ومعالجتها واستخدامها لتوليد قيمة جديدة.
البيانات هنا لم تعد مجرد معلومات، بل أصبحت مادة خام عالية القيمة، تشبه النفط فى مطلع القرن العشرين. كلما امتلكت الشركة بيانات أكثر، ازدادت قدرتها على فهم المستهلك وتوقع سلوكه وتحسين الخدمات وتقديم منتجات أدق، وهو ما ينعكس مباشرة على سعر السهم. وقد أصبح المستثمرون ينظرون إلى قاعدة البيانات الضخمة باعتبارها أصلًا استراتيجيًا، يتجاوز قيمته فى بعض الأحيان قيمة البنية التحتية المادية.
هذا التغير يظهر بوضوح فى القفزة الكبيرة فى تقييمات شركات التكنولوجيا خلال السنوات الأخيرة، فقد باتت الشركات التى يمكنها تحليل البيانات وإدارة نماذج ذكاء اصطناعى ضخمة تحظى بتميّز واضح عن منافسيها، وهو ما جعل أسهمها تقفز بوتيرة أسرع من بقية القطاعات التقليدية.
قوة التقنية
تأثير البيانات على تقييمات الشركات الأمريكية لا ينفصل عن التطور الهائل الذى تشهده تقنيات الذكاء الاصطناعى. فهذه التقنيات تمثل المحرك الذى يحول البيانات من مجرد أرقام إلى أنظمة تنبؤية، وقرارات أسرع، ونماذج أعمال أكثر ربحية.
وبفضل هذه التقنيات، أصبحت الشركات التى تمتلك كميات هائلة من البيانات قادرة على تدريب نماذج ذكاء اصطناعى فائقة القدرة، وهو ما خلق دائرة إيجابية: كلما ازدادت البيانات ازدادت قوة النموذج، وكلما ازدادت قوة النموذج ازدادت قدرة الشركة على الحصول على بيانات جديدة.
هذا الواقع جعل المستثمرين يتعاملون مع شركات الذكاء الاصطناعى باعتبارها شركات نمو طويل الأجل، حتى قبل أن تحقق أرباحًا فعلية. فالمعادلة الجديدة فى وول ستريت تقول إن الشركة التى تمتلك قدرات تحليلية عالية قادرة على تحقيق أرباح مستقبلية هائلة، وهو ما ينعكس فى التقييمات الضخمة التى نشهدها اليوم.
لكن هذه القوة تحمل فى طياتها مخاطر يمكن أن تغيّر المشهد فجأة، خصوصًا إذا ظهر منافسون يمتلكون نماذج أكثر تقدمًا أو قاعدة بيانات أكثر عمقًا، ما يجعل السوق عرضة لتحولات سريعة فى القيمة السوقية.
أرباح مخفية
من أبرز الظواهر التى فرضها عصر البيانات ظهور ما يمكن وصفه ب»الأرباح المخفية»، وهى أرباح لا تظهر مباشرة فى القوائم المالية، لكنها تتجلى فى التوسع السريع فى المستخدمين، أو زيادة معدلات الاحتفاظ بالعميل، أو نمو الإعلانات المستهدفة، أو تحسين الكفاءة التشغيلية.
هذه الأرباح غير المباشرة أصبحت سببًا رئيسيًا فى ارتفاع تقييمات شركات التكنولوجيا، حيث باتت القيمة السوقية تعتمد على توقعات الأرباح المستقبلية المرتبطة باستخدام البيانات أكثر من اعتمادها على الأرباح المحققة فعليًا.
ونتيجة لذلك، أصبحت شركات تعتمد على نماذج بيانات قوية، لكنها لا تحقق أرباحًا كبيرة، تحظى بتقييمات تفوق شركات صناعية عملاقة لديها أرباح ضخمة لكنها لا تمتلك نفس النفوذ المعلوماتي.
هذا التوجه قد يبدو منطقيًا فى إطار الاقتصاد الرقمي، لكنه يعكس أيضًا درجة من المخاطرة، إذ تصبح التقييمات المالية مبنية على توقعات قد لا تتحقق إذا حدثت تغيرات تنظيمية أو تقنية مفاجئة.
