أقامت سفارة جمهورية الصين الشعبية بالقاهرة، احتفالية كبرى بمناسبة الذكرى السادسة والسبعين لتأسيس الجمهورية الصينية، بحضور رسمي ودبلوماسي رفيع المستوى، حيث شارك في الاحتفال المهندس عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء المصري الأسبق، إلى جانب عدد كبير من السفراء وأعضاء السلك الدبلوماسي والصحفيين والإعلاميين والشخصيات العامة. وفي كلمته خلال الاحتفالية، استعرض السفير الصيني لياو لي تشيانج الإنجازات التاريخية التي حققتها الصين على مدى 76 عامًا من تأسيس الجمهورية، مشيرًا إلى أن الحزب الشيوعي الصيني نجح في قيادة الشعب الصيني بكافة قومياته نحو إيجاد طريق جديد يمكّن الدولة النامية من التقدم نحو التحديث بإرادة مستقلة، مما خلق نمطًا جديدًا من الحضارة البشرية من خلال التحديث الصيني النمط. وأوضح السفير لياو لي تشيانج أن الصين تستعد لاختتام خطتها الخمسية الرابعة عشرة هذا العام، والتي شهدت تحقيق إنجازات غير مسبوقة، حيث من المتوقع أن يتجاوز حجم النمو الاقتصادي للصين 35 تريليون يوان، فيما تبقى نسبة مساهمة الصين في النمو الاقتصادي العالمي فوق 30% طوال سنوات متتالية. وفي مجال الابتكار العلمي والتكنولوجي، أشار إلى أن 26 تجمعًا صينيًا أدرجت ضمن القائمة العالمية لأقوى 100 تجمع ابتكار في العلوم والتكنولوجيا، لتحتل الصين المرتبة الأولى في القائمة. كما حققت الصين عدة اختراقات في مجالات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الكمومية والفضاء المأهول واستكشاف الفضاء العميق. ولفت السفير إلى أن إجمالي عدد السيارات بالطاقة الجديدة في الصين تجاوز 31 مليون سيارة، وأن الصين تحتل صدارة العالم من حيث القدرة المركبة لتوليد الطاقة النظيفة. كما نجحت الصين في إنشاء أكبر منظومة في العالم للتعليم والضمان الاجتماعي والرعاية الصحية، وزاد دخل السكان بشكل ملحوظ. وأكد لياو لي تشيانج أن الصين تظل منشغلة بقضايا العالم، وتبقى دومًا قوة لسلام العالم واستقراره وتقدمه، مشيرًا إلى نجاح قمة منظمة شانغهاي للتعاون التي انعقدت مؤخرًا بمدينة تيانجين الصينية، حيث طرح الرئيس الصيني شي جينبينغ مبادرة الحوكمة العالمية لمعالجة الأوضاع الدولية المضطربة والمتغيرة وعجز منظومة الحوكمة العالمية. وأوضح أن المفاهيم الجوهرية لمبادرة الحوكمة العالمية تشمل مساواة سيادة الدول وسيادة القانون الدولي وتطبيق تعددية الأطراف ووضع الشعب في المقام الأول والتركيز على النتائج الجدية، مشيرًا إلى أن هذه المبادرة لاقت ترحيبًا ودعمًا من قادة الدول والمنظمات الدولية المشاركة في القمة، وتأتي كمنتج عام جديد يقدمه الرئيس شي جينبينغ للعالم على غرار مبادرة التنمية العالمية ومبادرة الأمن العالمي ومبادرة الحضارة العالمية، الأمر الذي يجسد بجلاء دور الصين والتزاماتها في الشؤون الدولية. كما أشار السفير إلى إقامة الصين فعالية مهيبة لإحياء الذكرى ال80 لانتصار حرب الشعب الصيني ضد العدوان الياباني والحرب العالمية ضد الفاشية، لتخليد التاريخ وتمجيد الشهداء والاعتزاز بالسلام وفتح الآفاق المستقبلية مع شعوب العالم. وحول العلاقات الثنائية، أكد السفير الصيني لياو لي تشيانج أن العلاقات الصينية المصرية تمر حاليًا بأفضل مراحلها في التاريخ تحت القيادة الاستراتيجية للرئيس شي جينبينغ والرئيس عبد الفتاح السيسي، وأصبحت نموذجًا يحتذى به للتضامن والتعاون والمنفعة المتبادلة والكسب المشترك بين الصين والدول العربية الإفريقية والإسلامية والنامية. وأشار إلى أن رئيسي البلدين التقيا مرتين في العام الماضي، حيث توصلا إلى توافقات مهمة حول سبل تعميق العلاقات الثنائية وتعزيز التعاون بين البلدين في كافة المجالات، مما رسم الخطوط العريضة