آية جمال محيى الدين بالأمسِ شاهدت وجوهًا أفواهاً تتحدث بكلامٍ حكاياتٍ تسقط على الأرضِ والأرض تنزلق بالمُقلِ والأقدامِ. الوقت يعبر فوق رأسى يدهسنى تحت سيارةٍ حمراءَ تمر أسفل البنايةِ الذهبيةِ أحمل هلاكى وأنزل على السُّلمِ عتبةً وعتبةً وعتبةً. أسير خلف ضوءٍ زاهٍ يخطفنى بهاؤه لونه الأصفرُ حدودُ ضيائِه. أتتبع باعةً متجولين امرأة النارِ عبدةَ الإنسِ والشيطانِ. تمر فتاةٌ بفمِ أحمر وعينٍ سوداء مُخيفةٍ تحيد عن محاجرها وتضيع فى أروقة القاهرة. تنبش القاهرة عن غريبٍ تعميه بأضوائها البراقة وحيالها الخداعة من فاترينةٍ إلى محلٍ من شارعٍ إلى عتبةٍ من فندقٍ إلى مقصلةٍ، تمشى خلفك تُطبق عليك كماشتها تقبض على لسانك، ثوبك قامتك الفارهة. تُحركك كعروس ماريونت تُمسك خيوطكَ الملونةَ تدفعكَ يُمنى ويسرَى يُسرى ويُمنى. تُقيد خطواتكَ تفك الحبل حول عُنقك تحسب أنك حُرُّ مُغرمٌ، هيمانٌ أن المسافة بينك وبين الجنةِ خطوتان. ترقص بين جمع من البشر ينتظر الجمهور فى صالة مُعتمةٍ إلا من وجهك ولمبتان تضويان. تشتغل موسيقى كلاسيكيةٌ تزكم أنفك رائحة عودٍ حارّةٍ ترتفع على الأرض قليلاً تلمس وجهًا عابسًا وسربًا من الديدان. تحملك يمامةٌ على ظهرها الأبيضِ ترى القاهرة مِن قعرِ عينيها تسقط على خشبةِ المسرحِ مغشيًا عليك أو مُنتشيًا تُبصرك العيون السوداء تصعد على الخشباتِ. عينٌ وحيدةٌ تمد أناملها على كتفك تُربت على رقبتك تتحسس نبضك قلبك الدافئ تجذبك من رأسك تعصر ليمونةً فى فمك، تفتح عيناك مُبتسمًا ترى بُرجًا عاليًا وغيمةً يهتزان. تبكى بدموعٍ مالحةٍ تُعبئ صدرك بالأنفاسِ تحمل أقدامك بحُزنٍ وتعود إلى البيت لكن هل كان ذلك فى الحُسبان؟ تمشى فى شارع يشبه شارعك ترى امرأة تشبه زوجتك ورجلاً يُشبهك، تهمّ أن تُنادى عليه أن تلفظ باسمه/ باسمك أن تفك ذراعها من ذراعه لكن الطفلة التى تجذبه من ذيله تُربكك. تتبع مشيه بتأنٍ ترى بيتًا يُشبه بيتك باباً يشبه بابك تدخل العائلة مُتشابكة الأذرع تنام فى غُرفة مُريحة. لكن هل امتلكت يومًا غُرفةً دافئةً وقلبًا يسع قلبًا آخرَ؟