«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فرقة رمسيس حملت شعلة المسرح المصري.. وانطلقت ب«المجنون» منذ 100 عام
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 09 - 03 - 2023

يمر، غدا الجمعة 10 مارس 2023، 100 عام على ميلاد فرقة رمسيس المسرحية التي أسسها الفنان الكبير يوسف وهبي، حيث انطلق العرض المسرحي الأول للفرقة، في 10 مارس 1923، وكان بعنوان "المجنون"، على مسرح راديو بشارع عماد الدين "حاليا مسرح نجيب الريحاني".
كانت فرقة رمسيس، على رأس الفرق المسرحية التي أثرت المسرح المصري في بدايات القرن العشرين، حيث قدمت الفرقة روائع المسرحيات العالمية، بالإضافة لمسرحيات محلية كتبها فنانو الفرقة، وقدمت الفرقة أعمالها باللغة العربية وبلغات أخرى مثل الفرنسية، كما اكتشفت العديد من الفنانين ومنهم فاطمة رشدي، وستيفان روستي، وأنور وجدي، وروزاليوسف، وذكي رستم وزينب صدقي.. وغيرهم"، واستمرت أضواء مسرح فرقة رمسيس لعشرات السنوات، من 1923 حتى 1961، وهي أطول مدة زمنية لفرقة مسرحية.
حكاية فرقة "رمسيس" تبدأ أوائل عام 1922
عاد الفنان يوسف وهبي من إيطاليا إلى مصر، بعد دراسة هندسة الكهرباء، على مدار 3 سنوات، وخلال تلك الفترة التحق ب"كونسيرفتواريو دراماتيكو ميلا نيزي" بميلانو، ليدعم هوايته المسرحية، وعمل بالمسرح والسينما الإيطالية، واتخذ لنفسه هناك اسم "رمسيس"، ومن هنا جاءت فكرة اختيار اسم الفرقة "رمسيس"، وفي ذلك الوقت ورث 10 آلاف جنيه بعد وفاة والده عبد الله باشا وهبي، وأول شئ فكر فيه هو استخدام هذا الميراث الكبير في تحقيق حلمه منذ الصغر، حيث راوده حلم تاسيس فرقة مسرحية، منذ أن شاهد عرض لفرقة "سليم قرداحي" في بلده سوهاج، وقرر بالميراث أن يؤسس فرقة مسرحية تقدم فن التراجيديا، حيث يؤمن بوظيفة المسرح الاجتماعية والجمالية، خاصة أن كل الفرق المسرحية وقتها كانت ذات الطابع الكوميدي، مثل فرق "نجيب الريحاني وعلي الكسار"، "جورج أبيض"، "منيرة المهدية"، "سلامة حجازي"، "أولاد عكاشة" و"عبدالرحمن رشدي".. وغيرها، وبدأ "وهبي" في البحث عن أستاذه ومكتشفه "عزيز عيد"، ووجده يسير في شارع عماد الدين بالقاهرة رث الثياب بائس الحال بعد أن خسر أمواله وفرقته المسرحية، فقرر يوسف وهبي أن يسافر مرة أخرى إلى إيطاليا، ومعه عزيز عيد ليصنعا سويا تصورا جديدا للمسرح في مصر مختلفا عن ما هو موجود، وفي أحد مقاهي ميلانو، قابلا الشاعر أحمد شوقي، الذي ناقش معهما حال المسرح والثقافة في مصر، وأقنع "وهبى" بضرورة العودة إلى القاهرة وإنشاء فرقة مسرحية جادة تجمع كل نجوم الدراما الجادين الذين لا يعملون، وتعمل على نشر الفن التمثيلي والمسرح الراقي بين الناس.
