- الاستقطاب الحاد بين الجمهوريين والديمقراطيين غير مسبوق - ولايتا ألاسكا وهاواى طلبتا رسمياً من الأممالمتحدة مساعدتهما فى الانفصال - جائحة كورونا والتراجع الاقتصادى والنزعة الأنانية وراء المحاولات الانفصالية - الدول الفيدرالية فى العالم تتعرض لامتحان صعب - مواجهات بين المؤمنين بالليبرالية وأنصار الاشتراكية والشيوعية الجديدة - أكثر المناطق التى تسعى منذ فترة طويلة للانفصال هى ولايات الأطراف - هناك مخاوف على الوحدة الألمانية بعد رحيل أنجيلا ميركل عن الحكم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، جرى الكثير من المحاولات العالمية للاندماج أو التفتت بين الدول، وكان تأسيس الاتحاد الأوروبى، أبرز المحاولات للاندماج والوحدة ومحاولة الوصول إلى الفيدرالية أو على الأقل الكونفيدرالية، كما شكل تفتت ونهاية الاتحاد السوفيتى وتشيكوسلوفاكيا ويوغسلافيا، أبرز الأمثلة على إمكانية تقسيم وتشظى الدول الفيدرالية. اليوم بعد ما يقرب من 40 عاماً على تفتت الاتحاد السوفيتى، تتعرض الدول الفيدرالية فى أوروبا وروسيا، مثل الوحدتين الإيطالية والألمانية والسويسرية والبلجيكية، بل الولايات المتحدة نفسها لخطر التشرذم والتفتت والانقسام، وهناك ثلاثة أسباب رئيسية لهذه الموجة الجديدة التى تهدد وحدة الدول الفيدرالية، وفى مقدمتها الظهور القوى للنزعة الشعبوية، كما هى الحال فى الهند والولايات المتحدة وأوروبا، التى ترتبط بشكل أساسى بالنزعة القومية فى هذه المناطق، والسبب الثانى تراجع الاقتصاد العالمى بسبب جائحة كورونا، وعدم اليقين بشأن المستقبل الاقتصادى العالمى لدرجة تفوق عدم اليقين الذى ساد العالم أثناء الكساد الكبير فى ثلاثينيات القرن الماضى. أما السبب الثالث فهو شيوع "الأنانية السياسية" فى تصرفات القادة والسياسيين فى هذه الدول، كما هو واضح فى مواقف ماثيو سالفينى الإيطالى، ومارين لوين فى فرنسا، لكن ما يحدث فى الولايات المتحدة بين الديمقراطيين والجمهوريين، وإصرار النخبة السياسية على مواصلة "الاحتراب السياسى"، يهدد بتقسيم الولايات المتحدة ليس فقط بسبب أن الولايات الغنية ترفض دفع مليارات الدولارات للمؤسسات الفيدرالية، لكن أيضا بسبب الانقسام المجتمعى بين البيض والسود والملونين والأغنياء والفقراء. وما بين المؤمنين بالليبرالية وأنصار الاشتراكية والشيوعية الجديدة، ما مصير الولايات المتحدةالأمريكية؟ وهل يمكن أن يكون ترامب بمثابة "جورباتشوف الأمريكى"، الذى تتفتت الولايات المتحدة من بعده؟ وهل ستكون أوروبا وروسياوالهند، وغيرها من الفيدراليات الكبيرة بعيدة عن هذا السيناريو المرعب؟ اتحاد أمريكى جديد المؤكد أن سيناريو تقسيم وتفتيت الدول الفيدرالية والعظمى ليس بعيدا عن الواقع، فكل المؤشرات تؤكد أن هذه الفيدراليات تقف فى مفترق طرق بسبب الضغوط التى جلبتها جائحة كورونا، وظهور تيارات سياسية شعبوية تدعو ل"الانكفاء على الذات" مثل شعار "أمريكا أولاً" أو التيارات اليسارية والشيوعية التى تسيطر على الحزب الديمقراطى الأمريكى التى جعلت من شخص مثل بيرنى ساندرز، الذى قضى شهر العسل فى الاتحاد السوفيتى وكان صديقا لكاسترو وشافيز، أن يصبح أقوى تيار فى الحزب الديمقراطى الأمريكى الذى يسيطر على البيت الأبيض ومجلس الشيوخ ومجلس النواب وأكثر من 27 حاكم ولاية، فهل يمكن أن تتفتت الولايات المتحدة فعلاً؟ للإجابة عن هذا السؤال علينا العودة إلى شهر يوليو الماضى، عندما أعلنت ثلاث ولايات أمريكية عن اتحاد جديد يجمعها بعيدًا عن باقى الولايات المتحدةالأمريكية لمعالجة وباء كورونا، والولايات الثلاث هى كاليفورنيا وأوريجون وواشنطن، حيث أعلن حاكم كاليفورنيا جافين نيوسوم، وحاكم ولاية أوريجون كيت براون، وحاكم واشنطن جاى إنسلى، عن إبرام "ميثاق الولايات الغربية الثلاث"، وتنص الاتفاقية على تنسيق وثيق للساحل الغربى للولايات المتحدة فى مكافحة كوفيد- 19، والسبب فى هذا الاتحاد الجديد هو عدم ثقة الولايات الثلاث فى الإجراءات الفيدرالية للحكومة الأمريكية فى التعامل مع كورونا. كانت فكرة تقسيم الولايات المتحدة تبدو مستحيلة فى السابق، لكن الاستقطاب الحاد بين الجمهوريين والديمقراطيين غير مسبوق بسبب آليات التعامل مع مرض كورونا، وزاد هذا الاستقطاب بعد المظاهرات ضد ممارسات الشرطة الأمريكية ومقتل جورج فلويد. كما أن انقسام النخبة السياسية الحالية بعد مظاهرات 6 يناير الماضى، ومحاولة الديمقراطيين محاكمة ترامب للمرة الثانية حتى بعد الخروج من البيت الأبيض يذكر الأمريكيين بالخلافات التى حدثت حول فكرة العبودية، وأدت للحرب الأهلية الأمريكية عام 1861، واستمرت 5 سنوات وحصدت أرواح 620 ألف أمريكي. لكن المؤشر الأكبر على رغبة هذه الولايات فى الانفصال أن الولايات الثلاث وصفت فى بيان لها الاتحاد الجديد بأنه على أقل تقدير "فهم جديد " للفيدرالية فى الولايات المتحدة، بما يعنى أنها ترفض الدستور الأمريكى الحالى، لكن التصريحات التى أعقبت تشكيل هذا الاتحاد الجديد ربما تكون أكثر خطورة من الخطوة ذاتها عندما طالب حاكم كاليفورنيا جافين نيوسوم بمعاملة ولايته كأنها "دولة قومية"، مؤكدًا أن الحكومة الفيدرالية لم تعد شريكا للولايات بما فيها ولايته كاليفورنيا فى أزمة كورونا، وأن ولايته تحتاج أكثر من أى وقت مضى للتركيز على ذاتها خصوصا أنها أغنى وأكبر ولاية أمريكية، ويزيد الناتج القومى لها على 2.5 تريليون دولار، ويشكل اقتصادها خامس أكبر اقتصاد فى العالم، وهو ضعف الناتج القومى لروسيا الاتحادية بأكملها. كما كشف وباء كورونا والمظاهرات والخلافات بين معسكرى الديمقراطيين والجمهوريين عن ضعف قبضة الحكومة الفيدرالية على الولايات، وتجلى ذلك فى تنظيم مسيرات احتجاجية ضد الحجر الصحى الشديد، كما قام العديد من حكام الولايات بالإعلان عن رفض الالتزام بسياسة الرئيس الأمريكى فى مكافحة الوباء، وحتى منتصف مايو الماضى رفضت 42 ولاية قرارات الحكومة الفيدرالية، و لم تطبق سوى 8 ولايات من أصل 50 ولاية نظام العزل الإلزامى، فيما أدخل الباقون تدابير احترازية خاصة بهم، وبشكل عام لم يلتزم غالبية الحكام من الحزب الديمقراطى برفع القيود أو التعامل مع المظاهرات وفق رؤية الرئيس ترامب، وهو ما شكل بالفعل " تمرداً علنيا" من حكام الولايات