فى عالم تتسارع فيه التحولات، وتتبدّل فيه خرائط الصراع كل يوم، يطلّ معرض «إيديكس 2025» ليؤكد أن القوات المسلحة المصرية يقظة تمامًا لما يجرى حولها. فالمؤسسة العسكرية لا تتعامل مع الحرب كحدث عابر، بل كمفهوم استراتيجى يتطلب قراءة دائمة، واستشعارًا مبكرًا، وتطويرًا مستمرًا للقدرات. وهنا يظهر معرض إيديكس كشهادة على وعى الدولة وتنبّه جيشها لما يفرضه العالم من متغيرات وشاهد على استعدادها الدائم لكل المتغيرات والتحديات، وهنا الاستعداد لا يعنى الحرب.. بل القدرة على منعها والحفاظ بالقوة على السلام. وهذا الفارق الدقيق والعميق هو جوهر الفلسفة الدفاعية المصرية، فالاستعداد هنا ليس نزعة لصدام، بل ضمانة للسلام، وبقدر ما تمتلك الدولة من قوة رادعة، بقدر ما يصبح السلام مستقرًا، والحدود آمنة، والقرار السيادى مصانًا، ويكون الاعتماد على الذات لحماية السلام. لقد فهمت مصر مبكرًا أن الاستعداد القتالى والاعتماد على الذات فى السلاح ليسا مسارين منفصلين، بل مسار واحد تحمى به مصر نفسها بقوتها، ولهذا يقدّم معرض «إيديكس 2025» بصورة عملية لا خطابية، وكيف بنت مصر منظومة دفاعية تُصنّع وتطوّر وتبتكر، وفق أحدث ما توصلت له التكنولوجيا العسكرية فى عالم الأسلحة، خاصة المسيرات سلاح العصر، حيث قدمت مصر أحدث ما توصلت له التكنولوجيا فى عالم المسيّرات، خاصة المسيرات المتخصصة فى الاستطلاع العملياتى، الدقيقة والصامتة، القادرة على العمل فى بيئات معقدة. والمسيرات الهجومية، التى تعكس دخول مصر إلى نطاق المسيرات القتالية متعددة المهام، بالإضافة إلى أنظمة القيادة والتحكم المصرية للمسيّرات، التى تُظهر انتقال الصناعة من تصنيع المنصة إلى تصنيع العقل الذى يديرها. وفى عالم المدرعات، تظهر العربات المدرعة المصرية المتطورة، التى باتت واحدة من أكثر العربات المصرية انتشارًا عالميًا، بمستوى تدريع عالٍ ومقصورة متعددة الاستخدامات. والعربات الأخف والأسرع، والمخصصة لعمليات الدوريات والاقتحام، وكذلك منظومات الحماية النشطة والكهرو - بصرية، التى تُدمج على هذه المدرعات، وتثبت أن التطوير لم يعد جسمًا فقط، بل عقل أيضًا، هذه النماذج ليست مجرد منتجات، بل قرائن مادية على أن الصناعة المصرية تجاوزت مرحلة «خط التجميع» إلى مرحلة الهندسة والتطوير. تظهر الجمهورية الجديدة فى معرض إيديكس كدولة تعرف قيمة التكنولوجيا العسكرية، وتدرك أن المستقبل لن يرحم المتأخرين، ولذلك تُسخّر قدرات أبنائها من ضباط ومهندسين وباحثين فى تطوير منظومات تسليح وطنية ترتكز على الذكاء الاصطناعى، والحرب الإلكترونية، وأنظمة القيادة والسيطرة، والتسليح الذكى لترسم صورة دولة تصنع ما تحتاجه بدلًا من انتظار ما يُعرض عليها. وحين يظهر المنتج المصرى إلى جوار منتجات عالمية أمريكية وروسية وصينية وفرنسية، يدرك الزائر أن الصناعة العسكرية المتطورة ليست رفاهية، بل شاهد على القدرة المصرية وثقلها الإقليمى.. وأن القاهرة لا تكتفى بالمشاركة فى بيئة أمنية معقدة، بل تسعى إلى صنع جزء من هذه البيئة عبر منتجها الوطنى. كما ظهر حرص القيادة العامة للقوات المسلحة على تعزيز أواصر التعاون العسكرى مع الدول الشقيقة والصديقة وذلك على هامش فعاليات اليوم الختامى، حيث التقى الفريق أول عبدالمجيد صقر القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربى بوزراء دفاع الدول الشقيقة والصديقة، وبحث معهم تعزيز أوجه التعاون بمختلف المجالات العسكرية. والتقى الفريق أحمد خليفة رئيس أركان حرب القوات المسلحة قائد القيادة المركزية الأمريكية، حيث أعرب رئيس أركان حرب القوات المسلحة عن اعتزازه بالعلاقات الممتدة التى تربط القوات المسلحة المصرية والأمريكية، مشيرًا إلى حرص القيادة العامة للقوات المسلحة على تعزيز آفاق التعاون العسكرى بما يحقق المصالح المشتركة لكلا البلدين الصديقين. فيما أكد قائد القيادة المركزية الأمريكية الدور الهام، الذى تقوم به الدولة المصرية فى ترسيخ دعائم السلام والاستقرار بالمنطقة، كما أشاد بالقدرات التنظيمية والمستوى المتميز للمعرض وما يتضمنه من عرض لأحدث الأسلحة والمعدات من مختلف كبرى شركات وجهات الصناعات الدفاعية حول العالم. لقد جذب معرض الصناعات الدفاعية المصرى نظر الإعلام الدولى، فقد تناولته صحف مثل The Guardian وDefense News وBreaking Defense باعتباره أكبر معرض دفاعى فى إفريقيا والشرق الأوسط من حيث تنوّع المشاركين، ودليلًا على صعود الصناعة العسكرية المصرية وتطورها المتسارع، كما اعتبرته إشارة مهمة إلى أن القاهرة تتحول إلى مركز إقليمى للتكنولوجيا الدفاعية، وتعبيرًا عن سياسة مصر فى تحقيق استقلالية القرار العسكرى عبر التوطين والتصنيع. وهذه القراءة الدولية تؤكد أن إيديكس ليس حدثًا محليًا، بل معرضًا بنكهة جيوسياسية يؤكد سعى مصر للاعتماد على ذاتها فى السلاح باعتباره درعًا يحمى «حقوق ملكية» القرار الوطنى من الارتهان، ويحافظ على الحدود من التهديد، ويحمى السلام من الانهيار.