محمد إسماعيل شهد موسم الصيف السينمائي هذا العام واحدًا من أكثر المواسم ازدحامًا منذ سنوات طويلة، ورغم أن صالات العرض عانت في مواسم سابقة من ضعف المعروض وتراجع الإقبال، فإن صيف 2025 بدا مختلفًا في الشكل من حيث عدد كبير من الأفلام ومحاولات واضحة من صناع السينما لاستعادة الجمهور بعد سنوات عديدة غير مستقرة. "أخبار النجوم" طرحت العديد من التساؤلات على النقاد لتقييم الموسم الصيفي السينمائي، منها: هل حققت الأعمال المطروحة قيمة فنية وجماهيرية حقيقية؟ أم كانت الأفلام بالفعل مجرد تكدس بلا روح؟ وأيضًا ظهرت ظاهرة جديدة تمثلت في عرض بعض الأفلام أولًا داخل مهرجانات مثل القاهرة والجونة قبل طرحها تجاريًا، وهو ما أثار تساؤلات حول فائدة هذه الظاهرة ودورها في دعم أو إضعاف فرص تلك الأعمال السينمائية المعروضة. شملت قائمة الموسم السينمائي الصيفي العديد من الأفلام وهي: "المشروع X" لكريم عبد العزيز وإياد نصار، "أحمد وأحمد" لأحمد السقا وأحمد فهمي، "ريستارت" لتامر حسني وهنا الزاهد، "الشاطر" لأمير كرارة وهنا الزاهد، "درويش" لعمرو يوسف ودينا الشربيني، "روكي الغلابة" لدنيا سمير غانم، و"ماما وبابا"، بالإضافة إلى أفلام أخرى مثل "في عز الظهر" لمينا مسعود. في البداية تقول الناقدة ماجدة موريس إن موسم صيف 2025 كان مهمًا لأنه أعاد الاهتمام بالمواطن المصري وشخصيته الحقيقية في المجتمع في السينما، سواء في الطبقة الشعبية أو في حضور المرأة كقائدة، وأبرز دليل على حديثي فيلم "روكي الغلابة" لأن دنيا سمير غانم نجحت في تحمل عبء ومسؤولية فيلم جماهيري بمشاركة محمد ممدوح، وهو ما يعيد الاعتبار للبطولات النسائية التي افتقدتها السينما خلال فترة طويلة. وتنتقد ماجدة موريس ما تعتبره استسهالاً في الكوميديا، مؤكدة أن بعض الأعمال الكوميدية هذا الموسم اعتمدت على الارتجال أو تكرار النكات نفسها التي ظهرت في أعمال درامية ومسلسلات سابقة، لكنها أيضًا في نفس الوقت تشيد بتجارب حاولت تقديم كوميديا نظيفة وبسيطة دون اللجوء إلى الإسفاف، وتشير إلى أن وجود تنوع في الكوميديا هذا العام كان لافتًا حيث ظهر لون يعتمد على الذكاء والسخرية الخفيفة وليس فقط الكوميديا الحركية أو اللفظية. وفي ما يتعلق بالأفلام التي عُرضت في مهرجانات قبل نزولها تجاريًا، فترى ماجدة موريس أنها استفادت بشكل مباشر لأن الجمهور أصبح ينظر إلى الأفلام التي تُعرض في المهرجانات باعتبارها أعمالًا تستحق المشاهدة، فمنصة المهرجان أصبحت وسيلة تسويق غير مباشرة تمنح الفيلم قيمة فنية مسبقة وتجذب قطاعًا أكبر من الجمهور... لكنها في الوقت نفسه تشير إلى أن بعض الأفلام التي خرجت من المهرجانات لم تستطع الصمود تجاريًا، وذلك بسبب اختلال توازنها بين الفن والسوق، مؤكدة أن السينما لا تعيش بالمجاملات النقدية فقط. في حين يقول الناقد أحمد سعد الدين إن موسم الصيف نجح تجاريًا على مستوى الحضور الجماهيري، وذلك بالكم وليس الكيف، مؤكدًا أن كثافة الأفلام ليست مؤشرًا على عودة السينما إلى الصدارة واستعادة بريقها من جديد، بل هي محاولة واضحة من شركات الإنتاج لحجز أماكنها في السوق، مشيرًا إلى أن أغلب الأعمال اعتمدت على المضمون، سواء كانت كوميديا اجتماعية أو أكشن تقليدي أو رومانسيات خفيفة، وهي أنواع تلقى رواجًا صيفيًا لكن دون مغامرة. ويفسر سعد الدين ذلك بأن المنتجين أصبحوا أكثر حذرًا