في ظل الانتشار الواسع لاستخدام المحليات الصناعية كبديل للسكر، تتزايد التساؤلات حول سلامتها وتأثيرها على الصحة العامة،فبينما يراها كثيرون خيارا "صحيا" لتقليل السعرات الحرارية، تكشف دراسة حديثة عن احتمال وجود علاقة بين استهلاك هذه المحليات وتراجع وظائف الدماغ مع مرور الوقت. بحسب ما جاء من مجلة Medical News Today (MNT) ناقشت هذا الاكتشاف الجديد مع عدد من الأطباء والباحثين في حوار علمي عميق، سلط الضوء على ما نعرفه حتى الآن عن هذا الرابط المقلق بين المحليات الصناعية والشيخوخة العصبية. اقرأ أيضا| دراسة علمية تثبت أن أدمغة الرجال تنكمش بوتيرة أسرع من أدمغة النساء المحليات الصناعية، مثل الأسبارتام والسكرالوز والسكرين، تستخدم منذ عقود في المشروبات الغازية "الدايت" والمنتجات قليلة السعرات، ورغم أن هيئات الغذاء والدواء حول العالم تعتبرها آمنة عند استهلاكها بكميات محددة، فإن الأبحاث الحديثة بدأت تكشف جانبا آخر من القصة. يشير باحثون إلى أن هذه المركبات قد تؤثر في توازن بكتيريا الأمعاء، وهو ما يمكن أن ينعكس على صحة الدماغ ووظائفه المعرفية،كما رصدت بعض الدراسات علامات تشير إلى تسارع الشيخوخة العصبية لدى الأشخاص الذين يستهلكون المحليات الصناعية بانتظام مقارنة بمن لا يستخدمونها. ما الذي توصلت إليه الأبحاث؟ توضح الدراسة الحديثة أن بعض أنواع المحليات قد تؤثر على عمليات الأيض في الدماغ، وتزيد من احتمالية حدوث التهابات عصبية خفيفة مرتبطة بتدهور الذاكرة والتركيز،إلا أن الباحثين يؤكدون أن النتائج أولية وتتطلب المزيد من الدراسات لتأكيد العلاقة السببية بشكل قاطع. وفي نفس السياق يقول الدكتور مايكل وودوارد، الباحث في مجال الشيخوخة العصبية، في حديثه مع MNT:"لا يمكننا القول إن المحليات الصناعية تسبب شيخوخة الدماغ بشكل مباشر، ولكن المؤشرات الحالية تستحق الانتباه، الإفراط في استخدامها قد يغير كيمياء الجسم بطرق لا نفهمها تماما بعد". كيف يمكن أن تؤثر على الذاكرة والتفكير؟ تشير بعض النظريات إلى أن الجسم، عندما يتلقى الطعم الحلو دون سكر فعلي، قد يصاب بالارتباك الأيضي، مما يؤدي إلى تغيرات في استجابة الأنسولين أو طريقة استخدام الطاقة في الدماغ. ومع مرور الوقت، يمكن أن يؤثر ذلك في الذاكرة قصيرة المدى والوظائف التنفيذية التي تساعدنا على التركيز واتخاذ القرار،إضافة إلى ذلك، تظهر تجارب على الحيوانات أن بعض المحليات قد تؤثر في خلايا الدماغ المسؤولة عن التعلم، وهو ما يدفع العلماء إلى التحذير من الاستهلاك المفرط، خصوصا لدى كبار السن. ما الذي ينصح به الخبراء؟ اتفق الأطباء المشاركون في الحوار على أن الاعتدال هو المفتاح،فبينما لا توجد حتى الآن أدلة كافية لحظر استخدام المحليات الصناعية، إلا أن الاعتماد المفرط عليها بديلًا دائما للسكر ليس خيارا مثاليا. ينصح الأخصائيون بالتركيز على المصادر الطبيعية للطاقة مثل الفواكه الكاملة، والحفاظ على نظام غذائي متوازن يدعم صحة الدماغ على المدى الطويل. تعد نتائج هذه الدراسة تذكيرا مهمًا بأن كل ما هو "خال من السكر" ليس بالضرورة صحيا، فبينما لا تزال الأبحاث في مراحلها الأولى، فإنها تبرز الحاجة إلى إعادة النظر في استهلاكنا اليومي للمحليات الصناعية، خصوصا مع تزايد الأدلة التي تربطها بتغيّرات عصبية دقيقة قد تسهم في تسريع الشيخوخة الدماغية.