المصريون امتلكوا سر صنعة مدفع الرعد القاهرة تحولت من مستهلك للسلاح إلى قاعدة تصدير ال"K9" المصرية طابقت معايير الجودة الكورية إيديكس 2025" أثبت ريادة مصر الدفاعية نتطلع لمزيد من أنظمة تسليح مستقبلية تحمل شعار صُنع في مصر قبل أيام أسدل الستار على فعاليات معرض مصر الدولي للصناعات الدفاعية "إيديكس 2025"، الذي شهد هذا العام زخماً غير مسبوق، مؤكداً مكانة القاهرة كلاعب محوري في خريطة الدفاع العالمية. وسط الأجنحة الدولية، كان الجناح الكوري الجنوبي، وتحديداً شركة "هانوا إيروسبيس" (Hanwha Aerospace)، محط أنظار الخبراء والحضور ليس فقط لما تعرضه من تكنولوجيا متطورة، بل لكونها الشريك الأبرز لمصر هذا العام في قصة نجاح "توطين الصناعات العسكرية" عبر مشروع المدفع الأكثر تطورا وقوة "K9" المعروف باسم مدفع 'الرعد" المهيب. اقرأ أيضًا: رئيس الهيئة العربية للتصنيع: «إيدكس 2025».. منصة لإظهار قدراتنا الصناعية والدفاعية وتعد "هانوا" واحدة من أكبر مؤسسات الصناعات الدفاعية في كوريا الجنوبية، وتسعى إلى إعادة تعريف علاقاتها مع دول الشرق الأوسط وخاصة مصر وتتعامل معها ليس ك"مورد للسلاح فحسب"، بل كشريك في تأسيس قواعد صناعية دفاعية محلية بالمنطقة. وفي حوار خاص بعد ختام المعرض، ألتقت الأخبار "إيل سونج"، مدير "هانوا" الكورية للصناعات الفضائية والدفاعية في الشرق الأوسط وأفريقيا، ليكشف لنا عن كواليس هذا التعاون، ومستقبل الشراكة الاستراتيجية، وكيف تحولت مصر من مرحلة التجميع إلى مرحلة التصنيع الكامل. بداية.. بعد انتهاء فعاليات "إيديكس 2025"، كيف تقيمون التنظيم المصري لهذا الحدث العالمي؟ بكل صراحة، كان "إيديكس 2025" مسرحاً مهيباً وفرصة عظيمة عكست للعالم أجمع حجم القدرات الدفاعية لمصر ومكانة صناعتها العسكرية المتنامية، ولقد خرجنا من هذا المعرض بتأكيد جديد على رؤيتنا المتمثلة في "شراكة طويلة الأمد" مع مصر. التنظيم كان مبهراً، والحضور الدولي كان كثيفاً، وهو ما يمهد الطريق لنرى ثماراً أكبر في الدورة القادمة عام 2027، حيث نتطلع لرؤية المزيد من أنظمة تسليح مستقبلية تحمل شعار "صُنع في مصر". الزائر للجناح المصري يرى بفخر النسخة المصرية من المدفع "K9 EGY". بصراحة، هل كان أداء المصانع والكوادر المصرية مطابقاً لمعايير الجودة الكورية الصارمة لديكم ؟ ما تحقق هو تبلور لمصداقية "هانوا" في الوفاء بوعودها. أستطيع أن أؤكد لكم أن مدافع الهاوتزر "K9" التي تم إنتاجها في المصنع المصري قد اجتازت نفس اختبارات ومعايير الجودة القاسية المطبقة على تلك المنتجة في كوريا تماماً. لقد أذهلنا التفاني الكبير الذي أظهره المهندسون والفنيون المصريون، وأنا واثق تماماً أن مصر باتت تمتلك القدرة على الإنتاج المستقل لمدافع هاوتزر الأقوى في العالم. الحديث عن "نقل التكنولوجيا" كثير، لكننا نريد أن نفهم العمق الحقيقي.. هل اكتفت مصر بالتجميع أم امتلكت "سر الصنعة"؟ نحن في "هانوا" لا نستهدف مجرد التجميع، بل ندعم "الاستقلال التكنولوجي الكامل". لقد قمنا بنقل التقنيات التأسيسية التي تمكن مصر من الغوص أعمق من السطح. مصر اكتسبت الآن المعرفة العملية (Know-how) التي تتيح لها قيادة صناعتها الدفاعية باستقلالية في المستقبل، وهو ما يتطابق مع رؤية الدولة المصرية للتصنيع. بما أن مصر امتلكت خط الإنتاج، هل سنتمكن مستقبلاً من ترقية هذه المدافع إلى طرازات أحدث (مثل K9A2 أو K9A3) محلياً دون الحاجة لاستيراد وحدات جديدة؟ هذه هي الميزة الجوهرية للتصنيع المحلي القائم على نقل التكنولوجيا. بما أن مصر تمتلك الآن خط الإنتاج والكوادر الفنية المدربة، فقد أسست قاعدة صلبة تتيح لها تنفيذ ترقيات لهذه الإصدارات الحديثة محلياً. هذا سيكون أكثر كفاءة واقتصادية بكثير مستقبلاً. البعض يلقبكم ب "لوكهيد مارتن كوريا" لتنوع منتجاتكم.. هل هناك نية لنقل خبراتكم في مجالات أخرى مثل الدفاع الجوي أو صيانة محركات الطائرات لمصر؟ نحن الشركة الوحيدة في كوريا التي تمتلك قدرات شاملة تبدأ من إنتاج محركات الطائرات وصولاً إلى صيانتها (MRO)، بالإضافة إلى حلول الفضاء والدفاع الجوي المتقدم مثل "L-SAM".. الباب مفتوح دائماً لتوسيع التعاون ليشمل تقنيات صيانة المحركات الجوية أو أنظمة الدفاع الصاروخي عالية الارتفاع، وذلك وفقاً لخطط التحديث الخاصة بالدول المتعاونة معنا . بالحديث عن التكنولوجيا المتقدمة، نجحتم مؤخراً في إطلاق صاروخ الفضاء "نوري". كيف ينعكس هذا التفوق الفضائي على جودة السلاح الذي تقدمونه لمصر؟ شكراً لكم. في نوفمبر 2025، نجحنا في الإطلاق الرابع لصاروخ "KSLV-II" عبر دمج أكثر من 370,000 مكون. هذه الخبرة الفضائية تنعكس مباشرة على الدفاع؛ فأنظمة التحكم الدقيق في نيران ال "K9" وأنظمة التوجيه في صواريخ "تشونمو" هي نتاج لهذه المعرفة التكنولوجية المتكاملة، مما يضمن لمنتجاتنا دقة وموثوقية هي الأعلى عالمياً. مصر تخطط لتكون مركزاً إقليمياً.. هل لديكم خطط لاستخدام مصر كقاعدة لتصدير منتجاتكم لأفريقيا والشرق الأوسط؟ بالتأكيد. مصر هي محور استراتيجي يربط القارتين. بفضل موقعها والقدرات التصنيعية التي تراكمت من مشروع ال "K9"، نتوقع أن تلعب مصر دوراً محورياً كمركز لتصدير منتجاتنا لأسواق المنطقة. نحن نرى إمكانية حقيقية لأن تتجاوز مصر دور المستهلك لتصبح قاعدة تصدير لقطع الغيار والذخيرة، ونحن مستعدون لدعمها لتكون "المُصدّر" الرئيسي لأفريقيا. ماذا تستفيد كوريا الجنوبية من هذا الإنتاج المشترك في مصر؟ لقد أصبحنا لا ننظر إلى التعاون الدفاعي كصفقات بيع مؤقتة لمنتجاتنا (الدفاعية)، بل كشراكات طويلة الأمد لبناء قدرات حقيقية". والشراكة هنا استراتيجية للطرفين. مصر هي رائدة الأمن في المنطقة، ونجاحنا هنا هو "ختم ضمان" يثبت للعالم أن تكنولوجيا "هانوا" ونموذجنا في التعاون (Win-Win) ناجح وفعال لكل الاطراف. كما أن وجود قاعدة إنتاج محلية مستقرة هنا يعزز مرونة سلاسل التوريد العالمية لدينا ويفتح أمامنا أسواقاً مستقبلية أكبر معاً. ختاماً.. بعد سنوات من العمل المشترك، ما هو انطباعكم الشخصي عن العمل مع المصريين؟ مصر وكوريا تتشاركان قيماً أصيلة مثل احترام التاريخ والتفاني في العمل. لقد تأثرت جداً بصلابة وقدرات شركائنا المصريين؛ لم يستسلموا أبداً أمام أي تحدٍ تقني، بل عملوا معنا كتفاً بكتف لإيجاد الحلول. نحن لا نشعر أننا مجرد متعاقدين، بل شركاء حقيقيون يتبادلون الثقة الكاملة.