من أي مجازفة فنية قد تُعطل فرصهم في شباك التذاكر، خاصة مع تغير ذوق الجمهور واتساع خيارات المشاهدة عبر المنصات، وهناك أعمال إلى الآن كانت وستظل حبيسة الأدراج ولم تظهر إلى النور، ومن وجهة نظره فإن النجوم الذين تصدروا الموسم مثل أمير كرارة وتامر حسني وعمرو يوسف اعتمدوا على حضورهم الجماهيري دون تطوير كبير في اللغة البصرية أو في طبيعة الشخصيات التي يقدمونها، مما جعل الأفلام مطمئنة للجمهور أكثر من كونها إبداعية. وعن التنوع في هذا الموسم يشير سعد الدين أنه موجود لكن على الورق فقط، فوجود أفلام أكشن وكوميديا ودراما لا يعني بالضرورة اختلافًا حقيقيًا في مضمونها أو معالجتها، ويضرب مثالًا بفيلم "الشاطر" الذي حمل بصمات أكشن تجاري مباشر، وفيلم "ريستارت" الذي أعاد تامر حسني إلى خلطة الرومانسية الخفيفة مع جرعة كوميديا، بينما قدم "درويش" قصة ذات طابع روحي وشعبي لكنها ظلت محسوبة على المنطقة الآمنة دراميًا. أما عن الأفلام التي عُرضت في مهرجانات قبل نزولها تجاريًا، فيؤكد سعد الدين أن الاستفادة جاءت نقدية أكثر منها جماهيرية، فالعروض في المهرجانات جعلت بعض الأفلام تحظى بضجة أولية، لكن الجمهور العريض لم يتأثر كثيرًا، وأن بعض الأعمال خسرت جزءًا من حماس الجمهور عند الطرح لأنها لم تُقدم على أنها تجربة جديدة، بقدر ما كانت أعمالًا تم اختبارها من قبل، وبعض منتجي هذه الأفلام راهنوا على الدعاية في المهرجانات لكنها لم تتحول إلى مكاسب واسعة كما توقعوا. أما الناقد محمود قاسم فيقول إن التنوع الحقيقي في الموضوعات، فالأفلام المعروضة هذا الصيف لم تكن متشابهة من الأساس، بل حاول بعضها كسر القوالب التقليدية ولو بدرجات متفاوتة، ففيلم "روكي الغلابة" قدم روحًا مختلفة داخل الكوميديا العائلية معتمدًا على ثنائية دنيا سمير غانم ومحمد ممدوح، بينما جاء "المشروع X" ليقدم معالجة أكثر جدية وقريبة من دراما الإثارة الفكرية رغم اعتماده على نجم جماهيري ككريم عبد العزيز. ويضيف قاسم أن هذا التنوع كان غائبًا خلال السنوات الأخيرة حين سيطر الأكشن الخفيف والأعمال ذات الإنتاج الضخم دون عمق حقيقي، لكن في الوقت نفسه فإن التنوع وحده لا يعني ارتقاء المستوى الفني، إذ لا يزال المشروع السينمائي المتكامل غائبًا إلى الآن، فمعظم الأفلام تفتقد البصمة الإخراجية الواضحة، والنصوص تعاني من تكرار الصراعات ذاتها، والاعتماد على الكوميديا اللحظية أو الإثارة السريعة الذي أصبح المخرجون يستسهلونه. ويرى قاسم أن العرض في المهرجانات قبل التجاري كان مفيدًا لعدد من الأفلام، خصوصًا تلك التي تحمل فكرة أو خطابًا فنيًا أو اجتماعيًا يحتاج إلى تمهيد نقدي، فمهرجانا القاهرة والجونة قدما فرصة لبناء سمعة مسبقة ساهمت في زيادة اهتمام الجمهور، خاصة المشاهدين الباحثين عن تجارب جديدة، ولكن للأسف بعض هذه الأفلام فُهمت خطأ على أنها سينما مهرجانات فقط، ما جعلها تُعامل جماهيريًا كأعمال للصفوة رغم أنها ليست كذلك. ويشير قاسم إلى أن المشكلة الكبرى ليست في الأفلام نفسها بل في توقيتات عرضها والتسويق المصاحب لها، فمع ازدحام الموسم لم تحصل بعض الأعمال على فترة كافية لتلتقط أنفاسها أو تبني جمهورها، وهو ما جعل عددًا من الأفلام يخرج من السباق سريعًا رغم امتلاكه مقومات فنية أفضل من غيره. اقرأ أيضا: بعد سلسلة من التأجيلات.. طرح فيلم «أسد» لمحمد رمضان في يونيو 2026