احتفلت مصر مؤخراً بالذكرى السادسة لانطلاق منظومة التأمين الصحي الشامل، وهو المشروع القومي الذي يجسد الإرادة السياسية الراسخة نحو إصلاح شامل لأحد أهم القطاعات الحيوية في البلاد. وتعد هذه المنظومة، التي أطلقها رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي من محافظة بورسعيد الباسلة قبل ستة أعوام، جزءاً لا يتجزأ من التزام الدولة المصرية ببناء الإنسان وضمان حقه في الحصول على خدمات صحية متكاملة بأعلى معايير الجودة وعلى نحو عادل، بما يتوافق مع أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة وركائز رؤية مصر 2030. إن الاستثمار في صحة المواطن هو حجر الزاوية لتحقيق التنمية المستدامة المنشودة. اقرأ أيضا | ترامب يطلق مهمة الذكاء الاصطناعي الكبرى الإصلاح التشريعي والمصدر الرسمي للكلمة وفي سياق الاحتفال الذي اقيم بالعاصمة الادارية، تم الكشف عن تفاصيل هامة حول مسيرة الإصلاح، حيث أكد الدكتور مصطفى مدبولى أن الحكومة عملت وفق مسارات متوازية لتطوير القطاع، بدءاً من إعادة حوكمة القطاع الصحي بتشريعات فاعلة، وشمل ذلك إصدار حزمة من القوانين الهامة بالتعاون مع البرلمان المصري بغرفتيه، والتي بموجبها تم تأسيس الهيئات المعنية بالمنظومة، مثل هيئة الدواء المصرية وهيئة الشراء الموحد والمجلس الصحي المصري، فضلاً عن تشريعات تنظيم المسؤولية الطبية والاستثمار في القطاع الطبي. هذه التطورات التشريعية تهدف إلى إحداث إصلاح جذري يتواكب مع النظم الصحية العالمية. نهضة البنية التحتية والاستثمارات القياسية أشار الدكتور مصطفى مدبولى، إلى أن البنية التحتية الصحية شهدت نهضة حقيقية في الآونة الأخيرة، خاصة في المحافظات التي دخلت فيها الخدمة ضمن المرحلة الأولى، والتي لم تكن من محافظاتالقاهرة الكبرى أو الإسكندرية، وتم التركيز خلال المرحلة الأولى لمشروعي التأمين الصحي الشامل ومبادرة حياة كريمة على إنشاء وتطوير أكثر من 1426 وحدة ومركز طب أسرة، إلى جانب 79 مستشفى في 24 محافظة، هذه الجهود ساهمت بشكل مباشر في تسريع وتيرة تطبيق المنظومة. وقد تجاوزت الاستثمارات في المرحلة الأولى وحدها، والتي شملت ست محافظات، حاجز ال 53 مليار جنيه. وتم تقديم أكثر من 100 مليون خدمة طبية من خلال الهيئة العامة للرعاية الصحية في منشآتها المعتمدة. الإنجازات الدولية والتحول الرقمي للخدمات على صعيد المؤشرات الصحية، حققت مصر نجاحاً كبيراً بشهادة المنظمات الدولية، وأبرز هذه الإنجازات هو النجاح الباهر في القضاء على فيروس سي، الذي تُوّج بإعلان منظمة الصحة العالمية حصول مصر على التصنيف الذهبي في مسار القضاء على الفيروس، وإعلانها خالية منه ومن الملاريا والتراكوما. هذه النجاحات تعكس فلسفة وطنية تعتمد على الوقاية والاكتشاف المبكر. كما أن المنظومة تعتمد في تشغيلها على أحدث الأنظمة التكنولوجية وتطبيقات التحول الرقمي، للمراقبة المستمرة لمؤشرات الأداء وتعزيز ثقة المواطن في جودة الخدمات. كما أن الرعاية الصحية تجاوزت الأرقام بتقديم خدمات نوعية مثل زراعة القوقعة لأكثر من 150 طفلاً، وعمليات زراعة الكلى. الانطلاق نحو المرحلة الثانية والتزام الدولة تجاه غير القادرين يأتي الاحتفال الحالي على أعتاب إطلاق المرحلة الثانية من منظومة التأمين الصحي الشامل، وتشمل هذه المرحلة محافظاتالمنيا ومطروح ودمياط وشمال سيناء وكفر الشيخ. ومن المتوقع أن تتجاوز استثمارات هذه المرحلة ال 115 مليار جنيه، ليصل إجمالي المواطنين المشمولين بمظلة التغطية الصحية الشاملة إلى أكثر من 18 مليون مواطن، وتؤكد الدولة التزامها الخاص تجاه الفئات الأكثر احتياجاً، حيث تتحمل الدولة اشتراكات نحو 905 ألف مواطن غير قادر بشكل كامل في محافظات المرحلة الأولى، وهو ما يمثل 17.6% من إجمالي المسجلين، لضمان عدالة التوزيع وحماية الفئات الأكثر احتياجاً، وتجري دراسة حالياً لإضافة محافظة الإسكندرية خلال المرحلة القادمة، مؤكدة بذلك أن الدولة ماضية بلا تردد في دعم هذا المشروع القومي الرائد.