تعيش الولاياتالمتحدةالأمريكية اليوم مشهداً غير مسبوق فى تاريخها الحديث، وسط تصاعد الانقسامات العرقية والسياسية والأيديولوجية بين الولايات والمجتمع الفيدرالى بأكمله، هذا الغليان الشعبى لم يعد مجرد خلاف تقليدي، بل تحوّل إلى ظاهرة تستعيد ذاكرة «الربيع العربى»، ولكن هذه المرة على الأرض الأمريكية، حيث تنبض الشوارع بغضب قد يعصف بأركان النظام الفيدرالى الذى ظل متماسكاً لأكثر من قرنين. من الانقسام السياسى إلى الشرخ المجتمعى منذ انتخابات عام 2016، والانقسام الأمريكى يتعمّق بين تيارين: تيار قومى محافظ يرى فى ترامب رمزاً لاستعادة الهوية الأمريكية التقليدية.. تيار ليبرالى تقدمى يعتبر ترامب تهديداً للديمقراطية وحقوق الأقليات. هل يواجه الاتحاد الفيدرالى خطر التفكك؟ ما كان يُنظر إليه فى الماضى كأطروحة أكاديمية حول احتمالات انفصال بعض الولايات، أصبح اليوم حديثاً سياسياً يطرح علناً فى بعض المجالس التشريعية المحلية. كاليفورنيا وولايات الساحل الغربى تلوّح بمسارات استقلالية مالية وتشريعية، بينما ترد الولايات الجنوبية بنبرة قومية أكثر تشدداً، هذا التباين الدستورى بين الولايات يعكس بداية تصدّع فى العقد الفيدرالى الذى قام عليه الاتحاد الأمريكى منذ عام 1787. ورغم أن النظام الأمريكى يمتلك مؤسسات قوية، فإن عامل الغضب الشعبى قد يصبح أقوى من النصوص القانونية، خاصة إذا شعر المواطن الأمريكى بأن الديمقراطية لم تعد تعكس صوته، أو أن السلطة الفيدرالية تسعى لفرض إرادتها على الولايات. الربيع الأمريكى.. تعبير عن أزمة هوية هل تبقى «الولاياتالمتحدة» كما عرفها العالم؟ أم تتجه نحو «ولايات متفرقة» تتصارع على الشرعية والمصالح والسلطة؟ إن ما يحدث اليوم يعكس ما يمكن تسميته ب«الربيع الأمريكى». إنه الربيع الأمريكى... ربيع لا يزهر بالحرية كما يظن البعض، بل قد يكون بداية تساقط أوراق الشجرة التى قادت النظام العالمى لأكثر من قرن.