«نزل بمكة وقرئ بمصر»، مقولة خالدة تبرز دور مصر منذ فجر الإسلام في تعليم القرآن ونشره وتفسيره من خلال أئمة وعلماء خالدين بعلمهم ووسطيتهم خدمة لصحيح الدين، وكم من اسم لقراء مصريين سيظل محفورا بالذاكرة الإسلامية وسيبقى عطاؤهم ممتدا في تعليم القرآن، وما لا يعلمه شبابنا أن التلاوة المصرية وقراءها العظماء كانوا أحد أهم قوتها الناعمة، وحول أصواتهم الخالدة مازال يتجمع ملايين المسلمين حول العالم، متمتعين بأصواتهم بالتجمعات والشاشات والإذاعات وغيرها. لقد سعدت وكثيرون غيري بالبرنامج المهم «دولة التلاوة» صاحب الأهداف العبقرية حفاظا على قراءة القرآن وإحياء الدور المصري، وإعادة اكتشاف المواهب التي تزخر بها المدن والقرى والنجوع المصرية لإعادة قوتنا الناعمة، كما أنه يواجه طوفان الهزل الذي يهدد شبابنا بالسوشيال ميديا، بخلاف عشرات برامج اكتشاف كافة المواهب ماعدا القرآن وعلوم الدين، كما يعد «دولة التلاوة» وسيلة مهمة تعيد انتماء الشباب للقرآن وأهله وخاصته، بعد ان أصبح الشباب يتحرج من حفظ القرآن بل إخفاء إجادة تلاوته وترتيله مخافة «التريقة والتحفيل من أقرانه». كل التحية والتقدير للبرنامج والقائمين على تنفيذه والمشاركين فيه، والتقدير كذلك لصورته البهية تأكيدا للحرص على إنجاحه وانتشاره، لكن يظل البرنامج بداية وأساسا قويا لابد من البناء عليه، فبداية يجب أن نعتبره من أعمال المنفعة العامة، لا يخضع للمنافسة الإعلامية التي تمنع الوسائل الأخرى بخلاف قناة الحياة من بثه، فلابد من بث حلقاته بكافة القنوات والمواقع الإلكترونية والإذاعات وصفحات السوشيال القولية تحقيقا للنفع العام لمجتمعنا، وأن يتحول لبرنامج دائم بعدة مواسم، مع تولي وزارة الأوقاف وغيرها آليات كشف كنوز القراءة المدفونة بكافة أرجاء المحروسة، وألا يقتصر الأمر على فوز متسابق او اثنين، بل نستفيد منهم جميعا، فهناك 32 متسابقا وصلوا الى النهائيات من 14 ألفا تقدموا للمسابقة، فعلى الاقل نستفيد من ال32، كما نرجو من الشركة المتحدة الداعمة لهذا البرنامج المهم بث برامج مشابهة لنرى واحدا للإنشاد الديني، وآخر للتفسير والفقه الوسطي، فتلك هي التحركات العملية لمواجهة التطرف وتجديد الخطاب الديني ومواجهة اية محاولات لهدم شبابنا وإبعادهم عن صحيح الدين.