يتميز الاقتصاد المصرى بمزايا عدة، من بينها مرونته، وتنوعه، وأهم ما يميزه العنصر البشرى المدرب، لا أتحدث عن العمالة الماهرة التى فقدنا ريادتنا فيها لحين إشعار آخر، ولكن أتحدث عن العنصر البشرى من خريجى الكليات التكنولوجية وكليات هندسة الكمبيوتر وتكنولوجيا المعلومات، والحاسبات والمعلومات وحديثا الذكاء الاصطناعى، فهذه الوفرة التى تتيحها مصر، أصبحت بمثابة منجم الذهب البكر الواعد باحتياطياته اللانهائية، ولأول مرة أصبحت مصر قادرة على تصدير خدمات رقمية تدر على خزينة الدولة قرابة 5 مليارات دولار بنهاية هذا العام، عبر شركات التعهيد التى بدأت تتوسع بأعمالها فى مصر. هذا ملف مشرق ويدعو إلى الفخر والتفاؤل وقد انتبه له الرئيس عبد الفتاح السيسى منذ عام 2018 ووجه الحكومة لتهيئة البيئة الجاذبة للشركات التكنولوجية العالمية لكى تدير بوصلتها الى مصر التى تتمتع ببنية تكنولوجية قوية وعناصر بشرية تتميز بالكفاءة. ولمن لا يعلم فشركات التعهيد هى ببساطة شركات أجنبية تفتتح لها مراكز فى مصر، للتغلب على ندرة العمالة وتكلفتها العالية، وتقوم بتعيين كفاءات شابة لتقديم خدمات رقمية مثل البرمجة والرقمنة والذكاء الاصطناعى وتصميم دوائر إلكترونية لعملاء خارج مصر، هذا الامر يتيح فرص عمل ذهبية للشباب بمرتبات تنافسية وهو داخل مصر. مؤخرا التقى الرئيس السيسى برؤساء قرابة 50 شركة عالمية من شتى قارات العالم افتتحت 55 مركزا لها فى مصر وهو ما يعنى فرص عمل لقرابة 75 ألف شاب وفتاة، كل شاب من الذين يعملون فى شركات التعهيد يكون سببا فى ضخ ما بين 25 و100 ألف دولار فى خزينة البلد . للأمانة، لا بد ان نعترف بأن كل هذا ما كان يمكن ان يتحقق لولا الإرادة السياسية الممثلة فى الرئيس السيسى الذى تنبه الى تحويل محنة كورونا لتكون منحة ووجه بتوسع الوزارة فى تقديم التدريب اللازم للخريجين حتى ارتفع رقم من يتم تدريبهم سنويا ومن كافة الشرائح العمرية من 4 آلاف فى عام 2018 ليصل الى 800 ألف متدرب هذا العام، وهو ما يمثل ارتفاعا بمعدل 200 ضعف. منذ عدة أيام تابعت أخبار زيارة وزير الاتصالات لمقر إحدى شركات التعهيد السعودية التى افتتحت مقرا لها فى مصر ولكن هذه المرة فى المنصورة، حيث يعمل 400 متخصص فى تقديم خدمات لعدة دول عربية وأجنبية. تساءل الرئيس فى أحد لقاءاته عن سبب تأخرنا فى الاستثمار فى هذا المجال، وله الحق، فأنت أمام منجم لا ينضب، ومصر للأمانة أحسنت مؤخرا الاستثمار فيه، يكفى ان نعرف ان مصر استثمرت قرابة 6 مليارات دولار خلال 8 سنوات عبر استثمارات أجنبية ومحلية ليكون لدينا بنية أساسية مؤهلة لأن تستقطع مصر لنفسها قطعة من تورتة شركات التعهيد الدولية. رأس مال مصر الحقيقى فى أولادها.