من أرض الحضارة التي علمت الدنيا الكتابة والفكر والفن، تمتد اليوم أيدي مصر، لتقود واحدة من أهم المنصات الثقافية في العالم. وفي ذكرى نصر أكتوبر، توجت مصر حضورها الثقافي والعالمي باختيار واحد من أبناءها لرئاسة منظمة اليونسكو، لتتحدث الثقافة العالمية باللهجة المصرية، وتعيد للأذهان دور مصر التاريخي كمركز إشعاع علمي وحضاري لدول العالم. وأعلن سفير مصر في باريس، فوز د. خالد العناني، باكتساح بمنصب مدير عام منظمة اليونسكو. ◄ حين تصل الثقافة لقيادة مصرية «اليونسكو» هو اختصار لمنظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة، وهي واحدة من أهم أذرع الأممالمتحدة التي تعمل من أجل نشر السلام عبر التعليم والعلم والثقافة. وتأسست المنظمة عام 1945، عقب الحرب العالمية الثانية، لجعل العلم والثقافة المتبادلة وسيلة لتجنب الحروب. ويعد فوز مصري بالمنصب، اعتراف عالمي بمكانة مصر الثقافية والتاريخية، فالدولة التي أهدت للبشرية أولى حضاراتها، تتصدر اليوم المشهد الثقافي العالمي. ويعد هذا الفوز دليل على الثقة في الكفاءات المصرية وقدراتها على إدارة مؤسسات دولية كبرى، وتشكيل الوعي الإنساني. ◄ مصر واليونسكو.. علاقة تاريخية ولم تكن علاقة مصر باليونسكو وليدة اليوم، فمصر من أوائل الدول الأعضاء في المنظمة، وكان لها حضورا بارزا في مشروعات كبرى، مثل إنقاذ معابد النوبة من الغرق وبناء السد العالي. في ستينات القرن الماضي، أطلقت منظمة اليونسكو واحدة من أضخم حملات إنقاذ التاريخ، لحماية معابد النوبة من الغرق، وكان ذلك المشروع دليلا على قدرة مصر على حشد العالم لصالح القافة المصري واليوم يتجدد المشهد بتولي «القيادة للمنظمة». ◄ دور اليونسكو يعد الدور الرئيس لليونسكو هو دعم الدول الأعضاء في تطوير التعليم، وحماية التراث الحضاري والطبيعي، وتشجيع البحث العلمي. ومن أهم انجازاتها اعتماد قوائم التراث العالمي والتي تضم مواقع أثرية وثقافية من مختلف دول العالم، وأهمها الأهرامات وأبو سمبل، وطيبة القديمة. ◄ دور وصلاحيات رئيس المنظمة يشغل المدير العام لليونسكو، والذي تولاه الدكتور خالد العناني، المنصب الأعلى في هيكلها، ويأخذ على عاتقه مسئولية وضع الخطط العامة بالتعاون مع الدول الأعضاء، ويمثل المنظمة أمام المجتمع الدولي، ويساهم في صياغة السياسات التعليمية والثقافية في العالم، ويقود المشروعات الكبرى التي تمولها اليونسكو في مجالات الثقافة والعلم. ◄ مكاسب مصر من تولي المنصب لا يعد تولي شخصية مصرية المنصب مجرد فوز رمزي، بل هناك مكاسب سياسية وثقافية كثيرة، حيث يعزز ذلك من الحضور الدبلوماسي والثقافي المصري في الفعاليات الدولية، ويمنح مصر فرصة عظيمة لتوجيه الاهتمام العالمي نحو قضايا التعليم والتنمية في مصر وافريقيا والمنطقة العربية. اقرأ أيضا| خالد العناني ل "أ ش أ": سأجعل اليونسكو بيتا يعبّر عن قيم مختلف الشعوب يأتي ذلك بالإضافة إلى فتح الباب أمام التعاون الدولي ودعم التعليم والثقافة داخل مصر، بما فيها تطوير المناهج وخطط التعليم، كما ستستفيد مصر في مجالات حماية الآثار وتسهيل تسجيل مواقع مصرية جديدة على قائمة التراث العالمي، وزيادة رصيد القوة الناعمة المصرية، وتوثيق الروابط مع الدول الإفريقية والعربية من خلال مشروعات تشرف عليها مصر عن طريق رئاسة اليونسكو. ◄ رؤية العناني لتطوير اليونسكو وكشف الدكتور خالد العناني، القائد الجديد لمنظمة اليونسكو، عن رؤيته المتكاملة لقيادة المنظمة خلال المرحلة المقبلة، مؤكدًا أن الإنسان سيظل في صميم رسالة اليونسكو دون أي تمييز أو استثناء، وأن الهدف الأسمى هو بناء عالمٍ لا يُترك فيه أحد خلف الركب. وأوضح «العناني» أن رؤيته جاءت ثمرة حوارات غنية مع ممثلي أكثر من ستين دولة زارها منذ عام 2023، ما أتاح له فهمًا عميقًا للتحديات التي تواجه التعليم والثقافة والبحث العلمي في عالم سريع التحوّل. وشدّد على أن اليونسكو يجب أن تكون منظمة فاعلة وعابرة للحدود، تعمل من أجل الشعوب، وتعزز التعاون بين الدول لتحقيق الازدهار والسلام والكرامة الإنسانية.