لتطور العلاقات الصينية المصرية في ظل الأوضاع الجديدة. كما شهد الشهران الماضيان الزيارة المتبادلة بين رئيسي مجلس الوزراء للبلدين، مما عكس الطابع الاستراتيجي والمستوى العالي للعلاقات الصينية المصرية. ولفت السفير إلى أن مبادرة الحزام والطريق الصينية ورؤية مصر 2030 تتواءم بشكل معمق، وأن الصين تبقى أكبر شريك تجاري لمصر منذ 13 سنة متتالية، وهي واحدة من أنشط الدول المستثمرة في قطاع التصنيع المصري. وأشار إلى أن العام الجاري شهد تقدم التعاون المالي بين الصين ومصر على نحو أكثر عمقًا وعملية، وجرى أول تدريب مشترك بين القواتين الجويتين تحت عنوان "نسور الحضارة 2025"، والتعاون بين باحثي البلدين في أعمال التنقيب الأثري تحت المياه، مؤكدًا أن الثمار المبهجة للتعاون في كافة المجالات تدفع العلاقات الصينية المصرية نحو هدف إقامة المجتمع الصيني المصري للمستقبل المشترك نحو العصر الجديد بخطوات مستمرة. وأكد لياو لي تشيانج أن العلاقات الصينية العربية تمر الآن بأفضل مراحلها في التاريخ، إذ يتبادل الجانبان الثقة والمساندة على الصعيد السياسي، ويحققان المنفعة المتبادلة والكسب المشترك في المجال الاقتصادي، ويتبادلان التعلم والاستفادة حضاريًا، وتتحقق تقدمات جديدة باستمرار في بناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك. وبهذه المناسبة، جدد السفير التهنئة الحارة نيابة عن الجانب الصيني، بمرور 80 عامًا على تأسيس جامعة الدول العربية، مشيدًا بالجهود الدؤوبة التي بذلتها الجامعة من أجل تعزيز الوحدة وتقوية الذات للدول العربية وإحلال السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، والدور الفريد الذي لعبته في الشؤون الإقليمية والدولية. وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، أكد السفير أن الصراع بين فلسطين وإسرائيل استمر لمدة سنتين دون حل، مشددًا على ضرورة أن يعزز المجتمع الدولي بما فيه الصين والدول العربية الوحدة بشكل أقوى في وجه الأوضاع الخطيرة الراهنة. وحدد ثلاثة مبادئ رئيسية، أولًا الدفع بالوقف الشامل لإطلاق النار في قطاع غزة بأكبر قدر من الشعور بالإلحاح، وثانيًا تنفيذ مبدأ "حكم فلسطين من قبل الفلسطينيين" على أرض الواقع، وثالثًا التمسك ب"حل الدولتين" بثبات. وأثنى السفير عاليًا على الجهود المصرية في الوساطة والإغاثة الإنسانية منذ اندلاع الأزمة، مؤكدًا أن الصين تدعم بشكل ثابت ودائم القضية العادلة للشعب الفلسطيني في استعادة حقوقه المشروعة، وستواصل جهودها لوقف إطلاق النار والقتال في قطاع غزة، وإيجاد حل شامل وعادل ودائم للقضية الفلسطينية في يوم مبكر على أساس قرارات الأممالمتحدة ذات الصلة و"حل الدولتين". واختتم السفير لياو لي تشيانج كلمته بالإشارة إلى أن العام القادم سيشهد الاحتفال بالذكرى السنوية ال70 لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بين الصين ومصر، والذكرى السنوية ال70 لإطلاق العلاقات الدبلوماسية بين الصين والدول العربية والإفريقية، كما ستستضيف الصين الدورة الثانية للقمة الصينية العربية. وأعرب عن استعداد الجانب الصيني للعمل مع الجانب المصري على مواصلة حسن تنفيذ التوافقات المهمة بين رئيسي البلدين، والوفاء بالرسالة التاريخية والتزامات الدولة الكبيرة كعضوين مهمين في الجنوب العالمي، والمضي قدمًا بعملية التحديث في الصين ومصر والدول العربية والإفريقية، وبناء المجتمع الصيني المصري والصيني العربي والصيني الإفريقي للمستقبل المشترك، بما يقدم مساهمات أكبر في صيانة السلام والاستقرار وتعزيز التنمية والازدهار في العالم. وختم السفير كلمته بالتمني للصين ومصر القوة والازدهار، ودوام الصداقة بين الشعبين، ولجميع الحضور موفور الصحة وموصول الرفاهية.