وسط ما تشهده الدولة المصرية من طفرة تنموية غير مسبوقة، وإعادة ترتيب شاملة لأولويات استغلال الأصول العامة، تبرز تساؤلات مشروعة حول بعض الممتلكات التى لا تزال خارج حسابات الاستغلال الأمثل، وفى مقدمتها الاستراحات الحكومية المنتشرة فى مختلف المحافظات.. هذه الاستراحات، التى شيد معظمها فى فترات سابقة لتلبية احتياجات الجهاز التنفيذى، كانت آنذاك تقع على أطراف المدن أو فى مناطق شبه معزولة، قبل أن تمتد إليها الكتل السكنية، وتتحول بمرور الزمن إلى مواقع حيوية واستراتيجية داخل المدن أو على مقربة من محاور مرورية رئيسية، اليوم، نجد أن بعضها يمتد على مساحات شاسعة قد تتجاوز الفدان، بينما يقطنها تنفيذى واحد أو تستخدم لفترات محدودة للغاية.. السؤال هنا لا يطعن فى حق الدولة فى توفير السكن اللائق والآمن لقياداتها التنفيذية، لكنه يطرح رؤية أكثر اتساقا مع فكر الجمهورية الجديدة، التى تقوم على تعظيم الاستفادة من كل أصل، وإعادة توظيف الموارد بما يخدم الصالح العام ويحقق أعلى عائد تنموى ممكن. ففى ظل الزيادة السكانية المتسارعة، والحاجة الملحة إلى الأراضى داخل المدن لإقامة مشروعات خدمية أو تنموية، يصبح من المنطقى إعادة النظر فى جدوى استمرار تخصيص هذه المساحات الضخمة لسكن فردى، خاصة أن الدولة باتت تمتلك بدائل عمرانية حديثة ومخططة يمكن من خلالها توفير سكن ملائم وآمن للجهاز التنفيذى، دون الإخلال بمتطلبات العمل أو اعتبارات التأمين.. إن الدولة، تحت قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى، أطلقت نموذجاً جديداً للإدارة الرشيدة للأصول، يتجاوز المفهوم التقليدى للحيازة إلى مفهوم القيمة والعائد والاستدامة، ومن هذا المنطلق، فإن فتح ملف الاستراحات الحكومية لا يعد مساساً بالأشخاص أو بالمواقع الوظيفية، بل خطوة طبيعية فى مسار إصلاحى شامل يضع المصلحة العامة فوق أى اعتبارات أخرى.. قد يكون الأمر مجرد اقتراح، لكنه اقتراح يستحق الدراسة الهادئة، والطرح المؤسسى، والقرار الجريء، حتى تتحول هذه الأصول من مساحات مغلقة خلف أسوار عالية، إلى روافد حقيقية للتنمية، تتناغم مع روح الجمهورية الجديدة.