الشرقية: إسلام عبدالخالق أسدلت محكمة جنح بلبيس في محافظة الشرقية، الستار على قضية أثارت تفاصيلها سخط الجميع ودهشتهم في آنٍ واحد؛ إذ قضت المحكمة بمعاقبة طالب بالسجن لمدة 5 سنوات، بعد ثبوت إدانته بإتيان أفعال خادشة للحياء عقب انتحاله صفة أنثى وبث مقاطع خادشة للحياء والذوق العام عبر وسائل التواصل الاجتماعي. المحكمة قضت بمعاقبة المتهم «عبودة» بعدما تيقنت المحكمة من ثبوت إدانة المتهم ب تهمتي الشذوذ الجنسي وممارسة الفجور؛ إذ حققت المحكمة كافة أركان البحث والفحص والتمحيص في القضية التي حملت الرقم 19593 جنح مركز شرطة بلبيس لسنة 2025، قبل أن تقضي حكمها بمعاقبة المتهم «ع ح ب م» 18 عاما، طالب ويقيم في إحدى القرى التابعة لنطاق ودائرة مركز شرطة بلبيس، بالسجن لمدة 5 سنوات، بتهمة ممارسة الفجور. تعود أحداث القضية لمطلع شهر أغسطس الماضي، عندما رصدت أجهزة تكنولوجيا المعلومات في وزارة الداخلية انتشار مقاطع فيديو خادشة للحياء تظهر خلالها «بلوجر» تحت شعار «ياسمين تخلي الحجر يلين» وهي تؤدي حركات راقصة وتتمايل لتثير غرائز الرجال على أنغام بعض موسيقى الأغاني الشهيرة، المحلية منها والأجنبية، وسط حركات من شأنها أن تثير شهوة الشباب وتؤجج غريزتهم الذكورية. تتبعت أجهزة وزارة الداخلية، ممثلة في رجال قطاع مكافحة جرائم تكنولوجيا المعلومات وقطاع البحث الجنائي، خيوط مقاطع الفيديو المنتشرة والحسابات التي أُنشئت لهذا الغرض الدنيئ المثير للشهوات، قبل أن تظهر المفاجأة جلية؛ فمن وراء تلك المقاطع المنتشرة انتشار النار في الهشيم هو شاب بالكاد أتم ربيعه الثامن عشر، لا يزال يدرس التعليم الفني بنظام الخمس سنوات (سياحة وفنادق)، فضلًا عن انفصال والديه، حيث يقيم داخل مسكن بسيط بالقرب من خالته في إحدى العزب التي تتبع قرية الزوامل في نطاق ودائرة مركز شرطة بلبيس في محافظة الشرقية. داهمت الأجهزة الأمنية مسكن المتهم وضبطته، وأثناء تفتيش المسكن كانت المفاجآت تتوالى، والأحراز تثير دهشة وحنق الجميع؛ إذ ضبطت ملابس نسائية «لانچري»، أغلبها كانت حمالات صدر من النوع المضغوط «بوش أب»، فضلًا عن بعض القطع الأخرى ذات الألوان الزاهية، بالإضافة إلى معدات تستخدم في تصوير مقاطع الفيديو وبثها عبر وسائل التواصل الاجتماعي. من «عبودة» إلى «ياسمين» التحقيقات بينت أن المتهم كانت له طقوس قبل أن يتحول من هيئته وملامحه الذكورية إلى نسخته النسائية التي وضع لها اسمًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي «ياسمين تخلي الحجر يلين»؛ إذ كان يتجرد من أية شعيرات تغطي وجهه، ويرسم حواجبه بعد تخفيفها، ويضع مساحيق التجميل ليصرخ وجهه بالأنوثة، قبل أن يخلع الملابس التي تغطي نصفه العلوي ويشرع في الانسلاخ من ذوريته إلى نسخة معدمة وملامح تصرخ بالأنوثة لجذب الأنظار وإثارة الشهوات. مرحلة تحول «عبودة» إلى «ياسمين» كانت المرحلة الأكثر إيلامًا لأي كائن أو ذكر يشعر ويغير ولديه من الغيرة القليل على اسمه وهيئته، لكن بطل الحكاية كان زائفًا ولا يريد شيئًا غير المال، وكعادته بعدما يخلع قميصه كان يرتدي عدة حمالات صدر فوق بعضها البعض، ليخلق وهم صدر ممتلئ يصرخ بالأنوثة، قبل أن يرتدي فستانًا أو ملابس نسائية فضفاضة تخفي باقي جسده، ويتبع تحوله ذاك بأن ينظر في المرآة، حينها لا يرى «عبودة» المهمش، بل يطالع «ياسمين» الجذابة التي يصرخ صدرها قبل ملامحها بأنثى جائعةً شهوتها، ويعزي أوهامه المريضة بأن شخصيته التي رسمها ويتحول إليها بين الحين والآخر تملك آلاف المتابعين. تظهر الفوارق كبيرة ويتحول حينها من شاب لا تخطيء العين ملامح ذكورته، إلى فتاة جسدها صارخ وملامحها تثير غرائز الذكور، ويتبع ذلك بأن يتمايل بصور أشبه لتلك التي تفعلها فتيات الملاهي الليلية اللاتي اعتاد رؤيتهن في أفلام السينما، ومرةً بعد مرة يأخذ الأمر طوره من محض محاولات إلى شخصية تتشابه كثيرًا مع «ميرڤت» الفتاة اللعوب التي تسعى للإيقاع بالرجال ليلًا وسط غياب تام لتحكم شخصيتها الأساسية «ناهد» التي جسدتها الفنانة الراحلة سعاد حسني في فيلم «بئر الحرمان» عن فتاة تتعرض لمرض يعصف بها ويحولها إلى حالتها