«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكتيبة 16 مشاة.. «عَلِّمِتْ» على وزيرى دفاع للعدو!
نشر في بوابة الأهرام يوم 01 - 01 - 2021

فى تاريخنا وحاضرنا.. أيام وأسماء وأحداث وإيجابيات وإنجازات وأبطال وبطولات لا تُنسى ويجب ألا تُنسى.. ومسئولية الإعلام أن يبعدها عن النسيان ويبقيها فى دائرة الضوء.. يقينًا لنا.. بأن الأبناء من جينات الآباء نفسها.. قادرون على صناعة الإعجازات.. ويستحيل أن يفرطوا فى حق الوطن.. مهما تكن التضحيات.
جسر الإمداد الجوى الأمريكى للعدو الذى بدأ وصوله إلى سيناء مباشرة من يوم 13 أكتوبر 1973 لم يكن مجرد عملية إمداد بسلاح وتعويض لذخائر.. إنما رسالة واضحة مباشرة للعدو قبل الصديق.. إسرائيل ليست وحدها فى هذه الحرب.. وأن التأييد الأمريكى لها.. ليس فقط سياسيًا فى المحافل الدولية.. إنما عسكريًا فى المعارك الحربية بالمعلومات المخابراتية وبالطائرات والدبابات والصواريخ والأحدث فى الحرب الإلكترونية.. والأهم بالمقاتلين المحترفين.. مرتزقة كانوا أو متطوعين!. يعنى أمريكا من يوم 14 أكتوبر هى فى الحرب!.
ابتداء من يوم 14 أكتوبر.. العدو بات على قناعة تامة.. بأن الطريق مفتوح أمامه لتنفيذ خطته كما يريد!. معارك 14 أكتوبر تشير إلى هذا.. والقادم حتى 18 أكتوبر يؤكد ذلك!.
الدعم الذى وصل للعدو فى أرض المعركة بالفعل والدعم الذى لم يصل لنا فعلاً.. وضحت معالمهما على المعارك القائمة على الأرض!.
خطة العدو أن يكون الهجوم على أحد الأجناب البعيدة عن تركيز القوات المصرية الرئيسية!. وأن تكون منطقة العمليات صالحة لتنفيذ هذا الهجوم!. العدو وجد منطقة الدفرسوار المكان الأنسب!. تركيز الهجوم فى أضيق قطاع بالشرق.. لأن المعركة الحقيقية ستكون فى الغرب!. المطلوب أعلى معدلات السرعة فى تنفيذ العملية.. بداية من الاختراق والوصول إلى الغرب.. ونهاية باحتلال هدف استراتيجى غرب القناة.. والسويس هى الهدف واحتلالها يكون يوم 18 أكتوبر!.
العدو خلاصة خطته.. فتح ممر فى الشرق ما بين الجيشين الثانى والثالث.. والوصول إلى غرب القناة.. والوصول ليس الهدف.. إنما وسيلة لتحقيق الهدف.. الذى هو احتلال الإسماعيلية والسويس.. والذى إن تحقق له هذا.. قطع كل خطوط الإمداد على الجيشين فى الشرق.. وهذا انتصار عسكرى هائل يعيد العدو إلى سابق عهده فى الغطرسة والتكلم بمنطق القوة وإملاء الشروط!.
ملاحظة: العدو نجح فى تنفيذ الثغرة التى خطط لها ووصلت قوات بالفعل إلى غرب القناة.. ولأجل تأمينها فى الغرب.. تحمل خسائر رهيبة فى الشرق أمام الفرقة 16 مشاة المصرية العظيمة!. الثغرة التى حدثت فى الغرب.. لم تفلح فى تغيير أوضاع قواتنا على الأرض.. لا فى الشرق ولا فى الغرب.. وفشلت تمامًا فى إعادة مسرح العمليات إلى ما قبل 6 أكتوبر!. وحتى لا نسبق الأحداث تعالوا لنرى التفاصيل!.
خطة العدو التى تمت على الأرض.. الفرقة المدرعة التى يقودها شارون.. تفتح ممرًا لها فى الشرق بعرض خمسة كيلومترات.. وتصل إلى القناة وتنشئ جسرًا لعبور القوات إلى الغرب بعمق 4 كيلومترات.
