دخل علينا ضابط مسئول عن أمن الحجاج، يقول لنا إن الحجاج المصريين سوف يقيمون حفلا لى بمناسبة إشهارى الإسلام!! ابتسمت واخبرت الرجل بأننى مسلم منذ يوم مولدى وفى اليوم التالى كتب صلاح منتصر: «دعوة باسم وزير الأصنام»! المتحف المصرى الكبير ما زالت حالة الفخر تملأ مصر كلها بعد افتتاح المتحف المصرى الكبير، والصدى العالمى الذى جعل اسم مصر فى كل بيت بالعالم. لقد أشاد الجميع بكلمة الرئيس عبد الفتاح السيسى التى أكدت على المبادئ السامية للدولة المصرية، التى تسعى دون كلل أو ملل لإحلال السلام وإعلاء لغة الحوار بين الشعوب، لكنه الحوار الذى تدعمه القوة.. قوة مصر وجيشها ووحدة شعبها الذى هو فى رباط إلى يوم الدين. لم يكن مشروع بناء المتحف المصرى الكبير مجرد مشروع ثقافى عملاق، لكنه أيضاً الدليل على قوة واستقرار هذا البلد القادر على تحقيق المعجزات، مثلما فعل الأجداد منذ آلاف السنين. المتحف شهادة توثق حرص مصر على صون تراثها الأثرى وحفظه لآلاف أخرى من الأعوام. تحققت المعجزة بعد تأخير وتوقف دام لما يقرب من عشر سنوات، كانت مصر تمر خلالها بفترة عصيبة تهدد مستقبلها كبلد رائد فى محيطها الإقليمى والعالمي، ووسط ظروف اقتصادية طاحنة، لكنها نجحت بفضل شعبها وقيادتها فى عبور تلك الفترة والخروج كبلد أقوى مما كان عليه قبلها.. أينما تنظر وأينما تذهب تجد مشروعات عملاقة تتحقق دون صخب وفى هدوء. أتمنى أن نستمر فى البناء والتعمير والتطوير فى كافة قطاعات مصر الزراعية والصناعية والعمرانية والسياحية وأحلم وكل مصرى بيوم نعلن للعالم كله أننا تخلصنا من ديوننا الخارجية والداخلية وأن أبناءنا وأحفادنا سينعمون بحياة أفضل ومستقبل مشرق. أصبحت مصر تمتلك أكبر متحف للآثار فى العالم بجوار أهرامات الجيزة، لتقف معجزة اليوم بجوار معجزة العالم القديم. ويمتلك المتحف المصرى الكبير أكبر مركز عالمى للترميم. وكذلك يعرض به أضخم أثر حجرى وهو تمثال الملك رمسيس الثانى المصنوع من كتلة واحدة من الجرانيت الوردى تزن حوالى 81 طنا، ويعرض المتحف كذلك أضخم أثر مصنوع من مادة عضوية وهو مركب الملك خوفو، المصنوع من خشب الأرز المجلوب من الساحل الفينيقى القديم «لبنان حالياً» ويعرف المركب باسم مركب الشمس. كما يعرض المتحف أكبر كنز ملكى فى التاريخ وهو كنز الملك توت عنخ آمون. لقد حطم المتحف المصرى الكبير ومنذ اليوم الأول لافتتاحه كل الأرقام القياسية للمتاحف العالمية، ولكن يبقى أن نوجه كلمة شكر وعرفان لكل من وضع وساهم بلبنة فى هذا المشروع منذ بدايته كفكرة فى 2002، وحتى اكتمال افتتاحه فى الأول من نوفمبر 2025. عبد الناصر المفترى عليه! يقولون إن التاريخ يكتبه المنتصرون، وأحياناً يقولون إن الأقوياء فقط هم من يتحكمون فى كتابة التاريخ. لكن وعلى الرغم مما قد يبدو عليه الأمر من وجاهة ومنطق، فإن