تلك، بيد أن أوجه الغرابة بين الشخصيتين و«ياسمين» أن الأولى كانت سينمائية خالية من أي تحكم وقد أوجدها مرض صاحبتها، لكن الثانية كانت من صنع صاحبها ورغبته المريضة في تجسيد شهوته للمال رغم ما يسحقه في دربه الهش من قيم ومبادئ بالتأكيد لم يختزل أو يذكر أيًا منها. أمام جهات التحقيق في مركز شرطة بلبيس، وقف المتهم يُدلي باعترافاتٍ تفصيلية أكدتها تحريات رجال المباحث الجنائية حول الوقائع المتهم بارتكابها ومقاطع الفيديو الخادشة للحياء والمثيرة للغرائز التي أعدها ومثلها وصورها بنفسه دون معاونةً من أحد، مؤكدًا على خطوات تحوله وخيوط شخصيته التي رسمها قطعةً بعد قطعة، وملابسها التي اشترى أغلبها بعناية شديدة كما لو كان عروسًا تتجهز لشهر العسل مع عريسها بعد الزفاف. أقر المتهم واعترف أمام جهات التحقيق بأنه قد انتحل صفة أنثى وأقدم على الرقص بملابس خادشة للحياء ونشر مقاطع الفيديو بصورة تتنافى مع الآداب العامة عبر صفحات وحسابات أعدها وأدارها عبر مواقع التواصل الإجتماعي، قبل أن يشير إلى أن جرائمه التي ارتكبها تلك كان هدفه منها زيادة نسب المشاهدات وتحقيق أرباح مالية. تهم أخرى عدة تهم وبلاغات أخرى تلقتها جهات التحقيق بشأن المتهم، والذي واجه تهمًا أخرى غير انتحال صفة أنثى؛ حيث واجه محضرًا رسميًا يتهمه بممارسة الشذوذ الجنسي، فضلًا عن آخر يوجه له تهمة التهرب الضريبي، وسارت الإجراءات القضائية على وتيرتها المحققة للعدالة، ومثل المتهم أمام محكمة جنح بلبيس التي حاكمته في تهمتي ممارسة الفجور والشذوذ الجنسي، قبل أن تصدر حكمها بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة 5 سنوات. هكذا انتهت رحلة «ياسمين» التي «تخلي الحجر يلين»، لتبدأ رحلة «عبودة» الحقيقية خلف القضبان في غياهب السجن ووحدته، حيث يبحث عن هويته الضائعة بعيدًا عن أضواء الهواتف المحمولة وصرخات العالم الافتراضي وإشادات المتابعين، في درسٍ سيكون قاسيًا إلى أبعد الحدود ليجسد الثمن الحقيقي لأي شهرة زائفة، لكنه ربما يضع حدًا فاصلًا من حدود الحرية في مواجهة قيم المجتمع وتقاليده واعتباراته. فقد الاحترام لنفسه وفي هذا الشأن تشير الدكتورة هالة منصور، أستاذة علم الاجتماع، إلى أن المتهم يرتبط بدوافعه وقناعاته التي تؤكد أن لديه الاستعداد ليبيع كل شيء، يبيع نفسه وكرامته وصفته الذكورية حتى مقابل المال، وهذا التوجه هو الذي دفعه لفعل ذلك عبر السوشيال ميديا، وأنه لو كان يريد «تريند» كانت هناك سبلًا كثيرة غير ذلك. وأوضحت أستاذة علم الاجتماع، خلال حديثها ل «أخبار الحوادث»، أن ما فعله المتهم يحسم مسألة انحرافه أخلاقيًا، وأنه غير سوي ولا يوجد لديه احترام لذاته أو تقدير لنفسه، ولديه الاستعداد أن يتاجر في نفسه بما يُعد «دعارة ذاتية». وعن فترة عقوبة المتهم، أشارت الدكتورة هالة، إلى أن السجن في الوقت الراهن يحاول من خلال برامج اجتماعية ونفسية ورعاية تأهيل النزلاء حال كونهم مؤهلين للاستفادة من تلك البرامج، لكن في حالة هذا المتهم ربما يكون السجن مغايرًا لذلك بصورة تامة؛ كون المتهم قد عبر عن نفسه بتلك الطريقة الانحرافية وانتحل صفة أنثى، وحتمًا سيواجه صعوبات في السجن وربما تجذب قصته اهتمام السجناء هناك، خاصةً أن ما فعله نوع من أنواع الدعارة الذاتية والشذوذ، لذا فإن تقويمه يتطلب خضوعه لعلاج نفسي وأن يكون راغبًا في تعديل سلوكه الانحرافي هذا. استاذة علم الاجتماع أوصت بأن يقضي المتهم عقوبته في سجن انفرادي، كونه في حالته تلك وتهمته التي ارتكبها، سيكون عبئًا على إدارة السجن وعلى المساجين أنفسهم قبل أن يكون السجن عبئًا عليه؛ فهو بصدد مشهد لا يتوقعه أحد حال وضعه داخل عنبر رجال محبوسين محرومين من أية إشباعات سوية ويتم وضع شخص معهم شبيه بالرجال، لذا من الإنصاف وضعه في سجن انفرادي كونه يستحق ذلك لفعلته، قبل أن تشير إلى أن تعديل سلوكه يرتبط برغبته هو فقط في ذلك قبل أي شيء، وأنه حال قضاء السجن بين المساجين ربما يتعرض لانتهاكات لكنه لن يجمع سلوكًا أو يمكنه تعديل ذاك السلوك المنحرف طوال مدة عقوبته. اقرأ أيضا: ضبط صانعة محتوى لنشرها مقاطع خادشة للحياء بالدقهلية