افتتح مجلس النواب برئاسة المستشار د.حنفى جبالى دور انعقاده السادس من الفصل التشريعى الثانى بمناقشة قرار رئيس الجمهورية برد قانون الإجراءات الجنائية إلى المجلس وذلك بحضور د.مصطفى مدبولى رئيس الوزراء. افتُتحت الجلسة باستعراض رسالة الرئيس عبدالفتاح السيسي، بشأن ملاحظاته على بعض مواد قانون الإجراءات الجنائية، والتى جاء فيها أنه تابع باهتمام كبير مناقشات مجلس النواب الموقر حول مشروع القانون، الذى يأتى استجابة لحاجة ملحة لتطوير المنظومة الجنائية بما يواكب المستجدات ويعزز حماية الحقوق والحريات، خاصة فى ظل الطفرة التكنولوجية التى يشهدها العالم. اقرأ أيضًا| رئيس الوزراء يتابع خطوات تنفيذ السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية وأشاد الرئيس بأداء المجلس فى مناقشة القانون قائلاً إن النواب «أبلوا بلاءً حسناً» فى بحثهم المتعمق لمواده، مشيرا إلى أنه سبق أن تعهد لشعب مصر بالسعى الدائم لتحقيق المصلحة العامة وصون دولة القانون، مؤكداً أن قانون الإجراءات الجنائية من القوانين المكملة للدستور وأشدها مساساً بحقوق المواطنين.. وشدد الرئيس السيسى فى رسالته الموجهة لمجلس النواب، على أن المسئولية تقتضى تحقيق التوازن الدقيق بين مصلحتين متقابلتين، وهما تحقيق عدالة جنائية فعالة، وكفالة الحقوق والحريات العامة، مع إزالة أى غموض قد يؤدى إلى التباس فى الفهم أو صعوبة فى التطبيق. وأبرز ما تضمنه مشروع القانون، من بينها: تنظيم إجراءات المنع من السفر ووضع المتهمين على قوائم الترقب والوصول. وتنظيم التعويض المادى عن الحبس الاحتياطي. وتنظيم إجراءات التحقيق والمحاكمة عن بُعد. ووضع إطار لحماية الشهود. وإرساء قواعد للتعاون الإجرائى الدولى فى المسائل الجنائية.. وأوضح الرئيس السيسى أن بعض المواد أثارت مناقشات حادة داخل المجلس، كما صدرت حولها ردود أفعال رافضة أو متخوفة من آثارها التطبيقية، وبعد دراسة متأنية لهذه المواد، ورغم وجاهة الرأى الذى تبناه مجلس النواب، إلا أن الموضوعية والواقعية تقتضيان إعلان الاعتراض على عدد منها، بما يحقق التوازن المطلوب ويحمى حقوق المواطنين. واختتم الرئيس السيسى رسالته بالتشديد على أن الهدف النهائى هو تعزيز منظومة العدالة الجنائية، وصون دولة القانون، وحماية الحقوق والحريات، بما يرسخ ثقة المواطن فى النظام القضائي. اقرأ أيضًا| اللغة والهوية فى ظل الذكاء الاصطناعى تكامل مؤسسات الدولة بعدها تحدث المستشار د. حنفى جبالى رئيس مجلس النواب .. مشددًا على أن رسالة الرئيس السيسى هى برهان على أن مؤسسات الدولة تعمل فى إطار من التكامل والتعاون، كلٌّ فى حدود اختصاصه، من أجل خدمة المواطن وحماية الصالح العام، حيث استخدم رئيس الجمهورية صلاحياته الدستورية فى أن يرد إلى مجلسكم الموقر مشروع قانون الإجراءات الجنائية، لإعادة دراسة بعض مواده؛ إعلاءً للمصلحة العامة، وتقديرًا لحق المواطن فى عدالة ناجزة، وحرية مصونة.. وتلك الملاحظات لا تعد رفضًا لمشروع القانون، بل ممارسة دستورية طبيعية، تستهدف تعليقًا مؤقتًا لمشروع القانون لحين إعادة النظر فى بعض أحكامه؛ تحقيقًا لمزيد من الضمانات، وقد جاءت الملاحظات