صرت وزوجتى وبناتى مشغولين كرجال البحث الجنائى فى تفسير ما حدث ومن وراء هذه الجريمة البشعة . الأربعاء : منذ العام 2010 حين اصطحبت والدتى، متعها الله بالصحة والعافية، لأداء فريضة الحج، ولاحظت بين أحمالها حقيبة ثقيلة تحرص عليها واستغربت لما أخبرتنى أن بها كميات من القمح والذرة والأرز طعاما لحمام الحرم .. الحمام الذى يحوم حول الكعبة له فى ثقافة ووجدان الصعايدة قيمة ومكانة خاصة تضعه فى مفردات الأغانى التى يودعون بها الحجيج عند سفرهم، وعليه يصبح اطعام هذا الحمام بما تيسر حمله هو ركن من الأركان الشعبية لاكمال طقوس الفريضة كما كانت العادة قديما فى الأرياف تبييض واجهة المنزل وتزيينها برسم الطائرة أو الباخرة إن كان السفر بحرا؛ من طقوس الحج وعاداته واستكمال اعتماد اداء الفريضة لدى الناس. ولدت لدى رغبة إطعام الطيور هنا، فلا توزيع جغرافيا للرحمة وجلب الثواب ورب حمام الحرم هو رب كل الطيور .. والغلابة هنا أولى بالرعاية .. منذئذ صارت لدى رغبة هنا فى إطعام وسقى الطيور وصرت حريصا فى المكتب والمنزل على وضع الماء فى أوانٍ وقوارير فخارية على وحدات التكييف الخارجية وفى شرفات المنزل مع بعض الماء و الحبوب وما تيسر من غلال لتشرب الطيور وتأكل الطعام (نشيد ثانية ابتدائى زمان) .. ولم أكن أتوقع أن يكون هذا التراحم سببا فى جريمة قتل بشعة فى بيتى.. ذات يوم كانت الشغالة تنظف البيت فقامت بنقل قفص العصافير الذى اشتريته نزولا على رغبة صغيرى محمد، إلى البلكونة لحين الانتهاء من عملية التنظيف ولم تكن تريزا هذه العاملة النازحة من جنوب السودان تدرى أنها تحمل العصفورين توتو وسوسو إلى المصير المؤلم القاسي، إذ فوجئنا بعد ساعات أن بالقفص سوسو وحدها بينما زوجها توتو لا يبقى منه غير قطعة صغيرة دامية بينما سوسو منكمشة مرعوبة فى جانب قصى من القفص . احترنا كثيرا فى تفسير هذه الجريمة البشعة، خاصة أن القفص مغلق كما هو .. وأخفينا ما حدث عن محمد إبنى لكنى صرت وزوجتى وبناتى مشغولين كرجال البحث الجنائى فى تفسير ما حدث ومن وراء هذه الجريمة البشعة ..ولكن ماذا عن مصير سوسو وإضرابها عن الطعام دون أن تخطرنا بما حدث.. سوسو لم ترض بزوج بديل عن المغدور توتو، ولم تنسجم أبدا مع العصفور الجديد الذى حاولنا تعويضها به فقد اختارت الرحيل الصامت بعد ثلاثة أيام فقط من مقتل زوجها أمام عينيها دون أن تقرب الطعام أو الماء.. وزادت حيرتنا حتى لاحظنا بعد أيام، من خلف الستارة والزجاج، على وحدة التكييف بقايا أشلاء لعصافير أحضرها طائر أسود مفترس يفوق الغراب حجما ويضاهى النسر شراسة بمنقار طويل يمكنه من اقتحام أى قفص وجذب ضحاياه ولم يكن توتو آخرهم .. ليبرهن لنا من جديد على قاعدة النظام العالمى الجديد: البقاء للأقوى والأشرس فى هذا الزمن ما لم يكن هناك قانون يحمى شبيه توتو وسوسو وغيرهما من الضعفاء. جريمة جعلتنى أراجع درس أمى .. وحمام الحرم!! الثلاثاء: تحية إلى هؤلاء التجسيد الحقيقى لتفانى وكفاءة ودأب وصبر ويقظة وفهم رجال الشرطة فى أداء مهام عملهم تجده دون مبالغة ولا مجاملة فى رجال مباحث المعلومات والإنترنت ومكافحة الجرائم الإلكترونية بمقر العباسية. تجاوزات متهورين كثر فى