في زمنٍ تتشتت فيه الخطوات وتضيع فيه القدوة الحقيقية بين ضوضاء الشاشات، يخرج وجهٌ مصري يليق بالاحترام... شاب لم ينتصر بقوة البصر، بل بنور البصيرة. إنه عبد الرحمن مهدي خليل، ابن قرية طبلوها بمركز تلا بمحافظة المنوفية، الذي كتب اسمه هذا العام في سجل الأبطال بعدما حصد المركز الأول عالميًا في مسابقة مصر العالمية لحفظة القرآن الكريم – الدورة الثانية والثلاثين، ليعيد للقرآن مكانته في قلوب الشباب ويقدم نموذجًا مضيئًا لكل شرائح المجتمع. اقرأ أيضًا| سهام فودة تكتب: دولة التلاوة.. ترند نظيف أيقظ الفطرة لم يكن ظهوره على منصة التتويج حدثًا عابرًا، بل تتويجًا لمسيرة صبرٍ طويلة، ومسار بدأت خطواته الأولى داخل جمعية للمكفوفين، حيث كانت أول مشاركة رسمية له في مسابقة لحفظ القرآن الكريم، ليحقق المركز الأول بين ذوي الهمم في أول اختبار حقيقي، ويثبت أن الإرادة قادرة على شقّ طريقها مهما كانت الظروف. وزاد هذا الحضور رسوخًا حين حصد عبد الرحمن مهدي المركز الأول عالميًا للمرة الثانية على مستوى جمهورية مصر العربية ودول العالم الإسلامي، بعد سلسلة من التصفيات الدولية في المسابقة العالمية لحفظ القرآن وتجويده وتفسيره وقراءاته – الفرع السادس. إنجاز لم يأتِ من فراغ، بل من قلبٍ تعلّق بكتاب الله حتى أتمّ حفظه كاملًا كرمز من رموز ذوي الهمم، برواية حفص عن عاصم أو ورش عن نافع أو كليهما، إلى جانب إتقانه لتفسير الجزء الثلاثين وفق كتاب البيان على المنتخب في تفسير القرآن الكريم. إنها خطوة تؤكد أن هذا الشاب يستحق كل دعم وتقدير، وأن ما يحمله من نور يتجاوز حدود الجهد البشري إلى معنى أعمق اسمه: الإخلاص. لم يعد عبد الرحمن مجرد متسابق فاز بالمركز الأول، بل أصبح رسالة حيّة لكل شاب وفتاة تبحث عن طريق مختلف... طريق لا يحتاج إلى شهرة، ولا يُقاس بالتفاعل، بل يُقاس بما يتركه في القلب من أثر. رسالته تقول إن النجاح لا يحتاج إلى ضجيج، وإن القرآن قادر على أن يصنع من ذوي الهمم قممًا، ومن التحديات أبوابًا للضياء، ومن قصص صغيرة صفحات خالدة. هذا الإنجاز لم يرفع اسم عبد الرحمن وحده، بل رفع اسم أسرته التي احتضنت حلمه، وجمعيته التي تبنّت موهبته، ومحافظته التي تفخر بواحد من أبنائها، وبلده الذي يجد في أمثاله برهانًا على أن مصر لا تزال تحمل في طياتها طاقة نور لا تُطفأ. عبد الرحمن مهدي قصة نور لا تعرف الانطفاء. اقرأ أيضًا| «هندسة على ثلاث عجلات».. بائع فاكهة يصنع الأمل من «الألم»