أعترف بأننى لا أملك رأيا قاطعا فى هذه الأزمة، ولن أرتدى عباءة الحكماء وأردد العبارة الشهيرة: «من قال لا أعلم فقد أفتى»، لأننى لستُ من هواة الإفتاء، الذى زاد عدد مدعيه فى كل المجالات، دون أسسٍ أو منطق. لهذا لستُ منحازا حتى الآن، مع أو ضد وجود رافائيل كوهين ضمن أعضاء لجنة تحكيم مسابقة نجيب محفوظ، التى تنظّمها الجامعة الأمريكية منذ سنوات، لأننى لم أتمكن من الحصول على معلومات حاسمة، تُحدد مصير موقفى، فكل ما يتم تداوله يدور «بين انحيازيْن»، يسيطر على أصحابهما عصبية أراها مُبررة. من يهاجمون الاختيار ينطلقون من منصة وطنية، تشعر بالتوتر من أية شبهةٍ للتطبيع، ويعتمدون على تقرير قديم للشاعر أحمد الشهاوى، نشره فى منتصف تسعينيات القرن الماضى، واتهم فيه كوهين بأنه جاسوس مندس بين الأدباء، وأن جهات أمنية أنهت عمله فى صحيفة مصرية وقامت بترحيله. أما أعضاء اللجنة المصريون فوجدوا أنفسهم أمام العاصفة، والأمر نفسه انطبق على من قام المترجم البريطانى بنقْل أعمالهم إلى الإنجليزية، مما جعل بعضهم يتخذ وضع الدفاع عن النفس، ويردون بعصبية أتفهّمها، ممن فوجئوا بأصابع الاتهام تشير إليهم، وأخذت الاتهامات تتطاير بين خطّى الهجوم والدفاع. نتيجة لحالة التوتر تناثرت معلومات غير دقيقة، عن جنسية كوهين وإقامته فى مصر. هل طُرد منها نهائيا؟ أم عاد ليقيم بها منذ 2006، حسبما أكد رد الجامعة الأمريكية؟ الجدل المتصاعد وضع المتابعين البسطاء أمثالى، أمام مشهد ضبابى، اخترقته شهادة صحفى فلسطينى، أكد عضوية كوهين فى حركة تضامن دولية تدعم القضية الفلسطينية. وسط انعدام اليقين سأحتكم إلى ثقتى فى الكاتب الصحفى سيد محمود والأديبة مى التلمسانى، وهما من بين أعضاء اللجنة، لأننى أثق أن كلا منهما سيتخذ قرارا يرضى ضميره، لو اكتشف معلومات مجهولة، تُثبت أية شبهات تدور حول المترجم البريطانى. لا أحاول ادعاء الاعتدال، فأنا مع المواقف الحاسمة فى هذه القضايا، لكن حُكمى مؤجل لحين انتهاء الضجة وكشف التفاصيل.