يشكو كثير من الناس من الانتفاخ والغازات وألم البطن بعد تناول الطعام، وغالبا ما يُشخص الأمر خطأً بأنه قولون عصبي أو عسر هضم، لكن كما يوضح د.عماد سلامة، أخصائي التغذية العلاجية، هناك حالة أخرى أصبحت شائعة في السنوات الأخيرة تُعرف باسم السيبو (SIBO)، وهي اختصار ل Small Intestinal Bacterial Overgrowth، أي زيادة نمو البكتيريا في الأمعاء الدقيقة. يشرح د. عماد أن الجهاز الهضمي يتكون من نوعين رئيسيين من الأمعاء، الأمعاء الدقيقة، وهي المسؤولة عن امتصاص الطعام والعناصر الغذائية، والأمعاء الغليظة (القولون)، التي تعيش فيها أنواع من البكتيريا المفيدة بشكل طبيعي. اقرأ أيضًا | 4 عادات صحية لتقليل الانتفاخ بعد الأكل في الحالة الطبيعية، تبقى البكتيريا داخل القولون، لكن في حالة السيبو، تهاجر هذه البكتيريا إلى الأمعاء الدقيقة وتبدأ في التكاثر بطريقة غير طبيعية، مسببة اضطرابات في عملية الهضم والامتصاص. ويضيف أن المشكلة تكمن في أن أعراض السيبو تتشابه كثيرًا مع أعراض القولون العصبي، مما يجعل التشخيص صعبًا في البداية، ومن أبرز الأعراض التي يلاحظها المرضى: انتفاخ شديد في البطن، غازات مزعجة، ألم أو مغص بعد الأكل، إسهال أو إمساك متكرر، تعب وإرهاق عام، فقدان وزن بدون سبب واضح، ونقص بعض الفيتامينات مثل B12 وD. أما عن أسباب الإصابة، فيوضح د. سلامة أن الأمعاء الدقيقة في الحالة الطبيعية تتحرك بطريقة منظمة تطرد أي بكتيريا زائدة، لكن في حالة السيبو، يحدث خلل يجعل هذه البكتيريا تبقى وتنمو، ويرتبط هذا الخلل بعدة عوامل، منها بطء حركة الأمعاء كما في بعض حالات القولون العصبي أو مرضى السكري، واستخدام المضادات الحيوية لفترات طويلة، أو نقص حمض المعدة الذي يساعد على قتل البكتيريا الداخلة مع الطعام، إلى جانب مشكلات في الصمامات بين الأمعاء الدقيقة والغليظة أو إجراء جراحات سابقة في الجهاز الهضمي. ويشير إلى أن الطبيب المتخصص يمكنه اكتشاف الإصابة بالسيبو من خلال اختبار تنفس الهيدروجين والميثان، وهو فحص بسيط يشرب فيه المريض محلولًا يحتوي على نوع من السكر (مثل اللاكتولوز أو الجلوكوز)، ثم يتم قياس نسبة الغازات في النفس، فإذا كانت هناك بكتيريا زائدة في الأمعاء الدقيقة، فإنها تنتج غازات تُكتشف في الفحص، مما يؤكد التشخيص. ويؤكد د. عماد أن علاج السيبو يتم على مراحل متعددة، تبدأ باستخدام مضادات حيوية متخصصة للقضاء على البكتيريا الزائدة، مع اتباع نظام غذائي خاص لتقليل الأطعمة التي تغذي البكتيريا، كما يشمل العلاج تحفيز حركة الأمعاء عن طريق الأدوية أو الأعشاب، وتعويض الفيتامينات والمعادن المفقودة، وأخيرًا علاج السبب الأساسي مثل السكري أو بطء حركة الأمعاء. وينصح أخصائي التغذية بتجنّب بعض الأطعمة مؤقتًا أثناء العلاج، مثل البقوليات (العدس، الفول، الحمص)، والبصل والثوم، ومنتجات الألبان التي تحتوي على لاكتوز، والسكريات الزائدة والفواكه الكثيرة، والخضروات الورقية. وفي المقابل، يفضل تناول البروتينات الخفيفة مثل الدجاج والسمك واللحوم، مع الخضروات سهلة الهضم كالكوسة والخيار، إضافة إلى الأرز والبطاطس بكميات معتدلة.