فى السابعة مساء السبت مطلع نوفمبر 2025 توقف الزمن وكأن الأرض تخلت عن توانيها واتجهت الأنظار لمصر لمشاهدة احتفالية افتتاح المتحف المصرى الكبير . يبدو أننا كمصريين كنا على موعد مع الفرحة، انتصارات بالجملة فى شهر أكتوبر بداية من ذكرى العبور العظيم يوم العزة والكرامة مرورا بانتخاب مرشح مصر د. خالد العنانى مديرا عاما لليونسكو ثم نجاح الجهود المصرية الحثيثة لوقف الحرب فى غزة وتوقيع اتفاق شرم الشيخ للسلام بحضور قيادات العالم. وكأن موجة الفرح أبت أن تفارقنا ليأتى مطلع نوفمبر بالفرحة الكبرى بافتتاح المتحف المصرى الكبير لتواصل مصر إبهار العالم بمشروعات تستهدف الحضارة والإنسان وبث قيم الحب والسلام فى كل مكان وهذا ما قدره الله لها فهى أم الدنيا والمتحف هدية مصر لكل الدنيا. هذا الحدث العالمى الفريد على أرض مصر المحروسة يحتاج مجلدات لرصده وتحليله وتداعياته على الحضارة الإنسانية فى مختلف مجالات العلوم لكن أعظم ما فيه مشاركة العالم أجمع فى احتفاليتنا التى نقلت لكل أنحاء العالم بكل اللغات. حدث لا يتكرر كثيرا، المصريون فى كل مكان بالزى الفرعونى يتغنون باسم مصر وفضلها على الحضارة والتاريخ وأطفال المدارس بالملابس الفرعونية فى أرجاء المحروسة احتفاء بالحدث الكبير، ولمَ لا؟ فالحديث يتعلق بافتتاح أكبر متحف فى العالم يضم أكثر من 50 ألف قطعة أثرية تنتمى لحضارة واحدة تحت سقف واحد. هكذا هى مصر دائما تبهر العالم رغم ما تواجهه من تحديات ففى الماضى القريب شهد العالم كله احتفالية موكب المومياوات وبعده افتتاح طريق الكباش بالأقصر أرض الآثار. وفى السابعة مساء السبت مطلع نوفمبر 2025 توقف الزمن وكأن الأرض تخلت عن توانيها واتجهت الأنظار لمصر لمشاهدة احتفالية افتتاح المتحف المصرى الكبير ذلك الحدث العظيم حيث خرج المصريون عن بكرة أبيهم لمشاهدة احتفالية الحدث فى شاشات كبيرة بالميادين والشوارع مرددين «تحيا مصر» ومبتهجين بحضارة الأجداد وإبداع الأحفاد لعرضها فى مكان واحد بأحدث تكنولوجيا العروض المتحفية فى العالم بما يعد أكبر دعاية للسياحة فى بلدنا المضياف الذى حباه الخالق بثلثى آثار العالم وحان الوقت ليأخذ النصيب الذى تستحقه على خريطة السياحة العالمية. العرض الفنى رغم بعض الانتقادات على العرض الفنى فى الاحتفالية لكنه جاء متوازنا ويعكس تعانق فخامة الماضى العريق مع مستقبل التكنولوجيا والذكاء الاصطناعى والهدف منه فى الأساس الحفاظ على حضارتنا وتعريف العالم بها فى إطار خطة الدولة للوصول إلى مستهدف اجتذاب 30 مليون سائح بحلول 2030. فى النهاية الكمال لله وحده وما وجدت التجارب إلا لنستخلص منها الدروس.. فدعونا نفرح بإنجازاتنا وبأمجاد أجدادنا ونهمس بملاحظاتنا للجهات المختصة ليس من باب التجريح والتشويه ولكن بغرض المزيد من التجويد بما يواكب تطلعاتنا.. وأرى ضرورة أن تكون الانتقادات للعرض الفنى معظمها صادرة من متخصصين وليست مجرد انطباعات فالمناسبة حدث عظيم وبحضور عالمى غير مسبوق. تضمن العرض مفاجآت مفرحة أولها ظهور للنجمة شريهان بعد طول غياب وأرى أن مشاركتها كانت فاكهة العرض وتتويجا لمسيرتها مهما كان الجدل حولها فقد أسعدتنا كثيرا وكان لها حق التكريم. قدّمت شريهان فقرة استعراضية مبهرة أسعدتنا بأداء صدر من القلب من مصرية تعتز بوطنها.. قالت بعد الحفل: «الشرف كله ليا، ما فيش أعظم من النهارده، ده تتويج لعمرى ومسيرتى، وفخورة إنى كنت وسط أبطال مصريين كلهم عظماء».. وتابعت بتأثر: «مش قادرة ألمّلم مشاعرى، حاسة إنى محتاجة أصلى بقية عمرى شكر وامتنان لله على اليوم ده، لأنه شرف ما بعده شرف، على أرض بلدى مصر».. حديث لا تستطيع إلا أن تحترمه وتستنكر التنمر على سنها ولياقتها. أما عن فستانها المذهل، فأرى