على السياسات الفيدرالية. الأمر الذى يؤكد أننا أمام سيناريو مماثل للانقسام بين النخبة الأمريكية الذى أدى للحرب الأهلية الأمريكية عقب انتخاب الرئيس أبراهام لينكولن فى 1860، ووقتها أعلنت ولاية كارولاينا الجنوبية عن انسحابها من الاتحاد، واستقلالها لتكون أول الولايات المنسحبة، ثم لحق بها 6 ولايات جنوبية أخرى، وأعلنوا فى عام 1861 تكوين الولايات الأمريكية الكونفيدرالية، حيث أيدت الولايات الجنوبية العبودية فيما طالبت الولاية الشمالية بإلغائها. قيود على الانفصال برغم أن الدستور الأمريكى يمنع انفصال الولايات فإن هناك من يرى أن النزعات الانفصالية موجودة وقائمة، لكن استمرار كورونا والمظاهرات، وارتفاع معدلات البطالة، ومحاولة حشر الجمهوريين فى الزاوية، وعدم قدرة الرئيس بايدن على احتواء الجميع، قد تدفع فى المدى البعيد إلى التفكير فى الانفصال أو الشكل الجديد من الفيدرالية، كما اسماه حاكم كاليفورنيا، ففى عام 2017 أجرى استطلاع رأى لمعرفة مدى موافقة سكان كاليفورنيا على الانفصال، وافق على الانفصال 33 % فقط. كما قامت ولاية كاليفورنيا فى عام 2019 بجمع 600 ألف من أجل طلب الانفصال، لكن تعقيدات قانونية ودستورية للانفصال عن السلطة الفيدرالية منعت ذلك، لكنها لم ولن تمنع الرغبة لدى مواطنى ولاية كبرى مثل كاليفورنيا بالمحاولة من جديد، لأنها ستصبح فى حال تحقق هذا الانفصال أقوى خامس اقتصاد فى العالم، ونزعة الانفصال التى برزت عام 2016، فى كاليفورنيا، هى نفسها لدى عدد كبير من الولايات الكبرى والغنية، وذات التمثيل الوازن فى المجمع الانتخابي، بصرف النظر إذا كانت ديمقراطية أم جمهورية مثل ولايات تكساس وفلوريدا، ونيويوركوإيلينوى وبنسلفانيا. 15 ولاية أمريكية لا تقتصر دعوات الانفصال عن العاصمة الأمريكية على ولاية كاليفورنيا أو الولايات الغنية، فقد سبق أن طالبت 15 ولاية عام 2012 بالانفصال عن الوطن الأم، وإقامة حكومات منفصلة وكيان مستقل، وتضم هذه القائمة ولايات لويزيانا، تكساس، مونتانا، داكوتا الشمالية، إنديانا، ميسيسيبى، كنتاكى، كارولينا الشمالية، ألاباما، فلوريدا، جورجيا، نيوجرسى، كولورادو، أريجون ونيويورك. لكن هذه الولايات لم تستكمل إجراءات السير بموضوع الاستفتاء لأسباب تعود لخصوصية كل منها، ولأن مسألة الانفصال معقدة قانونيا، لكن كل هذه المحاولات الانفصالية تؤكد الرغبة فى الانفصال، كما أن ما يحدث فى واشنطن "والانتقام السياسي" المتبادل بين الجمهوريين والديمقراطيين، والصراع بين الأجنحة الليبرالية والاشتراكية والشيوعية، يهدد الوحدة الأمريكية التى وضعها المؤسس جورج واشنطن 1776. وحافظ عليها وخاض من أجلها أبراهام لينكولن الحرب لمدة 5 سنوات، وما يؤكد هذا استمرار التحدى برغم فوز جو بايدن الديمقراطى، فإن ولاية كاليفورنيا التى هددت بالانفصال، اعتراضا على فوز ترامب2016 تعاود المطالبة بالانفصال بسبب الخلافات الحادة بين حاكمها الديمقراطى والجمهوريين فى الولاية خصوصا مع رغبة أعضاء حركة "نعم كاليفورنيا" بإجراء استفتاء جديد على انفصال الولاية عن الولايات المتحدة فى أقرب وقت. طلب رسمى