في ذكرى انتصارات السادس من أكتوبر المجيدة، التي أعادت لمصر والعرب العزة والكرامة، تبقى تلك الحرب الخالدة رمزًا للوحدة الوطنية والتخطيط الدقيق والإرادة الصلبة التي لا تعرف المستحيل، وبعد مرور أكثر من خمسة عقود على هذا النصر العظيم، ما زالت روحه تلهم المصريين في معركة البناء والتنمية التي يقودها الرئيس عبد الفتاح السيسي، في عبورٍ ثانٍ نحو الجمهورية الجديدة. وانطلاقًا من هذه الروح الوطنية، أجرت "بوابة أخبار اليوم" حوارًا مع النائب عادل عبد الفضيل، رئيس لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، وأمين أمانة العمال المركزية بحزب الجبهة الوطنية، ورئيس النقابة العامة للعاملين بالمالية والضرائب والجمارك، للحديث عن دلالات النصر، ودروس أكتوبر، ودور العمال في الحرب والبناء، ومكانة مصر الحديثة تحت قيادة الرئيس السيسي. و إلى نص الحوار: كيف تستحضر ذكرى انتصارات أكتوبر بعد مرور أكثر من خمسة عقود؟ حرب السادس من أكتوبر أعادت بناء المعنويات المصرية، ولم تكن مجرد انتصار عسكري، بل انتصار نفسي ومعنوي أعاد الثقة بين الشعب المصري وجيشه بعد صدمة 1967، لقد جسدت ملحمة أكتوبر وحدة الإرادة الوطنية وقدرة المصريين على تجاوز الهزيمة وتحويلها إلى نصر عظيم أعاد لمصر كرامتها ومكانتها. وأصبحت حرب أكتوبر رمزًا خالدًا للعزة الوطنية، يحتفل بها المصريون كل عام، ويتناقل الأجيال قصص بطولاتها التي رسخت في الذاكرة والوجدان، ففي تلك الحرب حطم الجندي المصري أسطورة الجيش الذي لا يُقهر، وعبر خط بارليف المنيع، واستعاد أرض سيناء الغالية. كما غيرت حرب أكتوبر المفاهيم العسكرية العالمية، وأجبرت الخبراء الاستراتيجيين شرقًا وغربًا على إعادة النظر في نظرياتهم حول الأمن والحرب، بعدما تمكنت القوات المسلحة المصرية من تحطيم نظرية الأمن الإسرائيلي، وإثبات أن الإرادة الوطنية قادرة على كسر أي عقيدة عسكرية معادية. ما الدرس الأهم الذي يجب أن يستلهمه المصريون من روح أكتوبر اليوم؟ هناك دروس عظيمة مستفادة من انتصارات أكتوبر، أهمها الوحدة الوطنية والتخطيط والانضباط والإرادة القوية، المصريون اليوم بحاجة إلى استعادة هذه الروح في مواجهة التحديات الراهنة، سواء كانت اقتصادية أو سياسية أو أمنية. فكما اصطف المصريون خلف القيادة في 1973، يجب أن نصطف اليوم خلف قيادتنا السياسية في معركة التنمية ومواجهة المؤامرات الخارجية ومحاربة الإرهاب. كانت حرب أكتوبر معجزة بكل المقاييس، تحققت بالتخطيط الدقيق والتنفيذ المنظم، وهي رسالة دائمة بأن العمل بروح الفريق هو طريق النصر الحقيقي. وما الرسالة التي يوجهها البرلمان للعمال في ذكرى نصر أكتوبر؟ أوجه تحية إجلال وتقدير لأرواح الشهداء الذين ضحوا من أجل الوطن، وأؤكد أن نصر أكتوبر سيظل رمزًا للعزة والكرامة، ودليلًا على قدرة الشعب المصري على تحقيق المستحيل بالإرادة والعمل الجاد. ونستلهم من الحرب الترابط الوثيق بين الشعب وقواته المسلحة، والالتفاف حول القيادة والعمل الجاد من أجل بناء مستقبل أفضل في ظل الجمهورية الجديدة التي أسسها الرئيس السيسي. كيف ترى الدور التاريخي للعمال خلال حرب أكتوبر 1973؟ دور العمال في حرب أكتوبر كان بطوليًا بكل معنى الكلمة، فقد أثبتت الحرب أهمية الصناعات الحربية الوطنية وجدوى الاعتماد الذاتي على قدراتنا الإنتاجية، حيث لعبت شركات الإنتاج الحربي المصرية دورًا حاسمًا في دعم القوات المسلحة، فمصنع 10 الحربي (أبي قير) عمل 24 ساعة يوميًا لتوفير الذخائر ومعدات التطهير وسلع الإعاشة. كما شارك مصنع 18 الحربي (أبو زعبل) في تطوير صواريخ إزالة الألغام وصواريخ فك الطابات، ونجح في تنفيذ المهام بكفاءة عالية، وأسهمت مصانع هليوبوليس (81) وحلوان (99 و360 و999) في إنتاج الذخائر الثقيلة ومدافع الهاون والكباري العسكرية، بل وعبرت منتجاتها مع القوات المسلحة قناة السويس. وفي الوقت نفسه، قام القطاع العام بدور وطني مشرف في دعم الجبهة الداخلية، فرفع شعار "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة"، وظل العمال في مواقعهم دون غياب رغم أعيادهم، مساندين جبهة القتال بكل الإمكانات. البعض يصف العمال بأنهم "الجيش الثاني".. كيف تترجم هذا الوصف؟ الوصف دقيق تمامًا، فعمال مصر كانوا اليد الثانية التي بنت وسندت وعملوا جنبًا إلى جنب مع جنودنا الأبطال في تجهيزات الحرب والإنشاءات والإمدادات، ولم يتوقفوا لحظة عن العمل أو العطاء. لقد كانوا نموذجًا للانتماء الحقيقي، واستمر عطاؤهم بعد الحرب في بناء الوطن وتنميته، وما زالوا حتى اليوم يقفون خلف قيادتهم السياسية لاستكمال مسيرة الإصلاح والبناء. وما أوجه الشبه بين دور العمال في 1973 ودورهم اليوم في معركة التنمية؟ كما دعم العمال جيشهم في معركة التحرير، فهم اليوم الجيش المنتج في معركة البناء، فعمال مصر المخلصين هم زاد المشروعات القومية الكبرى، التي تُعد إنجازات حقيقية تُكتب بحروف من نور في تاريخ الوطن، وهم القوة المنتجة والدرع الصلب للاقتصاد الوطني في مواجهة الأزمات العالمية، وسواعدهم هي التي تشيّد وتُعمّر وتدفع عجلة التنمية. وكان العمال في السبعينيات جزءًا من الدعم الشعبي العربي للحرب، واليوم هم ركيزة التنمية في كل القطاعات الصناعية والزراعية والخدمية، يستحقون كل تقدير واحترام. هل ترى أن ما قام به الرئيس عبد الفتاح السيسي يمثل عبورًا ثانيًا؟ بلا شك الرئيس عبد الفتاح السيسي قاد العبور الثاني نحو بناء مصر الحديثة، خلال عشر سنوات فقط، استعاد هيبة الدولة، وحقق الأمن والاستقرار، وبدأ مرحلة غير مسبوقة من التنمية الشاملة. ومن مشروعات البنية التحتية والطرق والكباري، إلى بناء المدارس والجامعات وتطوير التعليم، وصولًا إلى القضاء على فيروس سي، وتوسيع مظلة الحماية الاجتماعية، وتعزيز القدرات العسكرية والعلاقات الدولية. هذه الإنجازات الملموسة على أرض الواقع تؤكد أننا نعيش عبورًا جديدًا نحو الجمهورية الجديدة، عبورًا عنوانه العمل والإنتاج وبناء الإنسان المصري. كيف ترى مشاركة العمال في المشروعات القومية الكبرى التي تقودها الدولة الآن؟ تواصل الدولة تنفيذ مشروعات قومية ضخمة في مختلف المجالات، والعمال هم قلب هذه الإنجازات، سواء في الإسكان، أو النقل، أو الطاقة، أو الزراعة، فإن العمال يشاركون في بناء كل مشروع، وهم شركاء رئيسيون في تحقيق أهداف رؤية مصر 2030. هذه المشروعات لا تُحسّن فقط جودة حياة المواطنين، بل تخلق فرص عمل وتُرسّخ التنمية المستدامة، وتؤكد قدرة مصر على مواجهة التحديات رغم الظروف العالمية الصعبة. ما الدور الذي تلعبه النقابات العمالية في الحفاظ على الروح الوطنية؟ النقابات العمالية تلعب دورًا وطنيًا مهمًا في تعزيز الاستقرار الاجتماعي والدفاع عن حقوق العمال، وتحقيق العدالة والمساواة، وهي شريك رئيسي في التنمية، تعمل على خلق بيئة عمل آمنة ومستقرة، وتدعم الإنتاج من خلال التفاوض الجماعي والحوار الاجتماعي. كما تبني النقابات تحالفات مع المجتمع المدني لتقوية صوتها في الدفاع عن حقوق العمال، وتلتزم بالقيم الوطنية والتضامن مع قضايا العدالة الاجتماعية، مما يجعلها جزءًا من نسيج الدولة الوطنية التي تحمي استقرارها وتنميتها. كيف تعملون على صون حقوق العمال؟ نحن في لجنة القوى العاملة نعتبر أن عمال مصر هم جنود التنمية وفرسان الإنتاج، وقانون العمل الجديد الذي أقره البرلمان جاء ليبني علاقة متوازنة بين طرفي العملية الإنتاجية — العامل وصاحب العمل — ويضمن بيئة عادلة تحفظ الحقوق وتدعم الإنتاج. لدينا نحو 30 مليون عامل في مصر، ونحن نعمل على حماية حقوقهم وتشجيع الشباب على الانخراط في سوق العمل، خاصة في القطاع الخاص، من خلال توفير الأمان التشريعي والوظيفي، والمواءمة بين التعليم الفني واحتياجات سوق العمل. هدفنا هو تحقيق العدالة والاستقرار وزيادة الإنتاج في إطار من التفاهم والمصلحة الوطنية المشتركة، وكما عبرنا القناة بالسلاح عام 1973، نعبر اليوم بسواعد العمال نحو الجمهورية الجديدة.