- الرئيس السيسي بعث رسائل طمأنه تعيد تأكيد سيادة القانون والمساءلة - تصريحات الرئيس أعادت تثبيت قناعة بأن النظام السياسي يدرك حساسية الرأي العام - البيان الرئاسي يعكس الإدراك الرسمي بحساسية المرحلة الانتخابية وممارسة الديمقراطية لم يكن غريباً أن تتفاعل الجماهير سريعاً وبقوة، مع توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، بشأن فحص الشكاوى المرتبطة بالمرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب، إلا أن سرعة هذا التفاعل وامتداد صداه على المستويات الشعبية والإعلامية والسياسية، يستدعي تفسيراً أعمق يرتبط بطبيعة اللحظة الانتخابية، والموقف الرئاسي، والبنية النفسية والسياسية للمجتمع المصري في هذه المرحلة. البيان الرئاسي، الواضح والحاسم في مضمونه، لم يقدم فقط توجيهاً للهيئة الوطنية للانتخابات، بل أعاد تشكيل سياق النقاش العام حول نزاهة العملية الانتخابية، وأرسل رسائل متعددة الفاعلية، جعلت تلقي الجمهور له سريعاً ومتجاوباً. - إعادة الثقة إلى مسار العملية الانتخابية أول محفز لهذا التفاعل يكمن في أن تصريح الرئيس السيسي، جاء في لحظة كان فيها الجدل محتدماً حول ما شهدته بعض الدوائر من توترات أو مشاهد تتعلق بالتنافس الفردي، هذه التوترات وإن لم يكن حجمها كبيراً مقارنة بالعملية الانتخابية ككل، فإن تداولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام، خلق حالة من التساؤل والقلق لدى قطاعات من الجمهور، حول مدى قدرة الأجهزة المختصة على التعامل معها. وعندما جاء تصريح الرئيس السيسي، بدا كما لو أنه يقدم إطاراً حاسماً يقطع الشك باليقين ويعيد الثقة إلى مسار العملية الانتخابية. فالجمهور في مثل هذه اللحظات يتفاعل سريعاً مع الرسائل التي تحمل طابع الطمأنة، وتعيد تأكيد سيادة القانون والمساءلة. كما أن اعتماد الرئيس السيسي، على صياغة مباشرة وحاسمة، خصوصاً عندما قال إنه يطلب من الهيئة «التدقيق التام» وأنها يجب ألا تتردد في اتخاذ قرار «الإلغاء الكامل أو الجزئي»، حمل دلالتين مهمتين بالنسبة للرأي العام: الأولى هي عدم التغطية على أي خلل محتمل، والثانية هي وضع الإرادة الشعبية كمرجعية نهائية يجب أن تُصان. - رسائل ضمنية بالحرص على الشفافية هذه الصياغة عززت شعور الجمهور بأن الرئيس السيسي، لا يدافع عن نتائج بحد ذاتها، بل عن مبادئ العملية الديمقراطية، ومثل هذا الخطاب عادة ما يلقى قبولاً جماهيرياً واسعاً، لأنه يعكس التزاماً بالحياد المؤسسي وبتحكيم القانون، وهو ما يخلق ارتياحاً عاماً لدى المواطنين الذين ينظرون إلى الرئيس باعتباره الضامن النهائي للانضباط والعدالة. توجيهات الرئيس السيسي، جاءت متناغمة مع رغبة جماهيرية لإعادة الاعتبار للشفافية في لحظة تتسم بتصاعد تكنولوجيا المعلومات وتنامي القدرة على تداول وقائع الانتخابات لحظة بلحظة، وبات الجمهور المصري اليوم أكثر ارتباطاً بالفضاء الرقمي، وأكثر حساسية تجاه أي تناقضات بين الصورة الرسمية والصورة المتداولة عبر المنصات الاجتماعية، وعندما يعلن الرئيس ضرورة التأكد من حصول مندوب كل مرشح على نسخة من كشوف فرز الأصوات، فهو يرسل رسالة مفادها أن الدولة لا تخشى الشفافية بل تطلبها وتلزم بها أطراف العملية، هذه الجزئية تحديداً لامست مشاعر فئات واسعة ممن كانوا يتساءلون عن الإجراءات التنظيمية داخل اللجان، وأعادت تثبيت قناعة بأن النظام السياسي يدرك حساسية الرأي العام تجاه أدق التفاصيل. - العدالة في مقدمة أولويات الرئيس إضافة إلى ذلك، فإن الكثير من المواطنين رأوا في بيان الرئيس السيسي، امتداداً لنهج اعتمده منذ سنوات يقوم على التدخل عند الضرورة لإعادة تصويب المسار دون أن يتولى التأثير على المؤسسات المستقلة، والتأكيد على أن الهيئة الوطنية للانتخابات هي الجهة الوحيدة المختصة وأنها «مستقلة في أعمالها» أعاد التذكير باستقلال البنية المؤسسية، وهو عنصر يلقى استحساناً لدى المواطنين الذين يفضلون