أكثر المناطق التى تسعى منذ فترة طويلة للانفصال عن الفيدرالية الأمريكية، هى الولايات التى على الأطراف وبعيدة جداً عن مركز التفاعلات الأمريكية، لدرجة أن هناك ولايات طلبت من الأممالمتحدة مساعدتها فى الانفصال عن الولايات المتحدة، حيث تقدم السكان الأصليون فى ولايتى ألاسكا وجزر هاواى عام 2015، طلباً إلى هيئة الأممالمتحدة ممثلة فى المجلس الدولى لحقوق الإنسان بشأن النظر فى مسألة ضمهما إلى الولايات المتحدة بصورة غير قانونية، ومساعدتهما فى نيل حقهما فى تقرير مصيرهما. وفى مايو الماضى عبر ممثلو الشعبين لمجلس حقوق الإنسان، أن عليه أن يطالب الولايات المتحدة بأن تحترم الرغبات الاستقلالية للولايتين، حيث تضمن طلب تقرير المصير الإشارة إلى أن الولايات المتحدة ضمت أراضى ألاسكا وجزر هاواى بالاحتيال، وبانتهاك مبادئ الأممالمتحدة، لذلك دعا ممثلو الولايتين إلى "إصلاح هذا الخطأ" وإجراء استفتاء عام بشأن تقرير المصير، حيث يرى سكان ألاسكا أن "الولايات المتحدة استولت على أراضيهم، وتستخرج منها الخامات بكميات كبيرة، مسببة أضرارا جسيمة للبيئة، كما يعيد أبناء ألاسكا دائما تذكير الأممالمتحدة بأن الولايات المتحدة اشترت ألاسكا من روسيا عام 1867، وأن هذا "لا يعنى سيادة الولايات المتحدة بصورة تلقائية" على الولاية. كما قدم سكان ألاسكا طلباً للبيت الأبيض للعودة مرة أخرى إلى روسيا، وأرسلوا طلب بذلك إلى البيت الأبيض موقع من 125 ألفا من سكان الولاية، كما أن هناك خبراء قانونيين من الولايتين ومن ولايات أخرى قالوا إن شراء ألاسكا فى 30 مارس عام 1867، ورفع العلم الأمريكى على المبانى الرسمية فى الولاية يوم 18 أكتوبر من السنة نفسها لا يتفق مع القانون الدولى، وأن الولاية التى تبلغ مساحتها 1.5 مليون كيلو متر، وتم شراؤها ب7.2 مليون دولار يجب النظر فيها من جديد، وحتى إذا أرادت الولايات المتحدة عدم إعادتها لروسيا، فعلى الأقل من حق شعب ألاسكا أن يطلب الاستقلال وتقرير المصير، وتعتبر ألاسكا الآن أغنى ولاية بين الولايات الأمريكية من حيث احتياطى الثروات الطبيعية، من بينها النفط والغاز، أما سكان جزر هاواى فيقولون إن ولايتهم تستضيف قاعدة" بيرل هاربر" العسكرية، التى بسببها تتلوث المياه والأرض، مما يؤدى إلى إصابة السكان بأمراض مختلفة، وأنهم يرفضون أن يكونوا ضمن الماكينة العسكرية الأمريكية منذ أن ضمت الولايات المتحدة جزر هاواى عام 1898. إيطاليست شكلت الفترة من 1815 حتى 1871، ذروة عمل القوميين الإيطاليين لتوحيد إيطاليا والتخلص من الاحتلالين، الأول إمبراطورية الهابسبورج " النمساوية – المجرية " والثانى الإمبراطورية النابليونية، وعزز من هذه الوحدة بعد الحرب العالمية الثانية بلوغ الصناعة الإيطالية أعلى مراتبها بدخول إيطاليا منتدى الدول الصناعية السبع الكبرى، فإن التراجع الاقتصادى الحاد، وعدم وقوف الاتحاد الأوروبى مع روما أثناء ذروة انتشار المرض أدى لمطالب كثيرة منها دعوات نائب رئيس الوزراء السابق ماثيو سالفينى للخروج من الاتحاد الأوروبى بحجة أن إيطاليا دفعت لمؤسسات الاتحاد الأوروبى أكثر من 350 مليار