ماذا يحدث فى شارع المُعز؟ الشارع الذى يحمى ألف عام وأكثر من الحياة عبر عصور مختلفة. إنه شارع الزمن كما أحب أن أصفه، فكلما مشيتُ فيه خطوة كأننى أعبر نفقًا طويلًا عميقًا يحملنى من زمن إلى زمن. الشارع الذى أُنقذ قبل ثلاثين عامًا بمشروع ترميمه وحمايته من الغرق ومحو ماضيه، يحتاج اليوم إلى ما هو أكثر من الترميم؛ يحتاج إلى إنقاذه من العشوائية التى تسرّبت إليه من مقاهٍ ومحلات وزوار وباعة. ليس مقبولًا أن يتحول أقدم شارع فى مصر، شارع يحفظ حضارات متعددة، إلى محمية لسلوكيات تُلوِّث هذا الأثر العظيم. أزور المُعز مرات كثيرة فى السنة، ليس فقط لأننى أحبه، بل لأننى أرى فيه عبقرية القاهرة التى وُلدت هنا، وأستعيد كمَّ الأحداث والحكايات التى قرأت عنها وقد وقعت فى هذه الأزقة والحارات. كما أطمئن على ما تبقّى من حِرف يدوية أصيلة تسكن ورشًا صغيرة تتنفس فى حواريه؛ من النحاسين إلى الصاغة والصالحيّة. شارع المُعز يستحق عناية ورعاية فائقة. يستحق وضع قوانين صارمة للمحلات والمقاهى كى تلتزم بحماية المكان من اختراقه بأصوات المكبرات المزعجة، واحتلال الأرصفة، وتشويه الواجهات. يجب توحيد لافتات كل متجر بما يليق بمتحفٍ مفتوح للتاريخ. أرجو من وزراء السياحة والآثار والثقافة زيارة هذا الشارع العتيق والتحدث مع شاغلى الدكاكين، لإعادة الهيبة والبهاء إلى هذا المكان الذى لا مثيل له فى العالم. فالمعز ليس شارعًا عاديًا.. إنه حكاية القاهرة نفسها، لا يجوز أن نسمح لها بأن تُنسى أو تُشوَّه.