لم يعد عالم مستحضرات التجميل يقتصر على تحسين المظهر الخارجي، بل أصبح يرتبط بالاستدامة والصحة وجودة الحياة.. ومع تصاعد الاهتمام عالميًا بالمنتجات الطبيعية والآمنة، برزت تجربة الصيدلانية مها عدلى الجعفري، التى نجحت فى تقديم نموذج مصرى مبتكر ينافس.. وحصدت عددا من الجوائز محليًا وعالميًا. اقرأ أيضًا | هل تحتاج مستحضرات التجميل إلى الثلاجة للحفاظ على فعاليتها؟ «مها» خريجة كلية الصيدلة جامعة الإسكندرية دفعة 2001، رفضت المسار التقليدى بالعمل فى صيدلية أو مستشفى، واتجهت لإدارة مركز ثقافى يقدم ورشًا للأطفال والأمهات، لمساعدتهن على التفاعل مع أطفالهن بطريقة إيجابية، لكن مع جائحة كورونا وتوقف الأنشطة، عادت إلى تخصصها فالتحقت بدبلومة فى مجال مستحضرات التجميل وريادة الأعمال، لتبدأ مرحلة جديدة من حياتها المهنية. اختارت الصيدلانية ذات الروح المتمردة أن تتميز فى تصميم التركيبات، حيث ابتعدت عن فكرة استنساخ وصفات جاهزة وابتكرت تركيبات مدروسة علميًا تناسب البشرة المصرية، لاحظت مها أن بعض المنتجات العالمية قد تعمل مع شخص واحد وتحقق نتائج ممتازة، بينما لا تعطى نفس النتيجة مع آخرين، بسبب اختلاف الجينات والبيئة ونمط الحياة، لهذا ركزت على تصميم تركيبات تلائم احتياجات كل عميل بشكل فردي، مع مراعاة الفروق الشخصية، لتكون فعّالة وآمنة لجميع العملاء. لم تكن دراستها وحدها كافيًة، فحرصت مها على استكمال تعليمها عبر دبلومات متخصصة وكورسات عملية فى مجالات مستحضرات التجميل، وريادة الأعمال، والتسويق، والمالية، والقوانين المنظمة. كما أولت اهتمامًا بمسألة الأسعار، فبدلًا من دفع آلاف الجنيهات فى منتجات مستوردة، يمكن الحصول على تركيبات فعالة بسعر مناسب لوضع الأسرة المصرية، ما شجع شريحة واسعة على الاعتماد على المنتجات المحلية.. مها تبنى مشروعها على نهج صديق للبيئة، من خلال نظام إعادة التعبئة الذى يتيح للعملاء إعادة العبوات الفارغة مقابل خصم 10%، وهو ما يساهم فى تقليل استهلاك البلاستيك وحماية البيئة، بالإضافة إلى توفير تكلفة على المستهلك. حصدت مها سلسلة من الجوائز والمنح المرموقة، من بينها جائزة «رابحة» من الأممالمتحدة بالتعاون مع الجامعة الأمريكية والسفارة الأمريكية، التى جاءت بعد منافسة قوية بين عشرات المشاركين وكانت علامة فارقة فى مسيرتها، كما حصلت على منحة من الاتحاد الأوروبي، وانضمت إلى أكاديمية رائدات الأعمال، وحصلت على منحة من الجامعة الأمريكية، بجانب جوائز محلية ودولية أخرى. وقد فتحت هذه الجوائز أمامها آفاقًا أوسع للتشبيك والمشاركة فى فعاليات عالمية، مثل معرض قبرص الذى وفر لها فرصًا للتصدير. ولم تقتصر منتجاتها على النساء فحسب، بل شملت الرجال والأطفال وكبار السن. وتحرص دائمًا على تقديم الاستشارة الصادقة؛ فإذا واجهت حالة تستدعى تدخلًا طبيًا، تنصح بمراجعة الطبيب أولًا قبل تحديد ما يناسبها من منتجات، ما يعكس التزامها بالمسئولية المهنية والإنسانية، بعيدًا عن منطق البيع فقط. تقول مها الجعفرى فى لقاء مع «الأخبار» «الثقة التى اكتسبتها من العملاء مثّلت أكبر دافع للاستمرار، حيث أكد كثيرون أنهم لمسوا نتائج ملموسة فى وقت قصير، وتوقفوا عن شراء المنتجات المستوردة بعد تجربتها، الرحلة لم تخلُ من مواقف لافتة، فقد لاقت المنتجات إعجاب الأجانب الذين طلبوا منى فتح فروع للمنتجات المميزة بدولهم، وعلى الصعيد المحلى وجدت دعمًا قويًا من أسرتى وأصدقائي، شجعنى شقيقى محمد وكان أول من دعمنى ماليًا، كما حصلت على مساندة الدولة عبر المجلس القومى للمرأة ووزارة التنمية ووزارة الاتصالات، التى ساعدتنى بفاعلية على المشاركة فى المعارض الدولية». قصة مها عدلى الجعفرى تؤكد أن النجاح ليس مجرد صدفة، بل ثمرة إصرار وتجربة وتعلم مستمر. ومن فكرة صغيرة بدأت بعد عشرين عامًا من التخرج، ولدت علامة مصرية قادرة على المنافسة، تحمل رسالة أن العمر ليس حاجزًا، وأن الحلم ممكن إذا اقترن بالعمل والإصرار، لتتحول المبادرات الفردية إلى مشاريع قادرة على رفع اسم مصر فى الأسواق العالمية.