الزعيم ليس بالكلام، بل بالأفعال. عامان كاملان، والدولة المصرية تعانى من تداعيات حرب غزة؛ فوضى وقتل ودمار على الحدود، ومصر واقفة صامدة، تمارس أقصى درجات ضبط النفس، وتتخذ من الدبلوماسية طريقًا لحلّ أكبر أزمة شهدتها الأمة العربية فى التاريخ المعاصر.. أزمة غزة مرّت بمراحل عديدة، كلّها كانت تشكّل خطرًا على الدولة المصرية.. كلمة الرئيس السيسى فى كل مناسبة كانت واحدة: «ما تخافوش.. طول ما إحنا إيد واحدة، والجبهة الداخلية متماسكة، محدش يقدر يقرب من مصر».. وفى النهاية اكتشفنا الحقيقة؛ الرجل كان يقرأ المشهد جيدًا.. ويكفينا فخرًا أن الولاياتالمتحدة وإسرائيل وقطر وتركيا وحماس جلسوا على طاولة مفاوضات واحدة فى شرم الشيخ، للتوصل إلى اتفاق سلام تاريخى يوقف الحرب الظالمة على الشعب الفلسطيني. دلالات وجود هذه الدول الخمس فى المفاوضات، وقبل قمة السلام، معروفة لدى المصريين، ولها إشارات يدركها الجميع، ولا أريد الخوض فيها، لأننا شعب ذكي.. وتبقى المواقف المصرية الشريفة التى رفضت كل المغريات لإنهاء القضية الفلسطينية وتهجير الشعب، خير دليل على وضوح رؤية مصر وتمسكها بالحقوق المشروعة، ورفضها لقانون الغاب. لقد جعلت هذه المواقف العالم كله ينصت إلى زعيم مصر، ويستمع إلى رؤيته حتى وصلنا - بفضل الله، وبفضل ذكاء وقوة زعيم مصر وشعبها - إلى بداية طريق السلام. الرئيس السيسى يعرف قيمة مصر وشعبها؛ حتى فى أصعب الظروف والضغوط الاقتصادية التى مررنا بها، لم نهتز، وتحملنا الصعاب، وحافظنا على دولتنا.. فلو لم تنجح ثورة 30 يونيو، لكنا الآن فى مهبّ الريح، ولكانت أحلام إسرائيل وأمريكا قد تحققت فى مشروع «الشرق الأوسط الجديد» الذى تحكمه إسرائيل. مصر دولة كبيرة.. نعم، تعرضنا لضغوط رهيبة، لكننا صمدنا. رئيس مصر حافظ على الدولة والشعب بكل حنكة وتعقّل ودبلوماسية.. وقمة السلام فى شرم الشيخ خير شاهد على قوة ومكانة مصر ودورها الريادى فى المنطقة، مهما حاول البعض التقليل منه. الدول تُبنى بشعوبها، وتستمد قوتها من قادتها المخلصين.. ومصر، بفضل الله، لديها زعيم قوى وشعب عظيم.. الزعيم الكبير يسعى لتكبير شعبه، وبطبيعة الحال ستكون الدولة بكل مكوناتها دولة مستقرة قوية، تتحرك لإبعاد المخاطر عنها. حرب غزة أثبتت للجميع أن الدولة المصرية هى الدولة الوحيدة تقريباً التى دفعت أثمانًا حقيقية دفاعًا عن قضية فلسطين، لأنها دولة تعرف معنى الشرف والحق والوطنية. وعندما اتجهت أنظار العالم إلى قمة السلام بشرم الشيخ، كانت الدولة المصرية وزعيمها يقفان بكل فخر ويقولان: «إننا مصر يا سادة... حضارتنا منذ آلاف السنين، وهدفنا السلام والعيش فى أمان لجميع دول المنطقة».. انتظروا مصر الكبيرة، بعد أن عادت لريادة الأمة بمواقفها وتاريخها، لا بأموالها. قمة شرم الشيخ التى استضافتها مصر ستكون نقطة فارقة فى مستقبل المنطقة، لأنها أثبتت للجميع أن الدول المحبة للسلام تستطيع أن تؤمن الشعوب من الخراب والدمار بشرط أن تكون النوايا صادقة.. وتحيا مصر..