جاءت القمة العربية الإسلامية الطارئة التى انعقدت أمس الاثنين فى العاصمة القطريةالدوحة، فى توقيت بالغ الأهمية والخطورة على مستقبل المنطقة، وفى ظل تحول خطير فى تصرفات وسياسة العدو الإسرائيلى مع دول المنطقة، لا سيما أنها تأتى فى أعقاب العدوان الإسرائيلى على دولة قطر، فى هجمة استهدفت قيادات المكتب السياسى لحركة حماس المتواجدين فى الدوحة، وانتهكت سيادة دولة عربية شقيقة، مما أثار غضبة الأمة العربية والإسلامية إزاء تصاعد تجاوزات وانتهاكات الاحتلال الإسرائيلى فى المنطقة فى ظل استمرار الانفلات والبلطجة والعربدة الصهيونية وانتهاكها للقانون الدولى الإنسانى. أهمية هذه القمة العربية أنها تعتبر خطوة مهمة وبداية لتوحيد الكلمة العربية وتقوية الصف العربى فى وجه الاحتلال الإسرائيلى، فآن الأوان أن يظهر العرب شوكتهم ضد كيان الاحتلال الإسرائيلى وأن تتعامل معه جميع الدول العربية على أنه العدو الأول العرب جميعا، وأن تفكر فى كيفية اقتلاع جذور هذا السرطان من المنطقة، أن الأوان أن تكون هناك مواقف عملية وملموسة على الأرض بعيدًا عن الإدانة والشجب للممارسات والانتهاكات الإسرائيلية، أن تكون مواقف الدول العربية مثل موقف الدولة المصرية قوية وحاسمة وحازمة فى وجه الاحتلال الصهيونى، فمصر تقول وتفعل ولديها الإرادة والعزيمة وتدرك كل كلمة تصدر عنها كدولة محورية فى المنطقة. لذلك أتمنى أن تكون هناك غضبة قوية ومواقف شرسة من الدول العربية ضد كيان الاحتلال الإسرائيلى حتى لا يفكر مرة أخرى فى انتهاك سيادة أى دولة عربية أخرى، فالبيان الختامى للقمة العربية الإسلامية أشار إلى إدانة المشاركين فى القمة الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة واعتبارها تهديدًا مباشرًا للأمن والسلم الإقليمى والدولى، مؤكدين على الالتزام الصارم بمبادئ ميثاق الأممالمتحدة، خاصة المادة (42) التى تحظر استخدام القوة أو التهديد بها ضد سلامة أراضى أى دولة أو سيادتها السياسية، فضلًا عن التأكيد على أن العدوان الإسرائيلى على دولة قطر يمثل انتهاكًا للقانون الدولى وخرقًا سافرًا لميثاق الأممالمتحدة، واستمرارًا لسياسات الإبادة والتهجير والحصار، مدينا الهجوم غير المشروع الذى وقع فى الدوحة بتاريخ 11 سبتمبر 2025، ودعوة المجتمع الدولى لتحمل مسؤولياته. هذا بالإضافة إلى التضامن المطلق مع دولة قطر ودعمها فى مواجهة الاعتداء وحماية أمنها واستقرارها، واعتبار أن الاعتداء على قطر تصعيدًا خطيرًا يقوض جهود الوساطة والسلام فى المنطقة، ويمثل تعديًا على دورها كوسيط رئيسى فى قضايا غزة وإطلاق سراح الأسرى، ورفض القادة العرب أى مبررات إسرائيلية لتبرير العدوان، باعتباره انتهاكًا مباشرًا للقانون الدولى، مؤكدين الرفض التام للتهديدات الإسرائيلية التى تستهدف أمن دول المنطقة، والتحذير من تداعياتها على الاستقرار. القمة العربية الإسلامية فى الدوحة أكدت على تحمل المجتمع الدولى مسئولياته إزاء استمرار انتهاكات الاحتلال الإسرائيلى التى تقوض جهود وقف إطلاق النار فى غزة وإعادة الاستقرار والسلام فى المنطقة، إلا أن