يورو منذ انضمام إيطاليا للاتحاد دون أن تجنى مقابل هذا أى منافع اقتصادية أو طبية، لكن الأخطر اليوم أن هذا المنطق بدأت تقوله المناطق الغنية. الشمالية فى إيطاليا والتى تقول لماذا تدفع مقاطعات ومناطق غنية فى الشمال ضرائب لروما من أجل مناطق " كسولة " فى الجنوب، وهو ما يهدد فعلياً بتبديد عشرات السنوات والحروب من أجل تحقيق الوحدة الإيطالية، فدعاة الوحدة الأوروبية يقولون إن الدعوة للخروج من الوحدة الإيطالية، ستبدأ فى اليوم الذى يمكن أن تخرج فيه إيطاليا من الاتحاد الأوروبى. الفيدرالية الألمانية هناك بالفعل مخاوف على الوحدة الألمانية، بعد رحيل أنجيلا ميركل عن الحكم، فى ظل ظهور تحديات للفيدرالية الألمانية، التى تشكلت من 16 ولاية عام 1871، وتمت إعادة الشمل بين ألمانياالشرقيةوالغربية عام 1990، حيث يوجد تياران سياسيان فى ألمانيا، الأول عودة التيار النازى ممثل فى حزب البديل من أجل ألمانيا الذى يرفض مؤسسات الاتحاد الأوروبى والمهاجرين، بينما الأحزاب الاجتماعية الأخرى مثل الحزب الاجتماعى الاشتراكى أو الاتحادى الديمقراطى يرفضان الخروج من عباءة الاتحاد الأوروبى، فى ذات الوقت تعالت أصوات القوميين مطالبين بالتركيز على ألمانيا وطرد المهاجرين، ويضاف لكل ذلك أن بعض الولايات الألمانية الغنية أظهرت بعض الغضب أثناء جائحة كورونا، وطالبت بأن تكون هناك عدالة أكثر بين الولايات، فولاية مثل ولاية بافاريا تدفع أكثر مما تأخذ حسب رأى البعض، وهناك من يقول فى أوروبا إن هذه الدعوات الأنانية سواء من حزب البديل من أجل ألمانيا أو ما يقال فى بافاريا، قد يكون أعلى صوتاً لو تراجع الاقتصاد الألمانى بعد ميركل أو واصلت جائحة كورونا تحديها للبشرية. روسياوالصين قد يقول البعض، إن روسيا ستكون أكثر الدول سعادة بتفكك الفيدرالية الأمريكية، لكن هذا الطرح لا يوافق عليه الكثير من الروس الذين يقولون إن روسيا ذات المساحة الشاسعة التى تتجاوز 17 مليون كم، وتتكون من 85 منطقة وإقليما تتحد معاً لتشكيل روسيا الاتحادية، هى أكثر الدول الفيدرالية التى تخشى عوامل التفتيت والتقسيم لأكثر من سبب، هو الامتداد الجغرافى الكبير ما بين المحيط الهادى وجزر الكوريل شرقاً، وصولاً لحدود ألاسكا وكندا والنرويج غرباً وتغطى روسيا 9 مناطق زمنية، ويزيد من الضغط على الفيدرالية الروسية أن هناك هدفا معلنا من الغرب والولايات المتحدة بالعمل على تقسيم روسيا، ونزع مساحات واسعة منها، خصوصا جمهوريات شمال القوقاز الإسلامية، ولهذا الحفاظ على كيان ووحدة وسلامة الأراضى الروسية فى ظل الدعوات القومية، خصوصا المدعومة من تركيا فى آسيا الوسطى والقوقاز تشكل ضغطا كبيرا وتحديا هائلا أمام الحفاظ على الفيدرالية الروسية. وبرغم أن الصين جمهورية شعبية، فإن هناك مناطق، ومنذ زمن بعيد، تسعى للانفصال مثل تايوان وهونج كونج والتبت وجيانججينج "تركستان الشرقية"، ولعل قرار وزير الخارجية الأمريكى السابق، مايك بومبيو، بإيقاف كل القيود على التعامل مع تايوان، أكبر تهديد لوحدة الأراضى الصينية التى كان يطلق عليها منذ أيام الرئيس جيمى كارتر، سياسة "الصين واحدة".