كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسى فى القمة الطارئة العربية الإسلامية التى عقدت بالدوحة جاءت فى لحظة حرجة، عقب العدوان الإسرائيلى الذى شكّل تهديداً مباشراً للأمن القومى العربى والإسلامى. الخطاب حمل أبعاًا استراتيجية مهمة وتأكيدًا على تثبيت موقع مصر القيادى كدولة محور فى المنطقة، قادرة على صياغة المواقف الجماعية والتأثير فى التوجهات العربية والإسلامية، ووضع خطوط حمراء ضد السياسات الإسرائيلية، من خلال تحذير واضح بأن الاستمرار فى العدوان يقوّض فرص السلام ويهدد أمن المنطقة بأكملها وإعادة تعريف الأمن الإقليمى عبر طرح فكرة التعاون العربى -الإسلامى المشترك كآلية ردع مؤسسية، تتجاوز حدود البيانات والإدانات. وتضمن الخطاب تفعيل الضغط الدولى بالتركيز على القانون الدولى وميثاق الأممالمتحدة، بما يعيد القضية الفلسطينية إلى إطار الشرعية الدولية، ويضع إسرائيل فى مواجهة المجتمع الدولى لا العرب وحدهم بالإضافة إلى مخاطبة الداخل الإسرائيلى برسالة مباشرة، هدفها تحريك الرأى العام ضد السياسات الحكومية، فى خطوة مهمة تستهدف كسر جدار العزلة الذهنية داخل إسرائيل. اتسم خطاب الرئيس السيسى بالوضوح والدقة مما منح الخطاب قوة تأثير ومصداقية وحرص الرئيس على تكرار مفردات مثل «القانون الدولى»، «الميثاق»، «السلام العادل»، ما يعكس تمسك مصر بالحلول القانونية والسياسية وجمع بين اللغة الوجدانية فى الحديث عن معاناة الشعب الفلسطيني، واللغة العقلانية فى طرح حلول عملية للتعاون الأمنى ليصل برسالته إلى ثلاث دوائر هم القادة العرب والمسلمون، المجتمع الدولى، والشعب الإسرائيلى، ما يعكس براعة فى توجيه الخطاب، الخطاب حملت سطوره إدانة قوية مقرونة بتحذير من تداعيات استمرار الحرب فى غزة على مستقبل المنطقة واستقرارها والتأكيد على الثوابت المصرية وهى رفض التهجير القسرى، التمسك بدولة فلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدسالشرقية، والتصدى لمحاولات تصفية الهوية الفلسطينية. مصر ترسخ دورها كفاعل رئيسى بين العرب والمسلمين، بين الشرق الأوسط الأكبر، كجسر للتنسيق والمبادرات التى تجمع أكثر.. كلمة الرئيس السيسى تمثل مرحلة مفصلية فى الخطاب العربى الإسلامى وتعكس فهمًا معمّقًا للتوازنات الدولية وإدراكًا بأن السلام والأمن لا يتحقّقان بمعزل عن القوانين الدولية، وأن المجتمع الدولى لديه دور محورى فى إنقاذ الشعب الفلسطينى.