هل لاحظت من قبل أن بعض الناس يبتسمون لنجاحك، لكن أعينهم لا تفعل؟ أو أن إنجازاتك تقابل بالصمت بدل التهاني؟ لست وحدك، فهناك تفسير نفسي واجتماعي لهذه الظاهرة يعرف باسم متلازمة الخشخاش الطويل؛ وهي الميل إلى التقليل من شأن الأشخاص الناجحين أو محاربتهم لمجرد تميزهم، إنها ظاهرة قديمة بجذور تاريخية، لكنها ما زالت تنبض في workplaces، والعلاقات، وحتى على الإنترنت. اقرأ أيضا| اكتشاف طفرات جينية جديدة تُسبب «الصفراء» لحديثي الولادة بالمنوفية ما هي متلازمة الخشخاش الطويل؟ تشرح إليانا بوناجورو، الأخصائية النفسية، أن متلازمة الخشخاش الطويل ليست مجرد غيرة، بل نوع من «التقليم الاجتماعي» الذي يهدف إلى خفض من يعلو فوق الآخرين، عندما يبرز شخص بطموحه أو نجاحه، يشعر البعض بالتهديد أو الخوف من المقارنة، فيسعون لا شعوريا إلى "قص"نجاحه ليشعروا بتوازن زائف. وفي نفس السياق يشير الخبراء إلى أن المصطلح شائع في أستراليا ونيوزيلندا، في حين يعرف في الولاياتالمتحدة بأسماء مثل «ثقافة الإلغاء» أو «الكارهين» أو «التباهي المتواضع». أصل المصطلح.. من حديقة ملك إلى سلوك بشري تعود جذور التعبير إلى قصة من روما القديمة، فقد أمر الملك تاركوين المتغطرس ابنه بقتل المعارضين لسلطته، ثم رمز لذلك بقطع رؤوس أطول زهور الخشخاش في حديقته، ومن هنا، أصبح "قطع الخشخاش الطويل" رمزا لإسقاط من يبرز فوق البقية. أين تظهر هذه المتلازمة؟ تتجلى متلازمة الخشخاش الطويل في مواقف كثيرة من حياتنا اليومية، منها: 1. في مكان العمل قد يتجاهل الموظف المتفوق في الترقيات، ليس لضعف كفاءته، بل لأن نجاحه يثير انعدام الأمان لدى من حوله. 2. في الصداقات قد تتلقى مجاملات مبطنة أو تجد أن إنجازاتك تمر مرور الكرام، بينما يحتفى بنجاحات الآخرين. 3. داخل العائلة يصف الخبراء شعور المصاب بهذه المتلازمة بأنه "غير مرحب به"، وكأنه خارج الدائرة، يستبعد من أحاديث أو تجمعات. 4. على الإنترنت تظهر المتلازمة بوضوح في المساحات الرقمية، حيث الهجوم أو النقد اللاذع للمبدعين أو الناجحين، تحت غطاء إخفاء الهوية. لماذا هي مؤذية؟ تحذر بوناجورو من أن متلازمة الخشخاش الطويل تعاقب الصفات التي نفترض أننا نقدرها: الإبداع، والطموح، والتميز، فهي لا تضر الناجحين فقط، بل تخنق روح الابتكار في المجتمع. إذ تجعل ضحاياها يعيشون في قلق دائم، ويكبحون قدراتهم خوفا من الرفض أو العزلة. تجربة واقعية.. عندما يصبح النجاح عبئا تحكي ديبي بيري، رائدة الأعمال ومدربة الحياة، أنها بعد أن حققت عاما استثنائيا في المبيعات، فوجئت بمحاسبها يصفها ب"الثرية" بنبرة ساخرة، تقول: "شعرت بالخذلان، كأن نجاحي أصبح تهمة، بذلت جهدي للوصول إلى ما أنا عليه، ولم يكن أحد هناك حين كنت أعمل ليلا ونهارا". هذا الموقف جعلها تشك في نفسها مؤقتا، لكنها قررت مواجهة الموقف لاحقا والتخلص من التعامل معه، فالأشخاص الذين يقللون من نجاحك لا يستحقون أن يكونوا جزءا من رحلتك. كيف تحمي طاقتك من «قطافي الخشخاش»؟ توصي بيري بعدة خطوات للحفاظ على سلامك النفسي: تحدث مع من تثق بهم، الدعم الاجتماعي يخفف من وطأة التجربة ويمنحك منظورا أكثر توازنا. دافع عن نفسك بوعي، ضع حدودا واضحة مع من يحاول التقليل من شأنك. تواصل باحترام واحترافية، وضوحك يجعلك أقوى دون أن تنحدر إلى نفس مستوى السلبية. راجع ردود أفعالك، التعلم من المواقف الماضية يعد تدريبا على إدارة العلاقات المستقبلية بثقة أكبر. النجاح لا يحتاج إلى اعتذار، من الطبيعي أن يثير تميزك ردود فعل مختلفة، لكن المهم أن تبقى مخلصا لطريقك، وألا تسمح لأحد أن يطفئ نورك ليريح عينيه، تذكر دائما، لا تقصر نفسك لتناسب الآخرين، بل ارفعهم معك إن استطعت وإن لم تستطيع، واصل الصعود.