أكد الدكتور نظير عياد، مفتى الجمهورية، أن تجديد الخطاب الدينى وبناء الوعى يمثلان ركيزتين أساسيتين لتحقيق الأمن الفكرى وصيانة الهوية الوطنية والإنسانية، وأوضح أن التجديد ليس خروجًا عن الأصول، ولا تفلّتًا من الثوابت، بل هو تفعيلٌ للعقل المستنير فى فهم النصوص، ومواكبة الواقع، بما يحقق مقاصد الشريعة، ويحفظ استقرار المجتمعات، ويصون هويتها من العبث والتزييف. جاء ذلك خلال اللقاء الذى نظمه معهد إعداد القادة، بحضور د.كريم همام، مدير المعهد وعدد من رؤساء الجامعات وعمداء الكليات وأعضاء هيئة التدريس ووفود طلابية من مختلف الجامعات. اقرأ أيضًا | مفتي الجمهورية: مصر بقيادة الرئيس السيسي قدمت نموذجًا لدعم الفلسطينيين وأوضح المفتى أن تجديد الخطاب الدينى فى عصر الذكاء الاصطناعى لم يعد ترفًا فكريًّا، بل ضرورة حضارية، لحفظ الدين وصيانة العقول، مؤكدًا أن الخطاب الدينى ليس جمودًا عند ظاهر النصوص دون فهم، ولا انسلاخًا عن الدين بذريعة المعاصرة، بل هو توازن دقيق بين الثابت والمتغير؛ فالإسلام عقيدة وعبادة وأخلاق، وكلها تحتاج إلى عرض رشيد يواكب لغة العصر وأدواته، ويستفيد من منجزاته دون أن يهدم النص أو يغيّر جوهر الدين. وأضاف أن العلم الصادق يقود إلى الإيمان، وأن العقل والدين جناحان لا تقوم الحياة بدونهما، مستشهدًا بقوله تعالى: «وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّى وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا» «الإسراء: 85». وأشار إلى أن الإنسان، مهما بلغ من العلم، يظل بحاجة إلى الإيمان الذى يمنحه التوازن والسكينة. وشدد على أن حماية الفكر من الانحراف والانغلاق ضرورة كبرى لبناء الأوطان، مشيرًا إلى أن الأمن الفكرى يبنى ولا يهدم، ويغرس الطمأنينة والاستقرار فى النفوس، مستشهدًا بقول النبى صلى الله عليه وسلم: «البر ما اطمأنت إليه النفس، واطمأن إليه القلب»، موضحًا أن الفكر المنحرف مصدر اضطراب وهدم، بينما الفكر المستنير سبيل إلى الرشاد والسلام الاجتماعي. وتناول دور الشباب فى حماية الفكر الدينى وبناء الشخصية الوطنية، مؤكدًا أن الشباب هم طاقة الأمة وسر نهضتها، وأن الأنشطة الطلابية تمثل وسيلة فعالة لتنمية الوعى وتعزيز الثقة بالنفس والقدرات، وأوضح أن التطرف لا يقتصر على الدين فحسب، بل يشمل أيضًا التطرف المضاد الذى يسعى إلى تفريغ الدين من مضمونه وقيمه الأصيلة. وأوضح الفرق بين التبليغ والدعوة والفتوى، مشددًا على أن المبلّغ عن الله لا بد أن يمتلك أدوات العلم والرؤية والبصيرة؛ فقول النبى صلى الله عليه وسلم: «بلّغوا عنى ولو آية» لا يعنى النقل دون فقه أو وعي، بل يتطلب سلوكًا راقيًا وقدوة حسنة. ودعا إلى التعامل الواعى مع وسائل التواصل الاجتماعي، باعتبارها سلاحًا ذا حدين؛ يمكن أن تكون منبرًا للخير، كما يمكن أن تتحول إلى أداة للانحراف والتضليل. كما أكد أهمية الثقة فى المؤسسات الدينية والوطنية، محذرًا من حملات التشكيك التى تستهدف النيل منها بزعم التبعية، قائلاً: «إن من يطعن فى المؤسسات الدينية، إنما يفعل ذلك لأنه يرفض الاعتدال، ولا يرى إلا فكره الضيق وأهواءه الشخصية». وأوضح أن الأمة تواجه حربًا فكرية شرسة تستهدف القضاء على الهوية الدينية والوطنية والتاريخية واللغوية، محذرًا من الذوبان والانفصال عن الجذور، وداعيًا إلى الاعتزاز بالهوية المصرية والعربية والإسلامية، ومقاومة محاولات تفكيكها، وأشار إلى أن بعض الجهات تسعى إلى التقليل من قيمة الوطن والدين والتاريخ، فى حين أن الحفاظ على هذه الثوابت هو الضمان الحقيقى للأمن الفكرى والاجتماعي.