أن الحق فى الحديث عنه لخبراء الأزياء. أحفاد أبو زهرة الوطنية فى أجمل صورها تجلت فى العرض بمشاركة صامتة بالزى الفرعونى لنجوم أصبحوا ملء السمع والبصر مثل أحمد مالك وأحمد غزى والجميلة هدى المفتى وسلمى أبو ضيف التى أقنعتنى أنها فرعونية خالصة بجانب نجوم الرياضة أحمد الجندى بطل الخماسى الحديث وفريدة عثمان بطلة السباحة وفريال أشرف بطلة الكاراتيه. وتثبت حقيقة أن مصر ولادة بظهور ثنائى السوبرانو شيرين طارق وفاطمة سعيد فى فقرات أوبرالية تناسب ضيوف الحفل ومناسبة الحدث العالمى الفريد حيث قوبلتا بإعجاب كبير من المشاهدين مع ياسمين العبد. وتصدرت شيرين طارق محركات البحث لمعرفة معلومات عنها وهويتها فهى من مواليد محافظة الإسكندرية 1993 من أب مصرى وأم أمريكية، وسافرت مع والديها بعد فترة قصيرة إلى ولاية ميرلاند الأمريكية.. ودرست علم الاجتماع والأنثروبولوجيا فى جامعة تاوسون، لكنها لم تتخل عن شغفها الأول بالفن، فدرست الغناء والتمثيل والرقص فى معاهد متخصصة لتبدأ رحلتها فى عالم الفن، وشاركت فى بطولة مسرحية على مسرح برودواى الشهير فى نيويورك، وقدمت دور «إيليزا دوليتل» فى المسرحية الغنائية «سيدتى الجميلة» والتى تم تمصيرها بالاسم نفسه لتمثل أنجح مسرحيات الثنائى فؤاد المهندس وشويكار. ونصل لزينة الاحتفالية حفيدتى الفنان الكبير المحترم عبد الرحمن أبو زهرة مريم وأميرة أحمد أبو زهرة وشاركتا بعزف رائع على الكمان بمهارة وتناغم رائعين.. وكانتا بالفعل زينة الحفل.. وكم كانت فرحتى بالبسمة الجميلة على وجه الجد الفنان عبد الرحمن أبو زهرة. هكذا هم أبناء مصر معجونون بعشق الوطن ليطل علينا نجم السينما كريم عبد العزيز والنجمة منى زكى فى مشاهد صوتية قصيرة تؤكد أن القوى الناعمة المصرية جاهزة دائما فى أى عمل يقدم صورة ناصعة للوطن. أول قصة حب الاحتفالية فى مجملها جاءت فى حب مصر بدءا من المشروع الفخم إلى الاحتفالية بما يعلى قيم الحب والسلام التى سجلها المصريون منذ قديم الأجل. لنتأمل عبارة «هى التى من أجلها تشرق الشمس» وهى أول عبارة حب موثقة بالتاريخ عمرها ثلاثة آلاف سنة.. العبارة تلخص قصة حب الملك رمسيس الثانى والملكة نفرتارى، قالها الملك رمسيس الثانى لزوجته نفرتارى، وما زالت محفورة على جدران معبد «أبو سمبل» إذ وصفها ب «بن رت مروت» أى «حلوة الحب»، ولم يمنع ما اكتشف مؤخرا من زواجه بعدها بالعديد من النساء من كونها امرأة فريدة من نوعها أحاطته بحبها ليقول عنها «تلك التى تشرق الشمس من أجلها». ويبدو أن سلسال الحب كان متجذرا فى مصر الفرعونية فهذه «ميريت آتون» إحدى جميلات صعيد مصر.. ابنة الملكة نفرتيتى التى تفوقت على أمها فى الجمال.. حلت «ميريت آتون» محل الملكة نفرتيتى وحصلت على لقب الزوجة الملكية العظمى بعد زواجها من «سمنخ كا رع» الذى تولى الحكم بعد إخناتون.. ومن أشهر ما ورد عنها رسالة لزوجها وحبيبها فى ميدان القتال دفاعًا عن أرض الوطن تفيض بأرق العبارات وأعذبها تقول: «سأكون فى انتظارك دائما.. فانتظارك هو الأمل الذى أحيا به وأعيش له وما دامت تميمة حتحور تزين صدرك العريض وتوأمتها تزين معصمى فالله سيحفظك لتعود سالما إليّ كما وعدتنى بمحراب المعبد». وتتابع: «حبيبى سأكون بانتظارك وسأرتدى أجمل أزيائى كالشجرة التى تتزين بأجمل أزهارها.. سأكون بانتظارك كعيدان القمح التى تتزين بسنابلها الذهبية لتستقبل طيور السمان وتخفيه عن عين الناس». وطبعا الكثيرات سيتفاعلن مع قصص الحب الفرعونى بمقولة: «يا بختك يا نفرتارى.. يا حظك المايل يا رتيبة» بصوت الكوميديانة الراحلة زينات صدقى.. بينما يقول الرجال: «يا بختك يا سمنخ كا رع .. ناس لها بخت وناس لها ترتر» بصوت الكوميديان الراحل عبد السلام النابلسى .