وصف ديميتري بريجع، المحلل السياسي ومدير وحدة الدراسات الروسية في مركز الدراسات العربية الأوراسي، مراسم تركيب وعاء ضغط المفاعل للوحدة النووية الأولى بالضبعة بأنها "لحظة مفصلية تؤسس لولادة مستوى جديد تمامًا في العلاقات بين مصر وروسيا". جاء ذلك في تصريحات خاصة لبوابة أخبار اليوم، على هامش الاحتفال الذي شهد مشاركة الرئيسين عبد الفتاح السيسي وفلاديمير بوتين عبر تقنية الفيديو كونفرنس، بحضور مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وأكد بريجع أن ما شهدته الضبعة "لا يمكن اختزاله في صورة احتفال بروتوكولي وإنجاز هندسي عابر، بل هو لحظة تفتح فصلًا مختلفًا في حضور روسيا داخل العالم العربي وموقع مصر داخل معادلة الطاقة العالمية". ورأى المحلل الروسي أن مشروع الضبعة النووي يمثل "بنية تحتية استراتيجية تعيد صياغة طبيعة التحالفات ومسارات التنمية وموازين القوة في المنطقة للعقود المقبلة"، مشيرًا إلى أن العلاقات بين القاهرة وموسكو مرت بتحولات عميقة منذ الحقبة الناصرية، وصولًا إلى مرحلة ما بعد 2013 التي شهدت بناء صيغة جديدة من الشراكة. وأوضح أن اتفاق عام 2015 لبناء محطة الضبعة النووية "لم يكن مجرد عقد اقتصادي، بل كان نية بتحويل العلاقة إلى شراكة طويلة المدى في قلب أكثر الملفات حساسية: ملف الطاقة والبنى التحتية الثقيلة". اقرأ أيضًا: مدير روساتوم الروسية: مصر شهدت إنجازًا تاريخيًا في محطة الضبعة النووية ولفت بريجع إلى أن المشروع يخلق "تشابكًا بنيويًا طويل الأمد" بين الدولتين، حيث يشمل تمويلًا روسيًا ضخمًا، وتصميمًا وتنفيذًا كاملين من قبل شركة "روس آتوم" الروسية، والتزامًا طويل المدى بتزويد الوقود النووي والتعامل مع النفايات، وبرامج واسعة لتدريب الكوادر المصرية. وقال: "هذه العناصر مجتمعة تتجاوز نمط العقود التقليدية في السلاح والقمح والغاز، حيث لا يمكن لأي طرف تبديل المورد أو تغيير الشريك بسهولة، بل نحن أمام استثمار مشترك في الأجيال القادمة". وأشار المحلل الروسي إلى أن "فكرة البرنامج النووي المصري ليست جديدة، فمصر فكرت في الطاقة النووية منذ الخمسينات والستينات، لكن التحولات السياسية والاقتصادية والأمنية جعلت هذا الحلم يتأجل أكثر من مرة". وأضاف: "دخول مصر أخيرًا إلى نادي الدول التي تمتلك محطة نووية حديثة، رغم كل الضغوط الاقتصادية والتقلبات الإقليمية، يثبت أنها قادرة على بناء مشاريع تكنولوجية معقدة دون أن تكون مرتهنة بالكامل لمؤسسات غربية". ونوه بريجع إلى أن استخدام مفاعلات "VVER-1200" من الجيل الثالث "يضع الضبعة في مصاف أحدث المشروعات النووية على مستوى العالم"، مؤكدًا أن هذه المفاعلات تتمتز بمستويات عالية من الأمان والكفاءة. وأوضح أن قدرة الوحدات الأربع بواقع 1200 ميجاوات لكل منها "ستضيف ما يقارب 4800 ميجاوات إلى الشبكة المصرية، ما يسمح لمصر بإعادة توجيه جزء من الغاز المستخدم في توليد الكهرباء نحو التصدير أو دعم الصناعات المحلية". وختم تصريحاته بالقول: "المشاركة المشتركة للرئيسين السيسي وبوتين عبر الفيديو في حفل تركيب وعاء المفاعل، بحضور مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تعطي انطباعًا واضحًا بأهمية هذه الفعالية والتقدم الحاصل في ملفات حساسة ومهمة".