الفرقة المدرعة التى يقودها الجنرال أدان.. تعبر من على هذا الجسر إلى الغرب.. وتتجه إلى السويس لاحتلالها!.
فى اللحظات الأخيرة طرأ يوم 17 أكتوبر تعديل على خطة العدو!. يتوجه شارون بفرقته المدرعة لاحتلال الإسماعيلية.. على أن تنضم الفرقة 252 المدرعة التى يقودها الجنرال كليمان إلى الفرقة 162 المدرعة فى الهجوم على السويس.
هذا ما خطط العدو لتنفيذه فى غرب القناة.. فماذا عن خطته فى مواجهة جيش مصر بسيناء؟.
مجموعتا عمليات خصصهما العدو لأجل مهمة تثبيت القوات المصرية فى الشرق.. من خلال القيام باشتباك هدفها شغل القوات المصرية!.
الصورة الكاملة للموقف العسكرى يوم 15 أكتوبر بعد وصول الجسر الجوى الأمريكى.. العدو حشد ألف دبابة إسرائيلية لأجل إحداث الثغرة فى مواجهة أقل من 400 دبابة مصرية.. على مساحة أرض تقترب من ال50 كيلومترا مربعا!. ألف دبابة بأطقمها وفرها الجسر الجوى الأمريكى فى يوم وليلة!. فعلاً.. «إللى ليه ضهر.. ما ينضربش على بطنه»... على رأى المثل العامى!. على أرض الواقع لا الأمثال.. جيش مصر ضرب العدو على ضهره وبطنه وقفاه كمان!.
أعود إلى يوم 14 أكتوبر الذى لم تتوقف الاشتباكات فيه.. نهارًا وليلاً.. إلى أن وصلنا إلى 15 أكتوبر.. وفيه بدأت ملامح خطة العدو الهجومية فى الوضوح!. القوة الأساسية لنيران مدفعيته موجهة إلى معابر الجيش المصرى على القناة لأجل تدميرها!. العدو فشل تمامًا فى هذا الأمر!. الأهم.. أن وحدات الاستطلاع المصرية.. رصدت عدة إشارات لاسلكية للعدو.. جميعها كانت عن تمام الاستعداد للهجوم!.
فى أغلب المعارك.. غالبًا ما يبدأ الاشتباك بهجوم خداعى!. يعنى.. مدفعية العدو تمهيدها النيرانى على كل الجبهة.. حتى لا نعرف اتجاه الهجوم الأساسى!. الساعة وصلت إلى الخامسة والنصف مساء 15 أكتوبر.. وبدأ هجوم خداعى على منتصف الفرقة 16 المتمركزة فى جنوب الإسماعيلية حتى الدفرسوار.. وفى الوقت نفسه الاشتباكات الخداعية التى بدأها العدو قائمة على امتداد الجبهة!.
ساعتان من نيران العدو الخداعية على امتداد الجبهة.. إلى أن وضح اتجاه الهجوم الرئيسى له فى السابعة والنصف مساءً.. وكان فى أقصى الحد الجنوبى للفرقة 16 عند الدفرسوار وليس تجاه وسطها!.
القتال بدأ فى السابعة والنصف مساءً واستمر طوال الليل!. العدو يهاجم ونيران الفرقة 16 توقفه فينسحب.. ليعاود هجومه ويفشل فينسحب!. الأمر تكرر عدة مرات.. إلى أن نجح فى مرة.. تسللت خلالها بضع دبابات له إلى المنطقة الإدارية للفرقة 16 ودمرت عددًا من عربات الشئون الإدارية.. إلا أن هذه الدبابات لم تنجُ بفعلتها!. صائدو الدبابات بالصواريخ فهد.. دمروها!.
أيضًا نجحت دبابات العدو فى الوصول إلى «المزرعة الصينية».. وهى نجحت لأن طبيعة هذه الأرض التى تقع على الحد الأمامى للفرقة 16 مليئة بالمصارف والترع الجافة.. أى مساحات أرض منخفضة عن بقية الأرض.. بما يسمح باختفاء أى مركبات أو دبابات فيها!.