وأخذ يوسف وهبي على عاتقه بعد عودته، البحث عن أعضاء للفرقة، وعن مقر للفرقة ومسرحا، وبدأت الرحلة بمعاونة صديقه وأستاذه عزيز عيد الذي جعله مديرا فنيا ومخرجا رئيسيا بالفرقة، واختار الممثل ومعد المناظر المسرحية "أدمون تويما" مستشارا فنيا، وتعاقد مع عدد من الفنانين، منهم روز اليوسف وزينب صدقي وفاطمة رشدى وفردوس حسن وحسين رياض وأحمد علام، ومختار عثمان وحسن فايق واستفان روستي وفتوح نشاطى وعزيزة أمير وحسن البارودى وروحية خالد وأمينة رزق وسرينا إبراهيم.. وغيرهم، وانضم للفرقة فيما بعد تحديدا نهاية 1923 جورج ابيض وزوجته دولت ابيض ولكنهما انفصلا عن الفرقة بعد عام واحد فقط، أما بالنسبة لدار العرض قام باستئجار دار سينما "راديو" بشارع عماد الدين وحولها إلى مسرح ثم ألحق به فيما بعد حجرتين كبيرتين من العمارة بواسطة كوبري لتكونا صالة للتدخين، تكونت فرقة رمسيس المسرحية بشكل كامل، في شهر نوفمبر 1922، واتفقوا على أن يبقى أمر الفرقة سرا حتى يتم الإعلان عنها في الصحف والمجلات، ولكن في 21 يناير 1923 فوجئ المصريون بخبر الإعلان عن الفرقة في جريدة المقطم، وكان نصه: "تعلن جريدة المقطم عن قرب افتتاح أكبر مسرح مصري على الطراز الحديث بشارع عماد الدين مع استعداد لم يسبق له مثيل مع توفر رأس المال الكبير وسيمثل على هذا المسرح نخبة من الممثلين والممثلات"، وكان زكي طليمات هو من أفشى السر، وتم الإعلان رسمياً في أواخر شهر فبراير 1923 بكل الجرائد عن أن المسرح هو تياترو "رمسيس" والفرقة هي فرقة "رمسيس" لصاحبها "يوسف وهبي" نجل المرحوم "عبد الله باشا وهبي" الحائز على دبلوم الإلقاء من معهد ميلانو بإيطاليا.
وفى يوم الاثنين 10 مارس 1923، تحديدا في تمام الثامنة و45 دقيقة مساء، فتح الستار عن العرض المسرحي الأول لفرقة "رمسيس المسرحية" وهو "المجنون" الذي اقتبسه يوسف وهبي عن نص أوروبي، وإخراج عزيز عيد، واشترى من ميلانو وروما الملابس والأثاث والإكسسوار وكشافات وعاكسات الإضاءة، وشاركت فيه اوركسترا المايسترو "شترن" بالموسيقى التعبيرية والتصويرية.
يوسف وهبي يضع قواعد ومواصفات مسرح "رمسيس"
اهتم يوسف وهبي بالدعاية لفرقة رمسيس المسرحية سواء في الصحف والمجلات والشوارع، وعرض صور للممثلين بالفانوس السحري في مدخل صالة المسرح، كما اهتم بالمسرح ذاته كمكان لابد وأن يكون نظيفا وأنيقا احتراما له ولمرتاديه، وضرورة المحافظة عليه كمسرح يتألق بالفن الراقي، لا منتزه تدخله المأكولات والمشروبات والمسليات، أو مقهى أو حانة يتبادل فيه المشاهد النكات مع ممثلي العرض، وطبق لأول مرة نظام "الأبونيه" السنوية لمشاهدة عروض الفرقة المسرحية فاقبل عليه الجمهور لدرجة أن "مقاصير الفوتيلات" كانت يطلق عليها اسم أصحابها، وأعدت بالمسرح قاعتين كبيرتين إحدهما للنساء والأخرى للرجال، وغطيت الصالة بالأبسطة السميكة، وحلت الفوتيهات المريحة محل المقاعد، ووضعت الثريات المشتراة من مزادات قصور روما بسقف المسرح ومقاصيره، وغطت الجدران بقماش الجبلان الأصيل والمرايا ذات البراويز المذهبة التي جاء بها من قصر البرنس "ديجاردا" في روتردام.
وضع يوسف وهبي، بعرض "المجنون"، أسس مسرح "رمسيس"، مسرحا مصريا يحاكي المسارح العالمية في أوروبا، وتفادى فيه أخطاء الفرق الأخرى، حيث رأى أن المسرح محراب مقدس لابد من توقيره، فقنن له بمعاونة عزيز عيد، قواعد عديدة منها احترام مواعيد فتح الستار والعناية بإطار العرض المسرحي وإضاءته ومناظره وحسن اختيار الديكورات والإكسسوارات، التي كان يعمل مع طاقم إنتاجه على اختيارها بدقة من كتالوجات المسرحيات الغربية والسعى لإحضارها من أوربا، مع استخدام فرقة موسيقية لعزف القطع الموسيقية المناسبة لكل عرض قبل رفع الستار عنه، لتهيئة المشاهد نفسيا إلى عالم المسرحية، فضلا عن اهتمامه الصارم بالبروفات ومواعيدها، والإيمان الكامل بالنص الدرامي وتقديس حوار الكاتب، وتنفيذ دقيق لتعاليم المخرج، وكل الأمور التي تجعل المسرح المصري يرقى لأن يكون على مستوى المسرح العالم.
