تحل اليوم ذكرى رحيل الفنان القدير أحمد خليل، أحد أبرز نجوم الدراما والسينما المصرية؛ الذي ترك بصمة فنية وإنسانية لا تُنسى في قلوب جمهوره وزملائه في الوسط الفني. أطلق عليه كبار المخرجين لقب «الباشا»، بينما كان زملاؤه في الوسط الفني ينادونه ب«البرنس»، في حين وصفه عشاق فنه بأنه «كوكتيل من الإبداع» لما امتلكه من موهبة فريدة وقدرة على تقمّص الشخصيات باحتراف. وُلد أحمد محمد إبراهيم خليل في 15 يناير عام 1941 بمدينة بلقاس بمحافظة الدقهلية، في عائلة ريفية شديدة المحافظة على العادات والتقاليد، متمسكة بالمبادئ والأخلاق الطيبة، وكانت تهتم بالعلم والثقافة. كان جده ناظر مدرسة بلقاس الثانوية بالدقهلية، ووالده طبيبًا حاصلًا على الدكتوراه من فرنسا في علاج السرطان النخاعي، أما والدته فكانت حاصلة على ما يعادل شهادة الثانوية العامة من إحدى المدارس الفرنسية، وتجيد العزف على البيانو، وكانت تتنافس مع زوجها في حب الموسيقى، إذ كان هو الآخر يعزف على آلة الكمان. كان أحمد خليل مولعًا بالتمثيل منذ طفولته، إلا أن والده رفض في البداية أن يسلك طريق الفن، إذ كان يأمل أن يرى ابنه مهندسًا. وبعد أن أنهى أحمد دراسته الثانوية، تمكن من إقناع والده بالسماح له بالالتحاق بمعهد السينما، بشرط أن يدرس الإخراج. لكن شغفه بالتمثيل دفعه إلى الالتحاق سرًا بقسم التمثيل دون علم والده. ولم يُكشف أمره إلا عندما نال المركز الأول في القسم حينها أدرك والده موهبته الاستثنائية، ووافق على دعمه ومساندته في مسيرته الفنية. تخرّج أحمد خليل في معهد السينما عام 1965، وتم تعيينه معيدًا بالمعهد، ثم التحق بفرقة مسرح الجيب، حيث عمل مع المخرج كرم مطاوع، وشارك في تسع مسرحيات تنقّل خلالها من أدوار الكومبارس إلى أدوار البطولة، من بينها: «يا طالع الشجرة»، «ياسين وبهية»، و«حب تحت الحراسة»، «زهور برية» و«3 وجوه للحب»، واستمر نشاطه المسرحي حتى تم إلغاء فرقة مسرح الجيب. وفي عام 1966، التقى الفنان أحمد خليل بالرئيس جمال عبد الناصر خلال عيد الفن، حيث كرّمه الرئيس تقديرًا لتفوقه بعد حصوله على المركز الأول على مستوى أكاديمية الفنون بجميع معاهدها المختلفة عام 1965. وجاء هذا التكريم في وقتٍ كان فيه والده يمرّ بمراحله الأخيرة من مرض السرطان، وقد شاهده أثناء لحظة تكريمه عبر التلفزيون، وهو ما ترك في نفس أحمد خليل أثرًا عميقًا لا يُنسى. وفي السبعينيات، وتحديدا عام 1974، سافر أحمد خليل إلى الخليج العربي، حيث حقق شهرة واسعة بمشاركته في عدد من الأعمال المميزة، من أبرزها مسلسل «سليمان الحلبي» الذي جسّد فيه شخصية الجنرال الفرنسي كليبر. بعد فترة من النجاح، عاد أحمد خليل إلى مصر ليواصل مشواره الفني، مقدمًا مجموعة من الأعمال التي رسخت مكانته كأحد أبرز نجوم الشاشة المصرية. ترك خليل بصمة واضحة في السينما من خلال مشاركته في عدد من الأعمال البارزة، من بينها: «كتيبة الإعدام»، «جاءنا البيان التالي»، «إعدام بريء»، «القتل اللذيذ»، «امرأة فوق القمة»، «ناصر 56»، «ضد الحكومة»، «فخ الجواسيس»، «الأراجوز»، «الأوغاد». أما على صعيد الدراما التلفزيونية، فقد تألق أحمد خليل في مسلسلات متنوعة ومؤثرة، منها: «الساقية تدور»، «الباب فى الباب»، «حساب السنين»، «رحلة عذاب»، و«الحكر»، «مولد وصاحبه غايب»، «دنيا جديدة»، «الخطيئة». كما برع في أدوار مهمة في مسلسلات: «هوانم جاردن سيتي»، «حديث الصباح والمساء»، «زمن عماد الدين»، «موعد مع الوحوش»، «رد قلبي»، وكان آخر أعماله حكاية «حكايتي مع الزمان» ضمن مسلسل «إلا أنا» بطولة ميرفت أمين. تزوج أحمد خليل مرتين، كانت الأولى من الفنانة سهير البابلي في بداياته الفنية، واستمر زواجهما لمدة عامين قبل أن ينفصلا بسبب عدم التوافق، مع الحفاظ على علاقة ودية سمحت لهما بالتمثيل معًا لاحقًا. أما الزواج الثاني فكان من سيدة ألمانية، واستمر هذا الزواج حتى وفاته. رحل أحمد خليل عن دنيانا في 9 نوفمبر 2021 ، عن عمر ناهز ال 80 عاما، متأثرا بتداعيات إصابته بفيروس كورونا، مخلفًا وراءه ذكريات فنية لا تُنسى وأعمالًا ستظل خالدة. اقرأ أيضا: الذكرى الأولى لرحيل حسن يوسف.. «ولد شقي» عاش للفن ومات بقلب مكسور