إدراكًا لحساسية مشروع القانون وأثره المباشر على المواطن، وحرصًا على أن تصدر التشريعات بجهود وطنية مشتركة، متوازنة ومحققة لغاياتها. اقرأ أيضًا| إعادة إحياء منطقة نزلة السمان كمقصد سياحى عالمى ولعل من الأهمية بمكان أن نؤكد أن الملاحظات قد انصبت على ثمانى مواد فقط من إجمالى خمسمائة واثنتين وخمسين مادة؛ أى بنسبة لا تتجاوز 1.4% من مواد المشروع؛ وهو ما يبرهن جليًا على أن مشروع القانون جاء فى مجمله متماسكًا ورصينًا، وثمرة لتضافر جهود الجهات المعنية كافة، حيث تعاونت فى إعداده المؤسسات والهيئات الوطنية المختصة بروح من التنسيق والمسئولية المشتركة، بما يضمن صياغة نص تشريعى متكامل يلبى احتياجات الواقع العملى ويواكب متطلبات التطوير. وأضاف: غير أن ما يثير الاستغراب حقًا هو أن بعض الأصوات لم تُعطِ نفسها فرصة للتروى أو حتى الاطلاع على المواد محل الملاحظات، وانطلقت- على عجل لتعلن أن مشروع القانون برمته غير منضبط وغير صالح؛ وكأن مئات المواد المحكمة قد انهارت فى لحظة أمام نزعة للتشكيك والتهويل، ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد، بل ذهب آخرون إلى المناداة بتأجيل نظر مشروع القانون إلى دور انعقاد لاحق، أو المطالبة بإرجاء النظر فيه لإعادة دراسته كاملا من جديد، وكأن أشهرًا من الجهد والحوار قد ضاعت هباءً، متجاهلين بذلك حقيقة أن المجلس قد أولاه ما يقارب ثمانية وعشرين شهرًا من المناقشات المستفيضة. وأكد جبالى أن النقد الموضوعى قيمة نبيلة نرحب بها ونصغى إليها، أما النقد الذى ينزلق إلى التشويه أو المناكفات فلا يخدم الوطن ولا يحترم عقول المواطنين. مسئولية وطنية وأضاف: إن مجلس النواب إذ يجدد ترحيبه بما أبداه رئيس الجمهورية من ملاحظات على عدد من مواد مشروع قانون الإجراءات الجنائية، ليؤكد أنه سيمضى فورًا بكل ما أوتى من إخلاص وعزم فى دراستها بعين المسئولية الوطنية، إدراكًا منه أن التشريع ركيزة أساسية لدولة القانون، وأن التعاون الوثيق بين السلطات هو السبيل الأمثل لتحقيق آمال الشعب المصرى وصناعة مستقبل يليق بمصرنا العظيمة. بعدها تحدث د. مصطفى مدبولى رئيس الورزاء وقال: إِنَّ الدولةَ المصريةَ ماضيةٌ بكل عزمٍ لترسيخ دعائم دولة القانون، والتى تُعلى من شأن العدالة، وَتَصُون الحقوقَ والحريات، وتُرسّخ مبدأ سيادة القانون باعتباره الركيزة الأساسية لدولة المؤسسات، وتحقيق العدالة لكل المواطنين والمساواة بينهم. وشدد رئيس الوزراء على أن قانون الإجراءات الجنائية يُعد أحد أهم الأطر الحاكمة لكل ما يتصل بسير العدالة، والذى يستهدف تحقيق التوازن الدقيق بين سيادة القانون، وحماية الحقوق والحريات، والحفاظ على أمن المجتمع واستقراره.. ولقد كان لمجلسكم الموقر أبلغُ الأثرِ فى إثراء مشروع قانون الإجراءات الجنائية من خلال دراسات ومناقشات مُستفيضة، وتقديم ملاحظات بنّاءة عَكَست إدراكًا عميقًا لحساسية وأهمية هذا القانون، وانطلقت من حِرْص هذا المجلس العريق على تحديث أحد أهم أفرع منظومة العدالة الجنائية التى لم تشهد تعديلاً منذ عقود. وتابع مدبولي: «لقد تجلت فى مناقشاتكم رُوحٌ وطنيةٌ واعيةٌ، ورؤيةٌ تشريعيةٌ ناضجةٌ، كانت