مخاطر تنظيمية
بينما تجنى الشركات الأمريكية ثمار «ثورة البيانات»، بدأت الجهات التنظيمية فى الولايات المتحدة وأوروبا تتحرك بقوة لضبط حدود استخدام البيانات، فى ظل مخاوف متزايدة تتعلق بالخصوصية، والأمن السيبرانى، والاحتكار.
هذه التحركات التنظيمية أصبحت عنصرًا مهمًا فى تقييم أسهم التكنولوجيا، لأنها تهدد بفرض قيود قد تحد من قدرة الشركات على جمع البيانات، أو تفرض عليها دفع غرامات ضخمة، أو تمنعها من تنفيذ بعض الممارسات التسويقية. كما أن القوانين الجديدة المتعلقة بحماية الخصوصية، ومنع الاحتكار، وتنظيم الذكاء الاصطناعى، أصبحت من أهم العوامل التى تؤثر على شهية المستثمرين للمخاطرة.
وقد بدأت بعض الشركات بالفعل تستعد لواقع جديد قد تصبح فيه البيانات «محمية أكثر ومنفتحة أقل»، وهو ما قد يقلل من قدرتها على الابتكار وتطوير نماذج الأعمال القائمة على الذكاء الاصطناعي.
تضخيم اصطناعى.
الذكاء الاصطناعى، رغم كونه أحد أكبر محركات النمو الحالى، يمثل أيضًا عاملًا مهمًا فى تضخيم التقييمات السوقية لشركات التكنولوجيا.
فهناك شركات حصلت على تقييمات ضخمة فقط لأنها أعلنت عن مشاريع فى مجال الذكاء الاصطناعي، حتى لو لم تكن لديها قاعدة بيانات قوية أو ابتكارات حقيقية.
هذا الواقع يثير مخاوف من تشكل «فقاعة ذكاء اصطناعى»، تشبه فقاعة الدوت كوم، لكن بصيغة أكثر تعقيدًا، حيث يرتفع سعر السهم بناء على توقعات مستقبلية مبالغ فيها عن قدرة الشركة على الاستفادة من الذكاء الاصطناعى.
ومع ذلك، يختلف المشهد اليوم عن فقاعة التسعينات فى نقطة مهمة: هناك بالفعل شركات تمتلك نماذج ذكاء اصطناعى متقدمة، وقواعد بيانات هائلة، تستخدمها لتحقيق أرباح حقيقية، وبالتالى ليس كل ما يحدث فى السوق فقاعة، لكنه بالتأكيد ينطوى على مبالغة فى بعض التقييمات.
مستقبل غامض
فى ظل هذا التحول الهائل، تبدو البورصة الأمريكية مقبلة على مرحلة جديدة يصبح فيها "من يمتلك البيانات يمتلك القوة". لكن المستقبل لا يزال يحمل الكثير من الأسئلة: هل ستظل البيانات هى المحرك الرئيسى للتقييمات؟ وهل سيستمر المستثمرون فى المراهنة على الذكاء الاصطناعى كما يفعلون الآن؟ وهل ستسهم التشريعات الجديدة فى إعادة التوازن بين شركات التكنولوجيا وبقية القطاعات؟
ما يبدو مؤكدًا هو أن السوق أصبح أكثر ارتباطًا بالمعلومات، وأكثر حساسية تجاه أى تغير فى قدرة الشركات على جمع البيانات أو استخدامها. وبقدر ما يمثل النفط الرقمى فرصة هائلة للنمو، فإنه يحمل أيضًا مخاطر قد تغير خريطة المنافسة فى وول ستريت خلال السنوات المقبلة.
فى النهاية، يمكن القول: إن البيانات أصبحت -ليست فقط الوقود الجديد للاقتصاد- بل العملة الجديدة التى تحدد مكانة الشركات فى السوق، وترسم ملامح عصر اقتصادى مختلف جذريًا عما عرفناه سابقًا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.