فى عام 1933، كنت ضمن ممثلات مسرح رمسيس، كان المسرح كل حياتي فقررت عدم الزواج، تقدم لخطبتى شاب من أهل الريف لا أعرف عنه شيئاً سوى أنه واسع الثراء، فرفضت ومضت الأيام، ونسيت الخطبة التى لم تشغل خاطرى يوماً ! قامت فرقة رمسيس برحلة ناجحة فى الوجه البحرى، وفوجئت بيوسف وهبى يزورنى فى الفندق، ومعه ضابط كبيرقدمه الىّ قائلاً : «سعادة الحكمدار»، فقلت : «تشرفنا يا افندم»، فقال : «والله أنا آسف جداً .. وردت الىّ تقارير من مصادر مختلفة تجمع على أن « ...» الثرى المعروف، أوعز إلى فلاحين بإحداث شغب كبير فى الصالة هذا المساء، فإما أن توافقى على الزواج منه، وإما أن يغتالوكى لا قدر الله، وقد اتخذنا اللازم لحمايتك، ومن الأفضل أن تعودى فوراً الى القاهرة، دون أن يشعر بسفرك أحد، وطبعاً لن تذهبى للمسرح الليلة، ولن تغادرى الفندق إلا إلى محطة القطار.. فما رأيك ؟ تدخل الأستاذ يوسف وهبى، وأبدى شديد أسفه لحرمان الفرقة من جهودى، طوال المدة الباقية من الأيام المقررة للرحلة فأدركت أنه هو أيضاً يفضل لو عدت إلى القاهرة، فعدت بالسيارة وعلمت أن رجال الوجيه الثرى كانوا يحتلون المسرح، فلما علموا أننى غير موجودة، انصرفوا لحال سبيلهم ! ■ وفى سنة 1933 أيضاً، لاحظ الأستاذ يوسف وهبى أن مستوى الرشاقة بين ممثلات الفرقة فى هبوط مستمر، فاجتمع بنا ونصحنا بأن نقلل من كميات الطعام التى نتناولها، حرصاً على رشاقتنا. ولم يختص واحدة دون زميلاتها بالحديث، وأخبرنا أنه اتفق مع أحد المدربين على الحضور بعد ظهر كل يوم، لنقوم جميعاً بتمرينات رياضية، وفعلاً انقصت كميات الطعام التى أتناولها، وتجنبت النشويات، والدهنيات والحلوى، وحرصت على حضور التمرينات الرياضية كل يوم برغم أننى كنت أميل الى النحافة، فازداد جسمي نحولاً، وذات مساء أغُمى علىّ فى حجرتى عقب التمثيل، واستُدعى الطبيب الذى أكد أننى أصبت بفقر الدم، ونصح بأن أستريح أسبوعين لا أبذل خلالهما أى مجهود بدنى، وأضاعف كميات الطعام التى أتناولها وأصدر الأستاذ يوسف وهبى أوامر مشددة بأن أنفذ تعليمات الطبيب حتى أستعيد صحتى. ■ وكان فى استوديو مصر كلب ضخم، يقف دائماً عند الباب الخارجى، كان هادئ الطبع جداً، لا يعوى ولا ينبح إلا نادراً، وذات يوم ذهبت الى الاستديو ومعى صديقة أرادت أن تشاهد العمل بالاستديو ونبح الكلب نباحاً شديداً، فجمعت أطراف شجاعتى وصرخت فيه ولكن بدون جدوى، وإذا ببواب الاستديو يسرع نحونا وهو يقول لى: «يا ستي لما تجيبى واحدة معاكى مش تقولى ؟ انتِ فاكراها سايبة ؟ أمال الكلب هنا بيعمل إيه ؟ الكلب أكيد نبح عليها عشان إنها مش ممثلة !». أمينة رزق «الكواكب» - 22 مارس 1955