وأصبحت الفرقة، تقدم عرضا جديدا كل أسبوع، منها ماهو مترجم عن نصوص أوربية "فرنسية وإيطالية"، خاصة عن أعمال ل"موليير وادمون روستا وبرنشتين وساباتينى وباركر وشكسبير وابسن وغيرها، إلى جانب الاهتمام بالمؤلف المصري والعربي مثل: انطون يزبك صاحب رواية "الذبائح"، وأمين صدقي الذي كتب "القرية الحمراء" تحت إشراف عزيز عيد، وداود عوني مؤلف "الجحيم"، ومحمود كامل الذي كتب نصي "الوحوش" و"المنتقم".
يوسف وهبي يصل بفرقة رمسيس للعالمية
كان عام 1926، عاما خاصا جدا لفرقة رمسيس، حيث أحدث طفرة كبيرة ونقطة تحول هامة لفرقة رمسيس، حيث قدم يوسف وهبي مسرحية "كرسي الاعتراف" ترجمة استيفان روستي، وتحكي المسرحية عن "كردينال" وهي مرتبة دينية رفيعة بالكنيسة الكاثوليكية، يتلقى اعترافا من قائد الجيش أنه قتل والد حبيبته الذي رفض أن يزوجها له، وبعد أن اعترف قائد الجيش بهذا الاعتراف الخطير اختفى لفترة، وفي فترة اختفائه تم اتهام أخيه بجريمة القتل، وأوشك أن يصل لحكم الإعدام وهنا يقع ال"كاردينال" في صراع نفسي صعب بين كونه "إنسان" يعرف القاتل الحقيقي وعليه أن يحمي برئ من الإعدام، ووكرجل دين لا يستطيع أيضا أن يفشي أسرار الرعية، ولاقت المسرحية قبولا كبيرا واستحسانا، وصلت أخباره لإيطاليا ولبابا الكنيسة الكاثوليكية وقتها "بيوس الحادي عشر"، فينعم على يوسف وهبي بالجائزة الذهبية عام 1927، ويضع اسمه في الكتاب الذهبي الخاص بالكاتدرائية، مما دفع "موسوليني" وكان حاكم ايطاليا وقتها، أن يعطي يوسف وهبي جائزة "كومنداتوري" أو لقب "فارس" بسبب عداء يوسف وهبي للشيوعية التي كان "موسوليني" يناصبها العداء إلى حد الإبادة، ومن هنا صار يوسف وهبي نجماً لامعاً في عالم الفن وأصبحت فرقة رمسيس من أعظم الفرق في الشرق، وأوروبا، ثم حدثت الأزمة بين يوسف وهبي وعزيز عيد.
انفصال عزيز عيد عن فرقة رمسيس
اختلف يوسف وهبي وعزيز عيد في إخراج مسرحية "كرسى الاعتراف"، فترك الأخير الفرقة، عقب شجار مفتعل بين الممثلة زينب صدقي وزوجة عزيز عيد فاطمة رشدي، وتولى وهبي الإخراج، وكون "عيد" فرقة خاصة به مع زوجته المستقيلة، وبدأت المشاكل تزحف على فرقة "رمسيس"، وكادت تعلن إفلاسها، لولا وقوف السيدة الثرية "عائشة فهمي" إلى جوارها، وتم إنقاذها، وتزوجت يوسف وهبي فيما بعد، وبفضلها استطاع أن يبني "مدينة رمسيس" (ومكانها الآن مسرح البالون) عام 1933، وكانت تضم ستوديو للسينما ومحطة إذاعة وملاهي متنوعة، وأول دار عرض مسرحي في الهواء الطلق، كانت فرقة "رمسيس" تقدم عروضها صيفا على منصتها، بينما تقدم عروضها في الموسم الشتوي على مسرحها الرئيسي بشارع عماد الدين "حاليا مسرح نجيب الريحاني".
الطلاق يجتاح القاهرة بسبب فرقة رمسيس!
من المواقف الطريفة التي حدثت في تاريخ فرقة رمسيس، ولكنه كان أيضا ضربة قاضية للفرقة في ذلك الوقت، أن الفرقة تسببت في اجتياح ظاهرة انفصال الأزواج لعدة أيام، بسبب مسرحية قدمتها على مدار 7 ساعات متواصلة.