المعركة التى دارت فى المزرعة الصينية ليلاً.. بين قوات فرقة مدرعة ولواء مشاة مصرى هو اللواء 16 من الفرقة 16.. هذه المعركة الشرسة خسر العدو فيها 70 دبابة.. وهذا الرقم هم من ذكروه فيما بعد.. وهم يتبادلون الاتهامات عن مسئولية المجزرة التى حدثت لدباباتهم وأطقمها فى هذه المعركة!.
المعارك لم تتوقف طوال ليل 15 أكتوبر!. العدو هدفه الرئيسى ثغرة يصل منها إلى الغرب!. نجح فى ذلك بعد منتصف الليل وقبل أن يأتى نهار 16 أكتوبر.. كان للعدو لواء مظلى مدعم بكتيبة دبابات فى الغرب من خلال البحيرات المرة!. العدو بدأ العبور فى الواحدة والنصف ليلاً.. وقبل أن يقوم بالعبور.. مدفعيته قامت بتمهيد نيرانى هائل ضربت فيه 70 طنًا من ذخائر المدفعية.. تجاه مزارع أشجار المانجو الكثيفة الموجودة غرب القناة.. والتى سيدخلها العدو للاختباء فيها بعد عبوره.. ولذلك دمروها ب70 طن ذخائر.. لضمان ألا يبقى فيها كائن حى!.
الجزء الأول من الخطة تم!. ثغرة وصلت من خلالها قوات للغرب.. تختبئ فى الأشجار إلى أن يفتح شارون الممر الآمن فى الشرق.. لتتدفق قوات العدو إلى الغرب!. كلام سهل لكن التنفيذ صعب!.
شارون فشل تمامًا فى تنفيذ ذلك.. والهجمات المدرعة التى قام بها دمرتها القوات المصرية!. موشى ديان فى مذكراته حول هذه المعارك قال: تكبدت قوات شارون أبشع الخسائر وتعرضت لنيران العدو المهلكة وقتل 200 رجل وقتل جميع قادة سرايا أحد ألويته وتم استبدالهم مرتين!.
الفشل الإسرائيلى فى فتح ممر بالشرق وعمل رأس جسر عند القناة.. جعل الدولة الإسرائيلية فى موقف بالغ الصعوبة والدقة.. لأن اللواء المظلى وكتيبة الدبابات الموجودين فى غرب القناة.. وضعهم بالغ الخطورة ومعرضون للإبادة فى كل لحظة!.
بعد فشل شارون.. انهارت جولدا مائير وأعلنت لوسائل الإعلام.. أن لديها قوات صغيرة جدًا فى غرب القناة.. بينما فشلت باقى القوات فى الوصول إلى رأس الجسر على شاطئ القناة.. وبالحرف الواحد قالت: كل من حاول الاقتراب من رأس الجسر.. دمره المصريون!.
القتال لم يتوقف طوال يوم 16 أكتوبر واستمر طوال الليل.. وأعلن شارون فشله للمرة الثانية فى تحقيق المهمة المكلف بها.. صحيح هناك ثغرة تسلل منها لواء مظلى إلى الغرب مع كتيبة دبابات.. ولكن!.
هذه القوات المختبئة فى حدائق المانجو.. سيتم ذبحها ما لم تكتمل الخطة وتعبر إلى الغرب.. قوات المهمة الرئيسية!.
وبالمناسبة.. أول فشل لشارون.. كان يوم 9 أكتوبر وهو اليوم التالى للهجوم المضاد الذى تحطم يوم 8 أكتوبر وتحطمت معه أسطورة الجيش الذى لا يقهر.. وهذا ما دفع شارون لأن يستغل الموقف.. على أمل أن يثبت للشعب الإسرائيلى أنه المنقذ الوحيد.. ولكن!.
«دَبّور وزَنّ على خراب عِشُّه».. قام بهجوم.. خسر فيه ما تبقى من دبابات للعدو!. ما علينا!.
المعارك المستمرة طوال الليل.. شارك فيها مع اللواء ال16 قوات من الفرقة 21 مدرعة.. وتم دفع اللواء 22 مدرع من الجيش الثالث للمعاونة فى صد هجوم العدو.. إلا أن اللواء المدرع المصرى وقع فى كمين للعدو نتيجة التحرك الخاطئ له.. وحدثت له خسائر كبيرة!.
