فاز الدكتور خالد العنانى بمنصب رئيس منظمة اليونسكو باكتساح بعدد أصوات لم يسبق أن حصل عليه مرشح لهذه المنظمة الدولية منذ إنشائها عام 1945، حصل على 55 صوتًا من واقع 57 صوتًا وامتنعت دولة عن التصويت، وهذا يعكس الدعم الدولى الذى حظى به ممثل مصر، دعمته المجموعة العربية والمجموعة الأوروبية والمجموعة الإسلامية. هذا النجاح الكاسح ليس للمرشح فقط، ولكنه نجاح لمصر، للتنسيق والتناغم بين الوزارات والجهات المعنية بحملة الدعاية وعلى رأسها مدرسة الدبلوماسية المصرية العريقة والرصينة.. نجاح للسياسة الخارجية المصرية المتوازنة مع جميع الدول.. نجاح وصول القوى الناعمة المصرية وقدرتها على قيادة أهم منظمة دولية معنية بالتعليم والثقافة والعلوم الإنسانية. خاضت مصر هذه المعركة لتولى هذا المنصب الرفيع 3 مرات، ولم تفز به، وكان مرشحوها الفنان فاروق حسنى وزير الثقافة السابق، ومشيرة خطاب الوزيرة السابقة، ود.إسماعيل سراج الدين مدير مكتبة الإسكندرية السابق، ولكنها فى هذه المعركة كانت أكثر تنظيمًا، وكان خطابها الإعلامى والدعائى موجهًا للمعنيين، وليس موجهًا للداخل كما كان يحدث فى السابق، إضافة إلى أن الزخم الثقافى والتراثى والحضارى والتعليمى الذى يحدث فى مصر على مدار العشر سنوات الماضية كان له أكبر الأثر فى دعم مصداقية خطاب د.خالد العنانى وهو يطرح نفسه خلال جولته التى شملت 60 دولة. النجاح يليق بمصر وإن كان قد جاء متأخرًا، والاكتساح يليق بخصوصية مصر وحضارتها وتاريخها الإنسانى، وخطابها السياسى المتوازن الوسطى، الداعى والساعى إلى السلام ونبذ العنف والتآخى بين الشعوب. النجاح أكد دقة التخطيط، والتنفيذ الممنهج، والاختيار الصحيح، ووضع الرجل المناسب فى المكان المناسب، والدفع بالأصلح، والإدارة الحكيمة للمعركة، والاستعداد لها فى وقت مبكر، ولم يكن وليد الصدفة أو فى الوقت الضائع الذى دائمًا كانت تنتج عنه فرص ضائعة. ظنى أن الدكتور خالد العنانى سيقدم نموذجًا يحتذى لإدارة مثل هذه المنظمة المهمة المعنية فى الأساس بالشعوب فى تعليمهم وثقافتهم وتاريخهم وتشكيل وجدانهم، وهل هناك أقدر من مصرى للقيام بهذا الدور، بانى الأهرامات وقاهر الاستعمار وحامل منارة الحضارة الإنسانية، ولعله من حسن الطالع أن يكون الفوز فى عيد نصر أكتوبر المجيد ويتزامن مع افتتاح أكبر متحف فى العالم يضم تراثًا إنسانيًا، ويقام على أرض أم الدنيا. فاتحة خير لتحقيق نجاحات أخرى كثيرة وقريبة.