التاريخ لا يمكن أن يُزيف! صحيح أن هناك من حاولوا ونجحوا فى فرض رواياتهم على التاريخ، ولكن سرعان ما يتم محو الزيف وظهور الحقيقة. ولا يختلف اثنان على أن الزعيم الراحل جمال عبد الناصر يعد أكثر شخصية تاريخية فى عصرنا الحديث اختلفت حولها الآراء، ما بين زعيم وطنى مخلص كانت لديه رؤيته الخاصة فى قضايا تحرير الأوطان، ونهضتها من شرور الاستعمار سواء الخارجى أو الداخلي، وبين من يراه رئيسا معجبا بفكرة الزعامة والخطابة، أدى الى توريط مصر فى كثير من المشاكل داخلياً وخارجياً، قادت فى النهاية الى هزيمة يونيو 1967! والحقيقة أن لعبد الناصر إنجازات لا يمكن إنكارها سواء اجتماعية أو اقتصادية، ويكفى أن نستشهد بمشروع السد العالي، ومشروعاته الصناعية العملاقة. وقد لا يعرف الكثيرون أن الزعيم الراحل جمال عبد الناصر كان يعلم قيمة قوة مصر الناعمة، وأهمها تراثها الأثري، ولذلك كان يولى الآثار اهتماماً عظيماً، ولولاه لكانت معابد واثار النوبة اندثرت أو كادت أسفل مياه بحيرة ناصر. كان الرئيس جمال عبد الناصر يشجع على الاكتشافات الأثرية التى يقوم بها مصريون! ساند المرحوم زكريا غنيم مكتشف هرم الملك سخم خت خليفة الملك زوسر على العرش، وصاحب ثانى هرم مدرج بسقارة. وقد قام غنيم بجولة حول العالم ليحاضر عن الكشف العظيم. وإلى الرئيس جمال عبد الناصر يعود جزء كبير من الفضل فى اكتشاف مركب الملك خوفو المعروف بمركب الشمس على يد المرحوم كمال الملاخ، وقام بترميمه الحاج أحمد يوسف. أحاط بكشف مركب خوفو كثير من المغالطات، بل والأكاذيب! قام الكاتب محمد هيكل بإقناع الرئيس عبد الناصر بزيارة الكشف، وتم ذلك فى وجود العديد من وكالات الأنباء والصحف والمجلات المصرية والأجنبية، وهنا يدعى أصدقاء إله الشر «ست» أن الرئيس عبد الناصر قال لكمال الملاخ: «جئت من اجلك! مش عشان الكلام الفارغ ده»، وللحقيقة لم يحدث هذا إطلاقا وإنما ما قاله الرئيس عبد الناصر هو: «لقد تجسدت أمامى عظمة المصريين القدماء وأنا أشاهد عظمة هذه الآثار الخالدة وكيف كانت حالتهم فبدت أمامى الصورة رائعة وقارنتها بما نحن عليه الآن». سنوات مع الفارس الأول حضرت حفل توقيع كتاب الدكتورة منى سعيد الطويل بعنوان «سنوات مع صلاح منتصر الإنسان والصحفي»، وذلك بمكتبة القاهرة الكبرى بالزمالك. حاورها كل من الكاتب الصحفى محمد السيد صالح والصحفى عماد الدين حسين. وقد حرصت على حضور هذه الندوة التى حضرها العديد من الأصدقاء؛ وفى مقدمتهم صلاح دياب وإبراهيم المعلم وغيرهما من الهامات الفكرية العظيمة. وللأسف لم تسنح لى الفرصة لقراءة الكتاب حتى الآن! ولكن تحققت بالمناقشات وعرفت أن صلاح دياب كان السبب الرئيسى فى زواج صلاح منتصر ومنى. والحقيقة أن صلاح منتصر كان يحترم الدكتورة منى ويقدرها كل التقدير.. يتحدث عنها بعشق وحب شديدين، وأعتقد