أستاذ أمراض النساء: إدخال لقاح RSV ضمن برامج حماية الحوامل يمثل نقلة نوعية في مجال صحة الأم والطفل أستاذ طب الأطفال: الفيروس التنفسي المخلوي شديد العدوانية لدى الرضع وأعراضه تتشابه مع نوبات الربو الحادة «الأمومة والطفولة»: أطلقنا منصات رقمية تقدم محتوى علمي مبسط للأسر لعزيز الوعي الصحي المبكر في ظل التحديات الصحية المتزايدة التي تواجه حديثي الولادة حول العالم، يبرز الفيروس التنفسي المخلوي (RSV) كأحد أخطر التهديدات الصامتة لصحة الرضع، خاصة خلال الأشهر الستة الأولى من العمر. ويُعد هذا الفيروس السبب الرئيسي لدخول أعداد كبيرة من الأطفال إلى المستشفيات سنويًا بسبب التهابات الجهاز التنفسي الحادة. وقد يصل في كثير من الحالات إلى مضاعفات خطيرة تهدد الحياة، لا سيما في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل. وبينما تتشابه أعراضه في بدايتها مع نزلات البرد، إلا أن تطوره السريع قد يؤدي إلى التهابات رئوية حادة وصعوبات شديدة في التنفس، ما يجعله أحد أبرز أسباب وفيات الرضع عالميًا. وسط هذه المخاطر، يحذّر خبراء في طب النساء والتوليد وطب الأطفال من خطورة الفيروس التنفسي المخلوي، مؤكدين أن الوعي المجتمعي والتطعيمات الحديثة يمثلان خط الدفاع الأول لحماية الرضع، وأن التطعيم أثناء الحمل بات أداة وقائية فعالة قادرة على إنقاذ آلاف الأرواح سنويًا. ◄ تحول جوهري في مفهوم التطعيم وفي هذا السياق، قال الدكتور محمد ممتاز، أستاذ أمراض النساء والتوليد ورئيس الجمعية المصرية لأمراض النساء والتوليد ومؤسس وحدة طب الجنين بجامعة القاهرة، إن العالم يشهد تحولًا جوهريًا في مفهوم التطعيم، حيث لم يعد الهدف قاصرًا على حماية الشخص الذي يتلقى اللقاح، بل امتد ليشمل حماية الجنين قبل ولادته. وأوضح أن التطعيم ضد الفيروس التنفسي المخلوي خلال الشهرين السابع أو الثامن من الحمل يسمح بانتقال الأجسام المضادة من الأم إلى الجنين عبر المشيمة، ما يمنح الرضيع حماية فعالة في أخطر شهور حياته بعد الولادة. ◄ برامج حماية الحوامل وأشار إلى أن فكرة التطعيم أثناء الحمل ليست جديدة، إذ طُبقت بنجاح في تطعيمات مثل التيتانوس والإنفلونزا وكورونا، إلا أن إدخال لقاح RSV ضمن برامج حماية الحوامل يمثل نقلة نوعية في مجال صحة الأم والطفل، خاصة مع توصيات الجمعيات الأمريكية والأوروبية المتخصصة في طب النساء والتوليد وطب الأطفال. وأضاف أن هذا اللقاح لا يساهم فقط في خفض معدلات الإصابة الشديدة، بل يقلل أيضًا الضغط على الحضّانات وأقسام الرعاية المركزة، لا سيما خلال فصل الشتاء. وأكد الدكتور محمد ممتاز أن الفيروس التنفسي المخلوي يصيب ملايين الأطفال سنويًا، وتكون مضاعفاته الأخطر خلال الشهور الأولى من العمر، لافتًا إلى أن نسبة كبيرة من إشغال الحضّانات في موسم الشتاء تعود لهذا الفيروس تحديدًا، وليس فقط لحالات الأطفال المبتسرين. كما حذّر من المفاهيم الخاطئة لدى بعض السيدات بشأن منع التطعيم أثناء الحمل، مشددًا على أن اللقاحات الموصى بها آمنة، وأن التوعية العلمية للأمهات والأطباء تمثل حجر الأساس لإنجاح أي برنامج وقائي. ◄ فيروس شديد العدوانية من جانبه، أكد الدكتور أحمد البلدي، أستاذ طب الأطفال بجامعة القاهرة ورئيس الجمعية المصرية للارتقاء بالممارسات الطبية في طب الأطفال، أن الفيروس التنفسي المخلوي ليس فيروسًا مستحدثًا، لكنه شديد العدوانية لدى الرضع، خاصة دون سن ستة أشهر، حيث تتشابه أعراضه مع نوبات الربو الحادة المصحوبة بصعوبة شديدة في التنفس والتهابات رئوية حادة. اقرأ ايضا| الصحة تطلق حملة توعوية: «اللقاح درع الأمان» وأشار إلى أن التقديرات العالمية الحديثة تشير إلى إصابة نحو 33 مليون طفل سنويًا بفيروس RSV، يدخل نحو 3.5 مليون منهم إلى المستشفيات، بينما تتجاوز الوفيات 100 ألف حالة سنويًا، وتتركز النسبة الأكبر من هذه الوفيات في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل، حيث تقل الإمكانات الطبية وسرعة الوصول للخدمات الصحية. وأوضح البلدي أن التحدي لا يرتبط بعدد الأطباء فقط، بل بجودة المنظومة الصحية ككل، ووجود فجوة بين التعليم الطبي والممارسة الإكلينيكية الفعلية. وأكد أن هذا التحدي دفع إلى تأسيس الجمعية المصرية للارتقاء بالممارسات الطبية في طب الأطفال، بهدف تدريب الأطباء على الطب الوقائي والتطعيمات الحديثة، وتحويل المعرفة العلمية إلى ممارسة آمنة قائمة على مصادر علمية موثوقة. ◄ فيروسًا مستحدثًا، لكنه شديد العدوانية وفي السياق ذاته، أكدت الدكتورة هيام نظيف، ممثلة المجلس القومي للأمومة والطفولة، أن المجلس يدعم بقوة السياسات الصحية التي تعزز صحة المرأة والطفل، وتسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة والاستراتيجية الوطنية حتى عام 2030. وأوضحت أن التطعيمات تُعد أحد أعمدة الوقاية الأساسية، وأن الاستثمار في صحة الأم خلال الحمل ينعكس مباشرة على صحة الطفل في سنوات عمره الأولى. وأضافت أن المجلس ينفذ برامج توعوية ومبادرات مجتمعية على مستوى المحافظات، من بينها مبادرة «دوري» بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، ومبادرة «تمكين الطفل المصري»، إلى جانب منصات رقمية تقدم محتوى علمي مبسط للأسر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بما يعزز الوعي الصحي المبكر. وأكدت أن أول ألف يوم في حياة الطفل تمثل حجر الأساس لصحته الجسدية والمناعية مستقبلًا. وفي ختام تصريحاتهم، أجمع الخبراء على أن التطعيم أثناء الحمل أداة وقائية آمنة وفعالة، وأن لقاح RSV يمثل خطوة فارقة في خفض معدلات الإصابة الشديدة ووفيات حديثي الولادة. كما شددوا على أن رفع الوعي لدى الأطباء والأسر ضرورة ملحة لتصحيح المفاهيم الخاطئة، مؤكدين أن حماية الجنين تبدأ من رحم أمه، وأن الوقاية المبكرة المدعومة بالعلم والبحث الطبي الحديث هي الطريق الأقصر والأكثر فاعلية لإنقاذ الأرواح وبناء جيل أكثر صحة.