قالت الكاتبة الراحلة فاطمة اليوسف "روزا اليوسف" في كتاب "ذكريات" التي تسرد فيه قصة حياتها، أنه في مطلع عام 1925، انضم جورج أبيض ومعظم أفراد فرقته القديمة إلى أسرة فرقة رمسيس، وتقرر أن يقدم جورج وممثلوه رواية: "سيرانو دي برجراك"، وهي مسرحية للشاعر الفرنسي إدموند روستان وترجمها للعربية الأديب مصطفى لطفي المنفلوطي، وهي رواية تحتوي على حوالي 16 منظرا، وهو عدد كبير قياسا على وقت وحجم المسرحيات التي كانت تقدم آنذاك، وتحتاج تبعا لذلك إلى أداء محكم سريع، واستعداد فني كامل لتغيير المناظر في وقت قصير، ولكن يبدو أن مسرح رمسيس لم يكن يضم هذا الاستعداد الضخم الذي تحتاج إليه الروايات التاريخية، خصوصا إذا كانت كثيرة المشاهد مثل رواية "سيرانو دي برجراك"، كذلك دفعت الظروف الفرقة إلى التعجيل في تقديمها، مما أدى إلى عدم إعطائها فرصة الاستعداد كاملة، فكانت النتيجة أن استمر تمثيل الرواية في الليلة الأولى لعرضها من الساعة التاسعة مساء حتى الساعة الرابعة فجرا، أي قرابة 7 ساعات متواصلة! حتى أن كثيرا من المتفرجين ناموا في الصالة منكمشين من البرد، وعندما خرجوا وجدوا الصباح قد أشرق، والمدينة بدأت تستيقظ.
وتؤكد روزاليوسف: "في اليوم التالي لعرض هذه المسرحية، اجتاحت القاهرة موجة من الطلاق بسبب هذا الحادث الفني الفريد، وعن السبب تقول: "فكم من زوجة لم تصدق زوجها حين جاء إليها مع الفجر وأقسم لها إنه كان في المسرح!!، وكم من زوج لم يصدق أسرته التي أرسلها إلى المسرح في التاسعة فعادت إليه مع الصباح"، وكانت هذه الحادثة بمثابة ضربة عنيفة هزت سمعة مسرح فرقة رمسيس الفنية، وهو ما دفع الفرقة للتخلي عن تلك المسرحية سريعا، وإعادة عرض رواياتها الناجحة مثل "غادة الكاميليا" و"فيدورا" و"المجنون".
نجوم خرجوا من عباءة فرقة رمسيس
شهدت فرقة رمسيس ميلاد واكتشاف العديد من النجوم، ومن وجودهم في الفرقة كانت بداية انطلاق نجوميتهم، منهم أمينة رزق التي التحقت بالفرقة عن طريق الصدفة، فأسند لها يوسف وهبي دورين صغيرين في مسرحيتي «ديفيد كوبر فيلد»، و«راسبوتين» ومن هذين العملين انطلقت نجوميتها، والأمر لم يختلف كثيراً في حالة الفنان زكي رستم، الذي كان من الممثلين الأساسيين في فرقة "جورج أبيض"، وسنه لم يتجاوز 21 عاماً، إلا أنه وبعد عدد من العروض التي شارك بها ترك الفرقة وانضم لفرقة "رمسيس" التي دوت شهرتها، وحققت نجاحاً هائلا، فشارك في عروضها المسرحية التي كتبت ميلاد نجوميته، وظل بها حتى عام 1930، أما أنور وجدي كان يشارك في الفرقة كعامل إكسسور بسيط، ولفت نظر يوسف وهبي بحركته وملامحه الوسيمة، فأعطاه الفرصة على خشبة المسرح للظهور كممثل في أحد جولات الفرقة في أمريكا اللاتينية، وظهرت موهبة أنور، واعتمد عليه يوسف وهبي كممثل بالفرقة، وأسند إيه أدوار كبيرة، ومنحه فرصة المشاركة في أول فيلم مصري ناطق هو «ابن الذوات» ليبدأ بعدها خطوات النجومية.
قدمت فرقة رمسيس طوال تاريخها الطويل ما يقرب من 300 مسرحية، منها "المجنون"، و"غادة الكاميليا" لالكسندر دوما الابن وقام ببطولتها يوسف وهبي وروزا اليوسف، و"لوكاندة الأنس" لجورج فيدو، و"الأناني" لإبراهيم المصري، "الشرف" للألماني سودرمان، و"الدم" و"راسبوتين" تأليف يوسف وهبي، و"المستر فو" لرافائيل سباتينى، و"ديفيد كوبرفيلد" لتشارلز ديكنز قدمت باسم "الذهب"، ومسرحية "الجبار" لهنري برنشتين، وقدمت في مسرح الرعب مسرحيات من فصل واحد منها : "طاحونة مقاريا" و"صرخة الألم" و"إكسير الحب" و"انتقام المهراجا"، و"عطيل"، و"الأب ليبونار" و"الجريمة والعقاب" و"كليوباترة" و"سيرانو دى برجراك".
في 1944 تعثرت الفرقة، وانضم أعضاؤها إلى "الفرقة المصرية للتمثيل" في مايو 1944، وحاول يوسف وهبي إعادة تكوينها أكثر من مرة، في أعوام "1947، 1957، 1960، 1969، و1970"، إلى أن انحلت تماما على إثر إعلان إفلاسها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.