العدو يحشد كل قواه لأجل إتمام المهمة!. طيران العدو عادت له قوته التى سلبها منه حائط الصواريخ المصرى حتى يوم 15 أكتوبر.. حيث لا تجرؤ طائرة للعدو على الاقتراب من قواتنا حتى 15 كيلو شرق القناة!. الثغرة التى حدثت ودبابات العدو التى تسللت إلى غرب القناة.. نجحت فى إحداث ثغرة فى حائط الصواريخ بمنطقة أبوسلطان!.
الذى حدث لحائط الصواريخ فى منطقة أبوسلطان.. حرر طيران العدو من نيران دفاعنا الجوى.. ومكنه من مهاجمة الفرقة 21 المدرعة.. فى هجومها المضاد يوم 17 أكتوبر على قوات العدو.. ولولا الطلعات الجوية المكثفة على الفرقة 21 ما بقى مظلى واحد حيًا من المختبئين فى أشجار المانجو!.
حتى الآن العدو فشل فى اختراق نطاق الفرقة 16 فى قطاع اللواء 16 وتحديدًا الكتيبة 16 منه!. لا ضرب المدفعية نجح ولا الهجمات المدرعة المتتالية فلحت فى فتح هذا الممر.. وهنا قرر العدو أن يؤدب الكتيبة 16 هذه بأشرس ما يملك!.
العدو قرر الاستعانة بالمظليين المشهورين بشراستهم.. لتأديب المصريين وإنهاء هذه المعارك وفتح الممر وإنشاء رأس الجسر!.
أنا لن أتكلم عما حدث.. لكن أستشهد هنا بكلام إسحاق مردخاى قائد الكتيبة 890 مظليين أو الوحدة الشرسة التى خاضت هذه المعركة ضد الكتيبة 16 المصرية!. فى مذكراته.. حول هذه المعركة قال إنه لا يستطيع أن ينسى أو يسامح قادة الجيش الإسرائيلى.. وما فعلوه به وبكتيبته وكيف أقحموه فى معركة رهيبة أمام رجال المشاة المصريين فى منطقة المزرعة الصينية!.
بالحرف الواحد يقول فى مذكراته: لسوء الحظ كانت ليلة 16 مقمرة يصعب التخفى فيها.. وفى النهاية وصلت الكتيبة إلى المزرعة الصينية.. لتكون المفاجأة المروعة!.
ملاحظة: تعليمات قائد الكتيبة 16 لرجاله الصمت النيرانى إلى أن يصل العدو للمكان.. غير مسموح بتقدمه مترًا واحدًا عنه!. الصمت النيرانى.. أحد أصعب القرارات التى تتطلب أعصابًا فولاذية وقلوبًا لا تعرف الخوف وجرأة لا سقف لها!. مقاتلو الكتيبة 16 فى أماكنهم والعدو يقترب ويقترب إلى أن أصبحت همهمة جنوده مسموعة لهم فى الظلام وهم بمنتهى الثقة والجرأة والشجاعة.. صامدون صامتون إلى أن يبدأ القائد المعركة بنيران سلاحه.. وحدث!.
يكمل إسحاق مردخاى قائد كتيبة المظلات كلامه بقوله: فى لحظة انفتحت علينا النيران وسقطت فوقنا القنابل من كل اتجاه. السرية الشمالية بقيادة ياكى.. أخبرنى بوجود قصف مكثف اعتقدت أنها وحدة إطلاق الصواريخ «ساجر».. ولم يخطر فى ذهنى وقتها حجم الفخ الذى وقعنا فيه!. فى أثناء تبادل إطلاق النيران أخبرنى ياكى بأنه أصيب.. ثم قتل وبدأت أسمع على اللاسلكى صوت قائد آخر غيره.. لكن سرعان ما أصيب هو الآخر واختفى صوته إلى الأبد.. وأصبح واضحًا أمامى أن السرية (ب) قد دمرت.. فطلبت من أهارون قائد السرية (ج) التوجه لمساندتها ولكن أهارون أيضًا قتل.. وفهمت ساعتها أننا أمام قوات مصرية ليست سهلة!.