المجتمع الدولى ما زال فى غيبوبته لا يسمع لا يرى لا يتكلم، ويكتفى بموقف المشاهد والمتفرج دون أى رد فعل، وسط صمت مخزى، فما يحدث من تجاوزات وانتهاكات إسرائيلية ضد الشعب الفلسطينى وانتهاك القانون الدولى الإنسانى والعربدة والبلطجة فى المنطقة دون رادع يعد وصمة عار على جبين المجتمع الدولى الجبان المتقاعس الذى يدعم جرائم الاحتلال الإسرائيلى بصمته.. إلى متى سيظل المجتمع الدولى متخاذل ومتقاعس ومشارك فى جرائم الاحتلال بصمته، متى سينتفض تضامنًا مع غزة وكل فلسطينى محاصر ويتم تجويعه وتعطيشه وقتله؟!، متى سنرى المجتمع الدولى يجبر إسرائيل على وقف إطلاق النار ويحاسب قادة الاحتلال كمجرمى حرب؟.. متى ينتفض العالم من أجل أطفال غزة؟ أين ضمير العالم من كل ما يحدث من جرائم وانتهاكات؟!. هل سيأخذ المجتمع الدولى كلمة فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسى خلال القمة العربية الإسلامية الطارئة، بمحمل الجدية وينتفض لوقف بلطجة إسرائيل التى تجاوزت كل الحدود مما ينذر بعواقب وخيمة، فكلمة الرئيس السيسى كانت صارمة وحاسمة وحددت خطوطًا حمراء للاحتلال الإسرائيلى أن تسمح مصر بتجاوزها تحت أى ظرف، والجميع يعلم أن مصر إذا قالت وتكلمت فعلت، وأن مصر تتحدث من على أرض صلبة وقوية، ولن تسمح بتهديد أو المساس بأمنها القومى، ولن تسمح بتنفيذ مخطط التهجير القسرى أو الطوعى الشعب الفلسطينى من قطاع غزة. إن كلمة السيد الرئيس السيسى أكدت على موقف مصر الثابت من دعم وحدة الصف العربى والإسلامى، ورفض أى انتهاكات تمس سيادة الدول أو تهدد أمنها واستقرارها، وأن إسرائيل تسعى لتحويل المنطقة إلى ساحة مستباحة للاعتداءات، بما يهدد الاستقرار فى المنطقة بأسرها، ويشكل إخلالا خطيرا بالسلم والأمن الدوليين، حيث أن الممارسات الإسرائيلية تجاوزت أى منطق سياسى أو عسكرى، وتخطت كافة الخطوط الحمراء، كما حذر من أن ما نشهده من سلوك إسرائيلى منفلت، ومزعزع للاستقرار الإقليمى، من شأنه توسيع رقعة الصراع، ودفع المنطقة نحو دوامة خطيرة من التصعيد، وهو ما لا يمكن القبول به أو السكوت عنه. كلمة السيد الرئيس السيسى كانت قوية ودعت بشكل واضح إلى المحاسبة الضرورية للمسئولين عن الانتهاكات الصارخة، ووضع حد لحالة "الإفلات من العقاب"، التى باتت سائدة أمام الممارسات الإسرائيلية، كما وجه الرئيس رسالة تحذيرية لدولة الاحتلال قائلا: "إن على إسرائيل أن تستوعب، أن أمنها وسلامتها، لن يتحققا بسياسات القوة والاعتداء، بل بالالتزام بالقانون الدولى، واحترام سيادة الدول العربية والإسلامية.. وأن سيادة تلك الدول، لا يمكن أن تمس تحت أى ذريعة، وهذه مبادئ غير قابلة للمساومة.. ومن ثم؛ على العالم كله، إدراك أن سياسات إسرائيل، تقوض فرص السلام بالمنطقة، وتضرب عرض الحائط بالقوانين الدولية، والأعراف المستقرة والقيم الإنسانية.. وأن استمرار هذا السلوك، لن يجلب سوى المزيد من التوتر، وعدم الاستقرار للمنطقة بأسرها، على نحو سيكون له تبعات خطيرة على الأمن الدولى". والأهم فى كلمة السيد الرئيس السيسى توجيه حديثه لشعب إسرائيل، بقوله: "إن ما يجرى حاليا يقوض مستقبل السلام، ويهدد أمنكم، وأمن جميع شعوب المنطقة، ويضع العراقيل أمام أى فرص لأية اتفاقيات سلام جديدة، بل ويجهض اتفاقات السلام القائمة مع دول المنطقة.. وحينها ستكون العواقب وخيمة؛ وذلك بعودة المنطقة إلى أجواء الصراع، وضياع ما تحقق من جهود تاريخية لبناء السلام، ومكاسب تحققت من ورائه، وهو ثمن سندفعه جميعا بلا استثناء.. فلا تسمحوا بأن تذهب جهود أسلافنا من أجل السلام سدى، ويكون الندم حينها.. بلا جدوى "... كلمة توضح موقف مصر الواضح، وتكشف للعالم أن إسرائيل هى من تقوض وتعرقل السلام، وأن استمرار ممارساتها وانفلاتها وبلطجتها سيجهض اتفاقيات السلام بينها وبين دول المنطقة، هذه رسالة تحذيرية شديدة اللهجة وعلى إسرائيل أن تدرك خطورتها وأنها عواقبها وخيمة على إسرائيل. إن الدولة المصرية أكدت رفضها الكامل، لاستهداف المدنيين، وسياسة العقاب الجماعى والتجويع، التى تمارسها إسرائيل ضد الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة، والرئيس السيسى شدد على أن الحلول العسكرية، وإجهاض جهود الوساطة، والاستمرار عوضا عن ذلك، فى محاولة فرض الأمر الواقع بالقوة الغاشمة، لن يحقق الأمن لأى طرف، وأن مصر ستواصل دعمها الثابت، لصمود الشعب الفلسطينى على أرضه، وتمسكه بهويته وحقوقه المشروعة، طبقا للقانون الدولى، والتصدى لمحاولة المساس بتلك الحقوق غير القابلة للتصرف سواء عبر الأنشطة الاستيطانية، أو ضم الأرض، أو عن طريق التهجير، أو غيرها من صور اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم، وأنه يجب التعامل مع القضية الفلسطينية، باعتبارها مفتاح الاستقرار فى المنطقة، وقال أن الحل العادل والشامل، للقضية المركزية للعالمين العربى والإسلامى، يقوم على إنهاء الاحتلال، وتجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة، على خطوط الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها "القدسالشرقية. السيد الرئيس السيسى فى كلمته وصف إسرائيل بشكل واضح بأنها «العدو»، قائلا: "يجب أن تغير مواقفنا من نظرة العدو نحونا، ليرى أن أى دولة عربية؛ مساحتها ممتدة من المحيط إلى الخليج، ومظلتها متسعة لكل الدول الإسلامية"، ولا بد أن تعى كل الدول العربية أن إسرائيل هى العدو الأول العرب، وأتمنى أن تكون هناك استجابة سريعة بتوصية الرئيس السيسى بإنشاء آلية عربية إسلامية للتنسيق والتعاون، تمكن الدول العربية من مواجهة التحديات الكبرى، الأمنية والسياسية والاقتصادية، التى تحيط بنا، مما يعزز من قوة ووحدة الصف العربى. ختاما.. نتمنى أن أن يتم ترجمة مخرجات وتوصيات القمة العربية الإسلامية فى الدوحة إلى واقع عملى ملموس يعزز وحدة الصف العربى ويوقف غطرسة وبلطجة وإنفلات إسرائيل، ويعمل على حماية الأمن القومى العربى، وأن يتم التصدى بقوة للانتهاكات الإسرائيلية، وأن تستخدم كل دولة عربية أدواتها وآلياتها ضد إسرائيل وأى دولة تدعمها وتساندها، وأن يكون الرد الجماعى العربى والإسلامى حاضرًا ضد أى اعتداءات إسرائيلية، والتحرك العاجل لمحاسبة إسرائيل على جرائمها.