التعامل والتعليق ورسائل عبر الخاص فى البريد الإلكترونى لم يكن مقبولا السكوت عليها، خاصة عندما يكون التمادى ملحوظا والسب والقذف عنيفا وصريحا وبتحد يدفعك لضرورة اللجوء للقانون؛ دفعتنى بعد تحرير محضر وبلاغ بالنيابة لزيارة مقر مباحث الانترنت بالعباسية لفحص البريد الاليكترونى واثبات الجريمة. الترحيب والتقدير والاهتمام، لم يكن موجها لشخصى فقط، بل لاحظتها سياسة عمل وثقافة مكان وكفاءة جهاز. يشعرك بالاطمئنان حقا على أمن البلاد فى ظل عصر الجرائم الإلكترونية الكثيرة والتى أخذت أشكالا عديدة وخطيرة دوليا. رجال لديهم من الحكمة والخبرة والكفاءة المهنية والعلمية ما يلفت الانتباه سواء من كبار الضباط وقادتهم أو بقية رجال المباحث خصوصا العميد شادى هاشم صاحب الكفاءة اللافتة والنفس الطويل فى تتبع خيوط مثل هذه الجرائم وكشفها واثباتها وقد صار صديقا عزيزا من كثرة ما عرضت عليه من بلاغات ضد تجاوزات السوشيال ميديا الفجة التى لا يدرك أصحابها أن القانون فيه من مواد العقاب الشديد ما يكفى ..ويحبس .. تحية إلى هؤلاء.. وجرس انذار لمتجاوزى السوشيال ميديا. السبت: الصفعة الدنيئة السوشيال ميديا ليست شرا دائما. هذا الصباح استيقظ رواد السوشيال ميديا على مقطع فيديو قصير يصفع فيه مواطن سويسى عفى بكل غلظة وحقارة وتدن وعنف رجلا مسنا مريضا على وجهه أمام أسرته لاكراهه واجباره على ترك شقته التى يستأجرها هذا العجوز المريض من أسرة هذا المعتدى منذ سنوات، صفعة كانت على وجوهنا جميعا. الصفع على الوجه اهانة للانسان جرمته القواعد الدينية والتقاليد المجتمعية ..وكمان لرجل مسن مريض .. وأمام بناته . مادا تكون الخسة، إن لم تكن هذه ..؟! ظن هذا المتهم أن فعلته ستمر دون حساب ، لكن لم يمض غير وقت قصير من انتشار هذا المقطع مصحوبا بما يستحقه هذا من أوصاف ولعنات تمثل ردعا ورفضا اجتماعيا لكل متجاوز ودرعا وحماية لكل ضعيف؛ حتى كانت يقظة رجال الشرطة حاضرة، وسريعا وقبل ان يتقدم العجوز المسكين وأسرته ببلاغ للنيابة كان هذا المتهم فى قبضة رجال الشرطة وتم تسليمه للنيابة. لو لم يوجد قانون البلطجة لمكافحة مثل هذه التصرفات المتدنية والوقحة فلمن يكون؟! بين قاتل توتو وصافع عجوز السويس ثمة علاقة قوية ملضومة فى منقار عنيف يستأهل البتر .. بالقانون.. الخميس: مات فى الأهرام خالد أبو الروس ..الزميل الصحفى النزيه الشريف القايض على مبدئه وأفكاره دون تغير أو إغواء .. وبلدياتى العزيز الذى ظل حريصا على الاتصال والتواصل والرغبة فى لمة صحفيى القوصية بأسيوط ، وهم بالمناسبة بين الأكثر تمثيلا بالنقابة ، رحل فى هدوء وصمت .. كان ابن جريدة الأهالى وفكر اليسار فى زيارة لزميل له بالأهرام .. لكنه ما ان دخل قاعة الاستقبال حتى سقط مسلما الروح لخالقها وكأن القدر قد أمهله للدخول حنى لا يقع فى الشارع أو يسبب أزمة لغيره من المارة والسيارات .. اختار السقوط الآمن والمكان الأمين مثلما عاش حباته أمينا على أفكاره وأخلاقه وزملائه .. ضنت عليه نقابة الصحفيين بعضويتها لكنه ما ضن على المهنة بحبه وتفانيه وإخلاصه .. فاستحق نعى وتوديع ودعاء الكثير من الزملاء . وداعا خالد أبو الروس .ألف رحمة ونور على روحك الطيبة .