قبل أن تدون فى الكتب، وقبل أن تتحول إلى أفلام ووثائقيات، عاشت هذه الذكريات فى صدور رجال هم أشبه بالجبال.. رجال حملوا على أكتافهم عبء تحرير الوطن، وحملوا فى قلوبهم يقين النصر...«الأخبار» فتحت معهم دفاتر الذاكرة، لنستمع لأصوات من عاصروا معارك الاستنزاف وأكتوبر، ليسردوا بشجاعة وبتواضع الأبطال، كيف تحول «المستحيل» إلى واقع ملموس. من معارك الاستنزاف التى هزموا فيها اليأس يومًا بعد يوم، إلى ساعة الصفر فى السادس من أكتوبر، حيث انتفضت الإرادة المصرية لتقول كلمتها للعالم.. من خلال هذه الحوارات، لن نقرأ عن البطولة من خارجها، بل سنعيشها من داخلها، بعيون من صنعوها وبقلوب من دفعوا ثمناً لها من دمائهم وعرقهم وشبابهم. اقرأ أيضًا | الرئيس السيسي: روح نصر أكتوبر ستظل راسخة في وجدان الشعب المصرى جيلاً بعد جيل عقب نجاح عملية العبور، وخلال مجريات المعركة، أبلغت طائرات الاستطلاع الأمريكية، إسرائيل، بوجود فجوة فى منطقة بين الجيشين الثانى والثالث المصريين، فاستغلّت إسرائيل ذلك فى وضع خطة يوم 11 أكتوبر، بهدف العبور للبر الغربى للقناة لإحراز أى تقدُّم عسكرى قبل صدور قرار مُتوقع من الأممالمتحدة بوقف إطلاق النار، وأسندت المهمة إلى فرقة الجنرال «آرئيل شارون»، وضمت 3 ألوية مدرّعة، فضلًا عن لواء مظلات ألحق بها لتنفيذ العملية. «الأخبار»، التقت العميد أ.ح. درويش حسن درويش، من سلاح المُشاة، وأحد الأبطال الذين شاركوا بمعركة المزرعة الصينية»، ليحدثنا عن تفاصيل المعركة، وكيف استطاعت القوات المصرية، تحقيق انتصار عسكرى جديد وتحويل تلك الثغرة لفخ كبير للإسرائيليين، فى البداية. وقال إن العدو الإسرائيلى حين قرر إحداث ثغرات فى معركة الدفرسوار أو ما يُسمى «المزرعة الصينية»، بدأ فى دراسة أضعف الأماكن للجيش المصرى من أجل اختراقها، وهذه المعركة كانت مصيرية بالنسبة للعدو بذل فيها من المجهود وتكبد من الخسائر ما يفوق التخطيط العسكري، ولكن هنا ظهرت الأعمال البطولية لقواتنا، وذلك اتضح حين فشل العدو فى اختراق «اللواء 16» بوحدات ميكانيكية أو مدرعة، فكان قراره استدعاء لواء مظلى لاستخدامه كمشاة مترجل، وهذا يُعد أسوأ استخدام لقوات المظلات بالنسبة للعدو الإسرائيلي. وأضاف أن العدو اصطدم حينها بالحد الأمامى لدفاعاتنا، وفوجئ بأنه أمام منطقة حزام النار الكثيف، وفى ذلك الحين فشل العدو فى اختراق اللواء 16، فقام باستدعاء لواء مظلات إسرائيلى وفشل أيضًا مرة أخرى، وأشار «درويش»، فى حديثه إلى الدور الذى قام به المشير محمد حسين طنطاوي، الذى كان برتبة مقدم حينها، وكان قائدًا للكتيبة 16 مُشاة، حيث أصدر أوامره بوقف إطلاق النار تمامًا لإغراء قوات العدو الإسرائيلى على التقدم فى منطقة المزرعة الصينية، وبالفعل تقدمت القوات حتى أصبحت فى مرمى نيران القوات المصرية، ولا يمكن أن تخطئها أى رصاصة، وأصدر «طنطاوي»، أوامره لكل أسلحة الكتيبة، أن تتجه فى اتجاه تلك الثغرة، وأمرهم بعدم فتح النيران إلا بإشارة منه، وحدث ذلك مع اقتراب العدو، وفتحت جميع أسلحة الكتيبة على القوات المظلية للعدو، وتكبدت إسرائيل خسائر فادحة، وتحولت الثغرة التى استهدفوها لتحقيق انتصار إلى «فخ» كبير لهم.