وجود حكم مؤسسي لا يتغير بتغير الظروف أو الأشخاص، وهذا الانسجام بين التوجيه السياسي والاحترام المؤسسي يولد تفاعلاً سريعاً، لأن الجمهور يرى فيه نموذجاً لإدارة رشيدة للأزمات. كما كان للجانب النفسي دور كبير في سرعة تفاعل الجماهير، وفي لحظات الجدل السياسي، يبحث المواطنين عادة عن مصدر سلطة يحدد الاتجاه الصحيح ويقدم تفسيرات مختصرة وواضحة للمشهد، ولبى تصريح الرئيس السيسي هذه الحاجة لأنه أتى بصياغة موجزة ومباشرة، بعيدة عن التعقيد، وفيها طلب واضح للعدالة وتأكيد على إرادة الناس، والخطاب الذي يضع الناخب في قلب العملية يخلق تلقائياً علاقة وجدانية مع الجمهور، لأنه يمنحه شعوراً بأن صوته ليس فقط محل احترم بل هو المعيار الذي يجب أن تعود إليه المؤسسات. على الجانب السياسي، عكس البيان الرئاسي حالة من الإدراك الرسمي بحساسية المرحلة الانتخابية وأهمية الإبقاء على الصورة الإيجابية للممارسة الديمقراطية، الجمهور سواء من المؤيدين أو المتابعين المتحفظين، كان ينتظر إشارة قوية تؤكد أن الدولة لن تسمح بأن تثير بعض الحوادث المحدودة صورة سلبية أوسع، وعندما قال الرئيس السيسي، إنه لا تردد في الإلغاء الكامل أو الجزئي عند تعذر معرفة إرادة الناخبين، شعر كثيرون أن الدولة غير متمسكة بأي نتائج قائمة، بل متمسكة فقط بشرعية الإجراءات، وهذه نقطة جوهرية أثارت ارتياحاً واسعاً لأنها تُفهم كرسالة سياسية، تقول إن العملية الانتخابية ليست مجرد شكل أو إجراء، بل هي ممارسة ذات قيمة حقيقية. - معالجة القضايا الحساسة بشفافية ولا يمكن إغفال الدور الذي لعبته وسائل التواصل الاجتماعي في تضخيم التفاعل الشعبي، ومنذ لحظة صدور التغريدة، بدأت الصفحات والمنصات السياسية والإعلامية في إعادة نشرها والتعليق عليها، وغالباً بنبرة إيجابية، ما خلق موجة دعم واسعة، هذا النمط من الانتشار السريع يعكس حالة تعطش دفينة لدى الجمهور المصري للخطاب الواضح الذي يعالج القضايا الحساسة بشفافية، كما أن وجود تغريدة صادرة من حساب رسمي للرئيس على منصة "إكس" عزز مفهوم الرسالة، لأنها جاءت عبر قناة تواصل مباشرة مع الجمهور دون وسطاء، وهو أمر يزيد عادة من مستوى التفاعل الشعبي. الرئيس السيسي، بالنسبة لقطاع واسع من المصريين، يمثل مرجعية للتدخل الحاسم عندما يتعلق الأمر بالمصلحة العامة أو استقرار الدولة، وبالتالي، أي موقف يصدر منه تجاه قضية جدلية يصبح تلقائياً نقطة ارتكاز للنقاش العام، ويخلق حالة اصطفاف إيجابي حوله لدى كثيرين. هنا يصبح التفاعل الجماهيري، ليس فقط انعكاساً لمحتوى الرسالة، بل أيضاً لرمزية وقوة المتحدث. التفاعل السريع يعكس أيضاً خوفاً مجتمعياً من عودة أي صورة من الاضطراب أو التشكيك في شرعية المؤسسات، فالجمهور المصري الذي عاش سنوات من التوتر السياسي، بات يفضل الاستقرار الواضح على أي حالة من الجدل الممتد، وعندما تصدر رسالة قوية من رأس الدولة توفر مخرجاً واضحاً وتضع معايير محددة لإدارة الأزمة، فإن الجمهور يتحرك نحو هذا الموقف لأنه يعيد إنتاج الإحساس بالثبات واليقين. - صيغة حاسمة للخطاب وإلى جانب كل ذلك، فإن مضمون الرسالة لم يحمل أي انحياز لطرف على حساب آخر، بل ركز على المبدأ العام، كشف الإرادة الحقيقية للمواطنين، هذه الحيادية الظاهرة أسست لتفاعل واسع لأنها لم تستفز أي طرف سياسي، ولم تُشعر أي فريق بأنه مستهدف، بل وضعت كل المنافسين تحت معيار واحد، والجمهور بطبيعته يتفاعل إيجابياً مع الرسائل التي تكرس الشعور بالعدالة والمساواة داخل الدولة. اقرا أيضا | «بنداري» يوضح شروط إلغاء انتخابات مجلس النواب إن التفاعل السريع للجماهير مع توجيهات الرئيس السيسي، حول فحص شكاوى الانتخابات يعود إلى مجموعة متداخلة من العوامل وهي: "توقيت الخطاب، صيغته الحاسمة، رسائله الواضحة حول الشفافية، رمزيته السياسية، حاجات الجمهور النفسية والاجتماعية في لحظة انتخابية، ودور الإعلام والمنصات الرقمية في تضخيم الانطباع الشعبي".