ويكمل مردخاى الكلام قائلاً: طلبت القيادة على اللاسلكى وطلبت منهم مساندة المدفعية.. فقالوا لا يمكن لأن المدفعية مشتبكة فى قتال آخر عنيف!. طلبت دبابات.. قالوا لا يمكن الآن وبعد شرح صعوبة الموقف.. أرسلوا فى الصباح كتيبة دبابات مدعمة بالمدفعية يقودها المقدم إيهود باراك.. وعندما سألت باراك لاسلكيًا هل تعرف مكاننا فأجاب بالنفى.. وكان الوصول لنا أمرًا غاية فى الصعوبة لأن القوات المصرية تحاصرنا من كل جانب!.
كتيبة الإنقاذ فشلت فى الوصول إلينا.. واضطرت إلى فتح قنبلة دخان لأجل أن يعرف باراك مكاننا.. وما أن فعلت.. انهالت نيران المصريين علينا وعلى دبابات باراك التى حاولت إنقاذنا وفشلت وانسحبت.. وفى صباح 17 أكتوبر وصلنا لواءان مدرعان لإنقاذ ما تبقى!. قتل 38 جنديًا وضباطًا وأصيب 100 آخرون.. لقد كانت خسائرنا واحدًا من كل ثلاثة جنود!.
انتهى كلام قائد كتيبة المظلات الإسرائيلى.. وأقول أنا: المعركة التى دارت.. وبتعبير أدق.. المجزرة التى وقعت للمظليين.. كانت فى الواقع أدق وأصدق شهادة للمقاتل المصرى فى شجاعته وفدائه ورجولته!.
ملاحظة: هذه المعركة تحديدًا.. معركة الكتيبة 890 مظلات الإسرائيلية مع الكتيبة 16 مشاة باللواء 16 بالفرقة 16.. هذه المعركة من تبقى من المظليين أحياء.. ظهروا فى فيلم تليفزيونى وثائقى يحكون فيه قصة هذه المعركة وما حدث لهم فيها!. هذا الفيلم قمت بعمل ترجمة له.. بل وعمل دوبلاج له.. فى برنامج «دائرة الضوء» بقناة النهار.. وهو موجود فى القناة.. فيه شهادتهم هم لا كلامنا نحن.. على هزيمتهم وخسائرهم وفشلهم!.
هذه الموقعة الجبارة واحدة من معارك حرب أكتوبر العظيمة!. كتيبة مشاة مصرية.. تُمَزِّع أوصال كتيبتين للعدو!. واحدة مظلات والأخرى مدرعات.. ونلحق بهما هزيمة لا تنسى.. وكيف تنسى والقدر أرادها ذات مغزى لا ينسى لأن المعركة الرهيبة قادتها.. ثلاثة وزراء دفاع فيما بعد!.
قائد الكتيبة 16 المنتصر.. المقدم حسين طنطاوى.. وزير وقائد كتيبة الدبابات إيهود باراك وشارون .. وكلاهما تولى منصب وزير الدفاع الإسرائيلى!
أعود إلى تداعيات الخسائر الرهيبة للعدو فى المزرعة الصينية.. حيث كان رأى موشى ديان وزير الدفاع.. إيقاف عمليات القلب الشجاع.. نظرًا للخسائر الهائلة التى منيت بها القوات الإسرائيلية!.
كان هذا رأى ديان.. إلا أن جونين قائد الجبهة مع مصر.. أقنعه بقوله: بدأنا ولابد أن نستكمل العملية!.
الجنرال أليعازر قراره تنفيذ مهمة الاختراق فى الشرق بأى ثمن.. لأجل وصول فرقتين للغرب فى أسرع وقت!.
الممر الآمن الذى أرادوه.. حققوه فى ليل 17 أكتوبر بعد معارك طاحنة!. صباح 18 أكتوبر كان للعدو فى غرب القناة 2 لواء مدرع!. وكان للعدو هدفان هو واثق من تحقيقهما!. احتلال الإسماعيلية واحتلال السويس.. وبعدها يكون الكلام.. فهل تكلم العدو؟.
لا والله لم يتكلم.. لكنه صرخ!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.