قبل أن أبدأ .. أحيى بشدة مشروع «دولة التلاوة» خصوصا القارئ الصغير محمد القلاجى»12سنة» صاحب الحنجرة الذهبية التى تشدو ترانيم السماء،وتعميم هذه النماذج يخلق قدوة صالحة للشباب ، تفوق نجوم الكرة والفن، وهذا هو الجانب المضيء . أما الجانب المظلم فهو ما يحدث فى «بعض المدارس» ، ففى مصر 62 ألف مدرسة، ويقع الخلل فى أعداد قليلة جدا ، ولكنها خطر كبير يتسلل إلى نفوس الصغار قبل الكبار، ونقرأ كل يوم وقائع مؤلمة،واعتداءات على الأطفال،وعنف متصاعد بين التلاميذ، وسلوكيات تنذر بمستقبل مُثقل بالمخاطر. جرائم الاعتداء على الأطفال داخل المؤسسات التى وُجدت لحمايتهم، ليست مجرد انتهاكات أخلاقية، بل تهديد مباشر لأمن المجتمع، والطفل الذى يتعرض للأذى يُسلب جزءًا من أمانه النفسى، ويواجه خوفا يحطم براءته. ً التعامل الصارم مع الجناة ضرورة وحماية وردعًا، واستعادة هيبة القانون، ومن يعترض على سرعة الإجراءات الاستثنائية العاجلة لمحاكمة الجناة ، عليه ان يتخيل أن الضحية ابنه أو حفيده أو أحد أقربائه. والمسؤولية لا تقع على الجناة وحدهم، بل تمتد إلى المدارس التى جعلت الربح همّها الأول، وأهملت أهم ما فى أمانتها وهم الأطفال، والإجراءات المُشددة تجاه المؤسسات المتقاعسة واجبا قانونيا وأخلاقيًا،لأن التقصير يساوى خيانة الأمانة. والبيوت حين تترك الحبال على الغارب، دون متابعة أو توجيه، فتنتج فتيات شرسات يسحلن احدى الامهات فى الشارع ، وماذا يمكن أن تفعل مثل هذه البنت عندما تتزوج وتنجب ، وماذا تعلم اولادها ؟ .. وتلاميذ آخرين يعتدون بالركل والصفع على زميلهم ضعيف البنية . هؤلاء أبناء عصر سوشيال ميديا، وفتحت لهم بابا على عالم افتراضى مليئ بالعنف الإلكترونى، من ألعاب تروج للقتل على أنه بطولة،ومنصات تشجع على الاستعراض والانفلات ،وتُغرس العنف فى أذهان الصغار،لا رحمة لا تعاون والقوة وحدها تكسب. التنظيم ضرورة، وليس منعًا ولا قمعًا للتكنولوجيا، بل وعى يرافق الطفل ويحصّنه، وهنا يأتى دور التعليم، ولماذا لا تُدرّس مادة مثل علم النفس الوقائى منذ الحضانة، تتناسب مع العمر وتعلم الأطفال فهم أنفسهم، وتحمل ضغوط الواقع الرقمى، والتعامل مع هذا العالم دون أن يبتلعهم؟ والآباء يفرحون حين يوفرون «الأمان المادى»، موبايل وكمبيوتر وشراء ألعاب جديدة ، ويغفلون «الأمان النفسى» الذى هو أهم أعمدة التربية، وصارت بعض الأسر تعيش تحت سقف واحد، لكن كل فرد فى جزيرته الرقمية المعزولة، وتذبل روابط الحوار والدفء. ولا يمكن إغفال دور الخطاب الدينى الذى يجب أن يكون منارة للقيم الرفيعة، الرحمة والمودة والتسامح وحب الوطن واحترام العلم ،وحصة الدين يجب أن تكون نافذة للضوء لا الترهيب، ومساحة للبهجة الروحية لا للخوف. حماية المدارس ليست مهمة وزارة واحدة، بل مشروع مجتمع كامل، يعيد للأطفال حقهم فى الأمان، ويزرع فيهم قيمًا تصنع مستقبلًا أقل قسوة، وأكثر رحمة .