بعد الافتتاح المبهر للمتحف الكبير بالقاهرة تتجه الأنظار للاستفادة من الثروات الأثرية الممتدة على بر مصر جنوباً وشمالاً، وعمل برامج سياحية شاملة للوفود القادمة للقاهرة تشمل مواقع ومحافظات أخرى غنية بالثروات الأثرية التى لا مثيل لها فى العالم، المتحف الأتونى بمحافظة المنيا، واحد من المتاحف المهمة لا شك أنه افتتاحه «المتأخر جدا» سيضفى لمسة جمالية على خريطة السياحة والمواقع الأثرية فى مصر، ويزيد الولع بالحضارة المصرية القديمة. اقرأ أيضًا | خروج المنيا من خطة تنشيط السياحة.. وتأخر افتتاح «الأتوني» ترجع قصة إنشاء المتحف الآتونى فى محافظة المنيا إلى عام 1979م، وذلك فى أعقاب اتفاقية التوأمة التى تم توقيعها، بين مدينة المنيا ومدينة هيلدسهايم الألمانية ليكون أحد أهم جوانبها الثقافية لعرض الفكر الدينى لإخناتون وفترة التوحيد التى واكبت حكمه، وسرد قصة مدينة «أخت أتون» تل العمارنة لكونها جزءًا من محافظة المنيا وعاصمة مصر فى ذلك الوقت، لكن البناء بدأ بعدها بقرابة 23 عامًا. يقول الدكتور ثروت الأزهرى مدير إدارة السياحة بمحافظة المنيا: «المتحف سيكون نقلة حضارية كبرى ليس فى الصعيد فحسب بل أيضا على مستوى مصر، لما يضمه من قطع أثرية تحكى تاريخ حقبة مهمة فى العصر القديم وهى العمارنة، حيث يعد المتحف الآتونى من المتاحف التى تربط المواقع الأثرية بالمتاحف». وأوضح الأزهرى أن أعمال بناء المتحف الآتونى بدأت عام 2002، باعتمادات مصرية تجاوزت 130 مليونًا، ثم توقف العمل به عام 2011، ثم استؤنف العمل فى المرحلة الثانية للمشروع فى عهد الرئيس السيسى وتم الانتهاء منها، ويجرى العمل حالياً على إنهاء أعمال المرحلة الثالثة، شملت المرحلة الأولى الأعمال الإنشائية ووضع الأساس والهيكل الخرسانى، ثم جاءت المرحلة الثانية لتشمل واجهات المبنى الرئيسى، وشبكة التكييف المركزى، والمصاعد، وشبكة المياه». من جهته يقول الخبير السياحى والأكاديمى د.يحيى عبد القادر حسن: «حان الوقت مع الانطلاقة الحضارية التى تشهدها مصر وتدفقات الوفود السياحية الدولية أن تهتم الدولة بالمتاحف الإقليمية وعلى رأسها المتحف الآتونى بالمنيا التى تعد من حواضر التاريخ والتراث المصرى العريق، وليس من المقبول أن يكون المتحف مغلقاً منذ ربع قرن تقريباً مع تتابع عشرات المحافظين ووزراء الثقافة الذين أهملوا إدارة متحف عاصمة مصر الوسطى حتى اليوم». وشدد عبد القادر على أهمية التزام المتاحف المصرية منذ وضع لبناتها الأولى بالمعايير التى تفرضها منظمة ICOM، ومصر عضوة فى المنظمة إلا أنها لا تطبق كل إرشادات ومؤشرات المنظمة الدولية التى تتبعها متاحف الحضارة حول العالم. ويتضمن المخطط العام للمتحف إنشاء 14 قاعة للعرض المتحفى، ومن الممكن أن يصل عدد القطع الأثرية المقرر عرضها عند افتتاحه، إلى 10 آلاف قطعة، أما باقى القاعات فتحتوى على قطع أثرية تسرد تاريخ وفن الفترة الآتونية أو فترة العمارنة، وما تميزت به من خصائص فنية فريدة اشتهرت بها دون غيرها والتى عرفت بالفن الآتوني. كما يضم المتحف بين جنباته قاعة للعروض المسرحية والسينمائية وقاعة مؤتمرات، بالإضافة إلى مكتبة أثرية، ومنطقة بازارات تضم 19 بازاراً، و5 بحيرات صناعية تطل على النيل، حيث تبلغ مساحة المتحف الإجمالية حوالى 25 فداناً شرق النيل بمدينة المنيا. من جانبه علق اللواء عماد كدوانى محافظ المنيا قائلاً: «قريباً يتحقق حلم أهالى المنيا، بانتهاء أعمال المرحلة الثالثة للمتحف الآتونى ويخرج للنور ليكون منارة ثقافية وحضارية كبرى، بعد المتحف الكبير، ولن نتوانى فى هذا العمل الضخم الذى سيضع المنيا على الخريطة السياحية ليست فقط المحلية بل العالمية، وسوف يجعل المنيا محط أنظار العالم أجمع».. مؤكداً أن محافظة المنيا إحدى المحافظات المهمة فى مشهد مصر الحضارى والثقافى.