■ بقلم: زكريا أبوحرام منذ سنوات كتبت مقالًا تحت عنوان «عودة للزمن الجميل»، قلت فيه إن الجواهرجي هو من يتعامل مع الذهب، ويعرف قيمته، ويحدد ثمنه، ويعرف الأصلي منه والمغشوش، أو الفالصو كما يقول العامة، والجواهرجي ليس من يتعامل مع الذهب المعدن فقط، بل من يستطيع أن يكتشف ما بداخل البشر من إبداع وموهبة، حتى ولو علاه التراب، ينفضه عنه، ويقدمه في صورته الحقيقية للناس تستمتع بما يمكن أن يقدمه، هذا ما فعله كثيرون من قبل، اكتشفوا العديد من المواهب وقدموها. وتساءلت يومها: لماذا لم تتكرر التجربة؟ الإجابة ببساطة ليس لعدم وجود مواهب، فمصر زاخرة بكل المواهب في كل المجالات، لكن هناك غبارًا يحتاج إلى من يرفعه، ويكشفه لينكشف ما تحته، من قدرات هائلة على العطاء وعلى الإبداع، ولكن أين الكشافون والجواهرجية الذين يملكون القدرات العالية لكشف المواهب، غياب مثل هؤلاء هو الذي ساهم في انتشار العشوائيات، من حولنا، فالعشوائيات ليست فقط، هي تلك المناطق التي نطلق عليها هذا الاسم، بل العشوائية «أو ما يسميه رجال الإدارة غياب التخطيط»، في كل مجال. في الماضي، أو ما يحلو للبعض منا أن يسميه بالزمن الجميل نتغنى ونفاخر به، كان هناك هؤلاء الكشافون والجواهرجية في كل مكان، وفي كل مجال، ولا بد أن نعيد تقاليد هذا الزمن في كشف المواهب وإبرازها ودفعها للأمام فمصر دائمًا ولادة، وعندما ننظر إلى حال المصريين في كل دول العالم عندما يجدون من ينتبه إلى مواهبهم وينفض عنها التراب، ماذا يفعلون، يجيدون، ويتبوأون أعلى المناصب، في مختلف الإبداعات. ما تقدمه الشركة المتحدة في برنامج «دولة التلاوة»، إعادة بامتياز لتقاليد الزمن الجميل في البحث عن المواهب وتقديمها للناس، وما تم عرضه من حلقات يؤكد أن مصر لديها الكثير وأنها لا تزال في القمة لا ينافسها أحد، فماذا لو تكررت هذه التجربة في كل المجالات؟ ماذا لو بحثت الدولة عن هؤلاء الجواهرجية والكشافون؟ وسلحتهم بالحوافز والإمكانات، حتى يقدموا، أفضل المواهب في مصر لدعم مسيرة التقدم فيها.