دعوى غريبة، وعجيبة حسمتها المحاكم الألمانية، حيث أغرب مافي القضية أن المدعية فيها "قطة"، فما كان من القضاة إلا أن يحسموا حق القطة في الميراث من صاحبتها وقدره مليون ونصف مليون مارك ألماني.. أي مايعادل آنذاك 3 ملايين جنيه مصري، بحسب مانشرت جريدة أخبار الحوادث عام 1993. السطور التالية تروي حكاية أغرب قضية بالمحاكم الألمانية، وأغنى قطة في العالم. اقرأ أيضًا| حكاية الفنانة عزيزة أمير مع طلعت باشا حرب.. لماذا اتهمها بالجنون؟ البداية كانت في إحدى قرى الجنوب الألماني (فست رين) الواقعة على بحيرة، حيث كانت "تريزا أرشوف" (76 عاما) تتنزه بإحدى الغابات، صادفت قطة صغيرة جائعة، لم تستطع أن تتركها وحدها بعدما شاهدت نظراتها المذعورة الجائعة، فأخذتها معها لتربيتها بمنزلها الكبير لعلها تؤنس وحدها، وخصصت لها حجرة بمنزلها المترامي الاطراف، وأطلقت عليها اسم "مينكا"، وانتظمت في إحضار الطعام لها يوميا من قطع اللحم الكندوز، ولحم الخنزير، واحتوتها بالحب والحنان والرعاية. فقد أعطت القطة لحياة "تريزا" المرأة العجوز صوتا ودفئا كانت في حاجة اليهما وعندما شعرت "تريزا" بقرب أجلها، ذهبت إلى أحد موثقي العقود، وأملت عليه وصيتها التي نصت على انتفاع القطة "مينكا" بمنزل "تريزا" الكبير وتعيش فيه على الدوام، وأوصت بكل الثروة لتربية ورعاية القطة، ويجلب لها بصفة مستمرة "جليسة أطفال" لرعايتها حتى لاتشعر بالوحدة، وكما اشترطت "تريزا" ألا ينفق أي مبلغ من الثروة التي تقدر بمليون ونصف مليون مارك إلا على القطة الصغيرة. توفيت "تريزا" بعد شهور قليلة من كتابة وصيتها، وتركت كل ثروتها لقطتها، وطبقا للقانون الألماني حيث لايحق للفرد أن يوصي بثروته لحيوان بصورة مباشرة، فما كان من "تريزا" إلا أن كتبت ثروتها لإحدى الطوائف الكنسية، مع المطالبة بصرف الثروة على القطة مع توفير من يقوم برعايتها، لأن الرهبان لن يستطيعوا توفير هذه الرعاية لقطة. وأوصت "تريزا" جاراتها، وصديقاتها بالاطمئنان على قطتها ورعايتها، ولكن فجأة وبدون مقدمات انقطع "باستور الفونس" المكلف بأمر ثروة القطة "مينكا" عن دفع النقود "للجليسات" لرعاية القطة، واعطائهن النقود أيضا لاطعامهن اللحم كما كن يأكلن من قبل. وماإن علمت إحدى صديقات "تريزا" المتوفاة، وتدعى "اديل تراوت فانزلو" أسرعت برفع دعوى ضده باسم القطة تطالبه بأن ينفذ وصية صديقتها "تريزا". وكانت إجابة "باستور الفونس" عندما سألته المحكمة عن سبب امتناعه عن الصرف على القطة.. قال: إن القطط تجمع طعامها بنفسها من بقايا الطعام في الطرقات، وصيد الفئران، أما تدليل هذه القطة بتركها تعيش وحدها في منزل كبير وشراء اللحم لها دائما، فهذا أمر لايقبله عقل وجاء حكم المحكمة لصالح القطة، وذكرت في حيثيات الحكم، حتى لو لم يقبل عقل "باستر الفونس" صرف مبالغ طائلة على حيوان صغير إلا إنه ملزم بتنفيذ الوصية التي وعد صاحبتها قبل وفاتها بتنفيذها. وعليه أن يدفع 300 مارك شهريا أجرا لجليسة ترعى القطة، واستمراره في إطعامها من نفس الطعام الذي كان يقدم لها قبل وفاة صاحبتها "تريزا" وبالرغم من أن القطة ليست فردا عاقلا يملك الحق في التصرف في نقوده إلا أن المحكمة لاتستطيع أن تتجاهل انها بالفعل مالكة هذه الثروة الطائلة، وإن كانت تحت الوصاية إلا إنه من حقها أن توفر لها الرعاية والحب والطعام الجيد تماما كما رغبت في ذلك صاحبتها "تريزا" قبل وفاتها مهما تكلف الأمر، فالنقود أولا وأخيرا نقود القطة، وليس من يقوم بالوصاية عليها. وبهذا كسبت القطة القضية!.