حريصةً على إخراج هذا القانون بما يليق باسم مصر وتاريخها، ويُعزز - فى الوقت ذاته - ثقةَ المواطن فى منظومة العدالة، ويُرسّخ شعوره بالإنصاف والأمن القانوني، وقد جاء هذا المشروع تتويجًا لسنوات من الحوار، والدراسات، والمداولات، التى شاركت فيها أطرافٌ مُتعددةٌ، بهدف تحديث منظومة الإجراءات الجنائية بما يتوافق مع أحكام الدستور، والتزامات مصر الدولية.. وإذا كان المجلس والحكومة قد اجتهدا قدر الطاقة فى أن تخرج نصوص مشروع القانون متوازنة محققة للعدالة، فإن للرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس الجمهورية، رأيا أن هناك من الضمانات ما يُمكن إضافته، ومن الإيضاحات ما يزيد النصوص جلاءً وتبياناً، وهو ما يساهم فى جعل مصر فى مصاف الدول التى فيها القانون هو السيد. ترسيخ الحقوق والحريات وإن ما تفضّل به رئيس الجمهورية من مُلاحظات على مشروع القانون إنما يُجسّد حِرْصَ القيادةِ السياسية على ترسيخ دعائم الحقوق والحريات بكافة صورها، وَيُؤكد أهمية صدور قانون يعبر عن تطلعات الشعب المصرى العظيم، ويعكس مكانةَ مِصْر وريادتها فى بناء منظومة عدالة حديثة تُعد نموذجًا يُحتذى به... وهذه ليست المرة الأولى التى يُرد فيها مشروع قانون إلى المجلس بعد الموافقة النهائية عليه وإرساله إلى رئيس الجمهورية، فقد سبقها رد قوانين العدالة الضريبية عام 1978، وقانون تنظيم البحوث الطبية الإكلينيكية عام 2020. وفى هذا المقام، أتوجه بخالص التقدير للرئيس عبدالفتاح السيسى الذى لا يَألُو جَهدًا فى مُمارسة صلاحياته الدستورية بكل مسئولية وحرص على صَوْن دولة القانون، وضمان حقوق وحريات المواطنين. وأود أن أُعرب عن تقديرى العميق لما أبداه مجلسكم الموقر من استجابة مسئولةٍ وَمُقَدّرة، والتى كانت نابعة من حِرْصِكُم الدائم على إعلاء المصلحة العامة وتكريس مبادئ سيادة القانون. وأُجَدِّدُ، فى الختام، التزام الحكومة بالحوار والتعاون والتكامل مع مجلسكم الموقر، إعلاءً لمصلحة البلاد، وَحرصًا على أن تخرُج منظومة التشريعات فى صُورتها النهائية، لتكون نموذجًا يُحتذى به فى الانضباط، والدقة، والعدالة، واحترام حقوق الإنسان، بما يليق بمكانة مصر وشعبها العظيم. وفى ختام المناقشات.. أحال المستشار جبالى رسالة رئيس الجمهورية متضمنة الملاحظات الرئاسية على بعض مواد مشروع قانون الإجراءات الجنائية، وبيان رئيس مجلس الوزراء بشأنها إلى اللجنة العامة للمجلس لدراسة النصوص محل الملاحظات والأسباب الدستورية أو التشريعية بحسب الأحوال، لإعداد تقرير بهذا الشأن على المجلس، وذلك عملا بحكم الفقرة الثالثة من المادة 176 من اللائحة الداخلية للمجلس.. كما دعا اللجنة العامة إلى الانعقاد فورًا خلال 20 دقيقة بحضور وزيرى العدل والشئون النيابية والقانونية، معلنًا رفع الجلسة ومعاودة انعقاد الجلسة العامة ظهر اليوم لاستئناف المناقشات. ووافق المجلس على الإبقاء على رؤساء اللجان النوعية وهيئات المكاتب كما كانت خلال دور الانعقاد الماضي، والإبقاء أيضا على تشكيل اللجنة العامة كما كانت عليه فى دور الانعقاد المنقضى وممثلى الهيئات البرلمانية، كما أخطر بها المجلس دور الانعقاد الماضي.