لأنه أمل تحقق بعد طول انتظار، ولأنه إنجاز كبير بأى معيار للقياس، ولأنه يمثل تعزيزًا لمكانة مصر كوجهة سياحية متميزة وفريدة، وبالتأكيد ستتم ترجمة ذلك فى حجم العوائد الاقتصادية و... و.. ولأنه ثمة أسباب عدة تدعو كل مصرى للفرحة، والسعادة والفخر، لكن هناك ما يدعونى لمضاعفة ذاتية لتلك المشاعر. المتحف الكبير كونه سردية رائعة لأقدم حضارة فى التاريخ، إلا أنه فى ذات الوقت يمثل ذاكرة للمستقبل، حين يحكى عبر آلاف القطع التى يحتضنها، تاريخ مصر منذ 7 آلاف سنة، لأجيال وراء أجيال لقرون قادمة. فرحتى الشخصية مبعثها أن هذا الصرح يتجاوز غيره من المتاحف، ليس لضخامته، أو تفرده بمزايا، ولكن كونه منارة تضيء للأحفاد، وأحفاد الأحفاد مشاعل لا تنطفئ جذوتها قط للوعى بعظمة الوطن، من خلال سياج متنية تحمى الذاكرة الوطنية، وتعزز الهوية الجامعة لمصر بعمق تاريخها. مولد «المتحف الكبير»، يواكب لحظة صعبة فى تاريخ الوطن، إذ يواجه حربًا ضروسًا لتزييف التاريخ، والتشكيك فى ثوابته، وفى ظل تدفق هائل للمعلومات مغلوطة، وأنصاف حقائق مخلوطة بسموم سوداء، فإن هذا الصرح يمثل مرجعًا تاريخيًا حيًا، يقطع السبل على من يحاولون تزييف الوعى والهوية والتاريخ. فى اللحظة الراهنة يحق للأجيال الجديدة أن تستند فى مسارها نحو المستقبل، واللحاق بركب الحضارة، على تاريخ حضارى راسخ، ساهم فى بناء الحضارة الإنسانية، وسوف يمثل منطلقًا للإسهام فى بناء مستقبلها، عندما يستوعبه كل مواطن مصرى فى موقعه، متسلحًا بوعى تاريخى، شواهده ماثلة بين جدران «المتحف»، الذى جاء افتتاحه فى موعده تمامًا. ثمة أدوار تعليمية وتنويرية وتثقيفية تنتظر التفعيل عبر تنسيق بين وزارات التعليم والشباب والأوقاف والجامعات و... و.. وكل الجهات المعنية بالتنشئة. وتنمية الوعى بالتاريخ والتأهيل للمستقبل، من خلال تنظيم زيارات للمتحف الكبير، حتى يمتزج فى ساحاته قدرات صناع المستقبل مع تاريخ الوطن العريق، إذ صناعة المستقبل الواعد لا تنفصل عن روح التاريخ وحتمية تشربها. الإطلال على المستقبل، يستدعى الإحاطة بالماضى .