فى غضون ساعات، يشهد العالم الحدث الثقافى الأبرز بافتتاح المتحف المصرى الكبير، الذى يُعد هدية مصر للعالم ورمزًا لحضارتها الخالدة، ومن هذه الانطلاقة، تبرز أهمية إعادة النظر فى سياسة المتاحف والمعارض الخارجية، لتكون المرحلة الجديدة التى ننطلق منها نحو العالم، تحت شعار: «آثارنا.. سفراؤنا إلى الشعوب». تُعد الآثار المصرية كنزًا لا ينضب، تحكى قصة حضارة تمتد لآلاف السنين، وتمثل من أعرق ما قدمته الإنسانية، ففى مستودعات المتاحف والمخازن تنام نحو مليونى قطعة أثرية بين تماثيل وجرار ونقوش، تشكل سجلًا فريدًا لتاريخنا العريق ومصدر فخر لكل مصري، هذه الكنوز لا يجب أن تبقى فى الظل، بل تستحق أن تضيء العالم لتسهم فى دعم الاقتصاد المصرى وتعزيز صورتنا الحضارية. وانطلاقًا من هذه الرؤية، ينبغى التوسع فى تنظيم المعارض الخارجية للآثار المصرية فى عواصم العالم، لما تحققه من عائد اقتصادى وثقافى ضخم، وتسهم فى جذب ملايين السياح إلى المقصد المصري، فكل معرض فى باريس أو روما أو طوكيو يتحول إلى نافذة سحرية تُطل منها الحضارة المصرية على الشعوب، ويُعزز مكانة مصر كقوة ناعمة تمتلك تاريخًا لا يُقدّر بثمن، كما آن الأوان للتوجه نحو دول جديدة فى آسيا وأمريكا اللاتينية وأفريقيا. ففى أبريل 2023، أبهر معرض باريس الزوار بقطع فرعونية نادرة، فارتفعت أعداد الفرنسيين الوافدين إلى الأهرامات، وفى يونيو 2025، أدهش معرض «كنوز الفراعنة» فى روما الإيطاليين بإنجازات عمرها ثلاثة آلاف عام، مما فتح آفاقًا جديدة للتبادل الثقافى والسياحي. لقد أثبتت التجارب أن المعارض تحقق إقبالًا جماهيريًا واسعًا وعوائد مالية ضخمة من التذاكر والرعايات تصل إلى مئات الملايين من الدولارات، فضلًا عن دورها فى تعريف العالم بالهوية المصرية الأصيلة، فكل تمثال يُعرض بالخارج يربط قلب الزائر بمصر عاطفيًا، ليصبح سفيرًا يروّج للحضارة المصرية. وتتسق هذه الجهود مع الهدف الوطنى بجذب 30 مليون سائح سنويًا بحلول عام 2030، كما أعلن رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، فالمعارض الخارجية قادرة على رفع عائدات السياحة التى بلغت 13 مليار دولار عام 2024، لتسهم بنسبة قد تصل إلى 25% من الناتج المحلي. ثقافيًا، تؤكد هذه المعارض أن مصر كانت وستبقى جسرًا بين القارات ومنارةً للحضارة الإنسانية، تُعمق الروابط بين الشعوب وتُعيد للعالم بريق التاريخ المصرى الخالد.