أن ذلك هو الدافع الذى جعلها تسجل كل ما استطاعت معرفته خلال العِشرة الجميلة، التى قضتها بجوار هذا الرجل الجميل، وأعتقد أننى كنت من أقرب أصدقاء صلاح منتصر، وكنا على اتصال دائم، بل وكانت هناك مكالمة طويلة بيننا كل يوم جمعة قبل الصلاة، نتحدث فيها عن أسرار كثيرة فى مجالات الصحافة والفن والآثار. وكان صلاح منتصر بالنسبة لى نعم الأخ والصديق. لا أتردد فى أن أعرض عليه أى مشكلة فى حياتي. ودائماً ما أجد إجابة واضحة وصادقة لم أر صلاح منتصر يتجاوز مع أى شخص. بل كان دائما محباً لكل الناس. وعندما قمنا بالإعلان عن «جروب» جديد باسم «الفرسان» كان صلاح منتصر هو الفارس الأول، الذى يقوم بتقديم الضيوف الذين يتحدثون فى لقاءاتنا وندواتنا الثقافية. وكان هو من يختار الضيف، ويلزمه بالقواعد التى وضعناها ولا يمكن التخلى عنها ذهبنا معاً الى الحج، وكنا فى منى داخل خيمتنا عندما دخل علينا ضابط سعودى مسئول عن أمن الحجاج، يقول لنا إن الحجاج المصريين سوف يقيمون حفلا لى بمناسبة إشهارى الإسلام!! ابتسمت واخبرت الرجل بأننى مسلم منذ يوم مولدي. وفى اليوم التالى كتب صلاح منتصر: «دعوة باسم وزير الأصنام». أما السر الذى لا يعرفه أحد أن صلاح منتصر كان «زملكاوى» لكنه وفى السنوات الأخيرة تحول الى تشجيع النادى الأهلي، وكان لهذا سبب لا يعلمه سوى المقربين منه وأنا منهم.. رحم الله صديقى الكاتب الكبير صلاح منتصر. صدام حسين فى القاهرة! أولاً أود أن أرفع القبعة للدكتور مصطفى مدبولى لأنه استطاع وضع حلول لمشاكل تصوير الأفلام العالمية فى مصر كان مخرجو السينما العالمية يقابلون صعوبات بل عقبات فى تصوير الأفلام فى مصر، تجعلهم «يطفشون» من البلد ويتجهون إلى المغرب وتونس وإسرائيل، لتصوير أفلام المفروض أن أحداثها تقع فى مصر! هل يمكن تصور أن صناع السينما العالمية كان أسهل لهم بناء «ماكيتات» وديكورات عملاقة لأهرامات ومعابد مصر -بل ومساجدها- من الحصول على التصاريح والموافقات اللازمة لتصوير الأفلام فى مصر؟ هل يمكن تصور كم من الملايين من العملة الصعبة أهدرناها بوضع عقبات أمام صناع السينما العالمية؟ أصبح الوضع مختلفا الآن، ويتم تصوير أفلام عن بلاد أخرى فى مصر ومنذ العام الماضى حتى نهاية هذا الشهر تم تصوير ثمانى حلقات عن قصة صدام حسين للسينما الأمريكية. وقد حضرت عرض حلقة من العمل الذى يخرجه صديقى ليسلى جرايڤ وتأكدت أن الحكومة قد خصصت شباكا واحدا فقط لمنح التصاريح، بعد أن كان الحصول عليها يتطلب زيارة أكثر من سبع جهات مختلفة! ولذلك هرب من قبل مخرج أفلام إنديانا جونز إلى المغرب، ومخرج «المريض الإنجليزي» للتصوير فى تونس. وقد علمت من صديقتى الممثلة الأمريكية جودى ترنر أنها صورت فى العام الماضى فيلماً عن الجاسوسية فى مصر، وقالت إنهم وجدوا كل التسهيلات من الحكومة المصرية.