فى طفولتى، فتح فيلم «سر طاقية الإخفاء» أمامى أبواب الخيال، وعددتُ ما يُمكن أن تتيحه لى لو امتلكتها. حفنة أحلام طفولية لكنها منحتنى وقتها السعادة، بتصورات لتصرفات بريئة لا أملك جرأة فعلها وأنا ظاهر أمام الناس. كبرتُ نسبياً لتواجهنى «تيمة» أفلام الرجل الخفى، فتتسع آفاق تطلعاتى وتصبح أكثر جرأة. حالة خيال عاشها معظم أبناء جيلى غالباً، واكتست الفكرة الفانتازية بثوب العلم بعد فترة، عبر محاولات غربية للتحكم فى انعكاس الضوء، بشكل يعوق رؤية من يرتدى ثوباً بمواصفات خاصة، قد تبتكره المختبرات يوماً ما. لم أشغل نفسى وقتها بمفردات تشبه الطلاسم، مثل الفوتونات وفيزياء الكم، لأنها عادة ما تُفسد أحلام يقظتى، وتحدّ من قدرتها على التوسع قبل النوم. وبينما ظللتُ أضيّع فى الأوهام عمرى، صار التخفّى أمراً واقعاً، لنستيقظ ذات صحوة على طائرات تشبه الأشباح، تعجز رادارات العالم عن رصدها، وهكذا أصبحت الفكرة أكثر حضوراً، ورفعتُ سقف طموحاتى بامتلاك بدلة تمنحنى القدرة على الاختفاء، ووقتها سوف أفاجئكم بما لا يمكن أن تتوقعوه. أهدرتُ من عُمرى سنواتٍ أخرى فى الانتظار، حتى فوجئتُ قبل ساعات بأن أحلامى تنكسر على صخرة ماراثون التقدم العلمى، فها هى الصين تعلن بدء إنتاج ضخم ل«صائد الفوتونات»! ليُهدد طائرات الشبح الأمريكية، ويسلبها خاصية التخفى التى احتفظت بها لأعوام طويلة، كما يُبطل حيلها لتضليل النظم الدفاعية. شرح آلية عمل «الشبح» الأمريكى والصيّاد الصينى، يحتاج إلى دروسٍ فى الفيزياء، فالمصطلحات كثيرة تبدو مثل طلاسم أعمال السحر مثلما سبق أن ذكرت، وهى مصطلحات يصعب على أمثالى فهمها، خاصة أن الفيزياء الغدّارة غيّرت مسار مستقبل رسمته لى العائلة، بينما أخفيتُ سعادتى الطاغية عندما خسرتْنى كلية الطب! الأزمة التى أعانيها الآن أن حلم الاختفاء تراجع، فحتى لو اخترع البشر «طاقية الإخفاء» سيُبطل الاختراع المضاد مفعولها، والغريب أننى لستُ حزيناً على سنوات الأحلام الضائعة، ما دام الابتكار الصينى سيصيب أشباح العم سام بالكوابيس!