تنطلق فعاليات الدورة الثامنة من مهرجان الجونة السينمائى فى الفترة من 16 إلى 24 أكتوبر 2025، حاملةً رسالة إنسانية مؤثرة باختيار الأمن الغذائى كقضية محورية تحت مظلة الشعار الدائم للمهرجان: «سينما من أجل الإنسانية». جاء هذا القرار بالتزامن مع اليوم العالمى للغذاء، وفى ظل ما يشهده العالم من أزمات غذائية خانقة ومجاعات، إضافة إلى الحرب المستمرة على غزة التى خلّفت أوضاعًا إنسانية مأساوية أدت إلى المجاعة. اختيار مهرجان الجونة لقضية الغذاء لم يأتِ بمعزل عن الواقع، بل جاء استجابةً لصرخة إنسانية يعيشها العالم اليوم، وفى القلب منها غزة، التى تواجه حصارًا خانقًا وحرب إبادة تسببت فى حرمان مئات الآلاف من الغذاء والدواء. فى ظل هذه المأساة، تحوّل الأمن الغذائى من مجرد قضية تنموية إلى حق إنسانى منتهك، يعكس حجم الظلم والمعاناة التى يتعرض لها الأبرياء. ومن خلال السينما، أراد المهرجان أن يسلط الضوء على هذه الفاجعة، مؤكدًا أن الفن لا ينفصل عن قضايا الإنسان، وأن الشاشة يمكن أن تكون منصة لتوثيق الألم وبث رسائل التضامن مع الشعوب التى تُحرم من أبسط حقوقها: العيش بكرامة وأمان. اقرأ أيضًا| رانيا المشاط: مهرجان الجونة منصة ثقافية تعزز أهداف التنمية المستدامة سينما العالم يقدّم المهرجان برنامجًا غنيًا يضم أكثر من 60 فيلمًا من 42 دولة، بينها عروض لأفلام حصدت جوائز كبرى فى مهرجانات عالمية.. كما تحتفى الدورة الثامنة بحضور عربى ومصرى لافت، يعكس تنوّع الإنتاجات وجودة الطرح الفنى. يشارك فى المهرجان 14 فيلمًا عربيًا، من بينها أعمال مدعومة سابقًا من سينى جونة وصلت إلى مهرجانات كبرى، وهو ما يعزز مكانة المهرجان كمنصة إقليمية.. من مصر، يقدَّم العرض العالمى الأول للفيلم الروائى الطويل «عيد ميلاد سعيد» للمخرجة سارة جوهر، إلى جانب الفيلم الوثائقى «الحياة بعد سهام» لنمير عبد المسيح، والفيلم التسجيلى «50 مترًا» ليمنى خطاب. ومن تونس، يحضر فيلم «وين ياخذنا الريح» لآمال القلاتى، بينما تشارك الجزائر بفيلم «على مرمى حجر» لنسيم قروى. أما من المغرب، فيأتى فيلم «نيران صغيرة» لمحمد العبودى.. كما تضم المسابقة أفلامًا عربية ذات حضور عالمى مثل «المستعمرة» (مصر) و«كولونيا» (مصر/ألمانيا)، واللذين سبق أن عُرضا فى مهرجان برلين. هذه المشاركة العربية تثبت أن الجونة أصبح نافذة مهمة لصوت السينما العربية، تجمع بين الأصوات الجديدة والمخضرمة، وتمنح الجمهور فرصة لاكتشاف تجارب فنية تعبّر عن قضايا المنطقة وهمومها الإنسانية. نافذة على فلسطين خصص مهرجان الجونة السينمائى فى دورته الثامنة برنامجًا خاصًا بعنوان «نافذة على فلسطين»، ليؤكد التزامه بدور السينما فى نقل صوت الشعوب المقهورة وإبراز معاناتها. جاء هذا الاختيار متسقًا مع رسالة الدورة حول الأمن الغذائى، حيث تعيش غزة تحت حصار خانق أدى إلى المجاعة وحرمان مئات الآلاف من حقهم فى الحياة الكريمة.. تضم العروض الفلسطينية مجموعة من الأفلام التى توثق الواقع بجرأة، من بينها أعمال للمخرج رشيد مشهراوى التى جسدت صورة غزة من الداخل، إلى جانب الفيلم القصير «أغمضى عينيكِ يا هند» لأمير ظاظا، والفيلم الوثائقى «أرض إسمنتية» لأسماء بكرات. كما يشارك فيلم «لا صبر ولا سلوان» لباسل غندور (إنتاج أردنى - فلسطينى) ضمن مشروعات سينى جونة لدعم الصناعة. ويترأس المخرج الفلسطينى مهدى فليفل لجنة تحكيم مسابقة الأفلام القصيرة، فى حضور رمزى يؤكد ريادة السينما الفلسطينية وقدرتها على أن تكون شاهدًا على المأساة ووسيلة للتعبير عن الأمل فى آن واحد.. بهذا، يفتح مهرجان الجونة نافذة فنية وإنسانية على فلسطين، ليمنح جمهور السينما فرصة للتفاعل مع قصصها وصمود شعبها فى مواجهة الحرب والجوع. سينى جونة والسينما العربية أصبح سينى جونة اليوم منصة مؤثرة فى صناعة السينما العربية، إذ نجح فى توفير بيئة خصبة لصنّاع الأفلام الشباب، تجمع بين الدعم المالى، والإرشاد الإبداعى، والفرص العالمية. فمن خلاله، انطلقت أفلام عربية جديدة إلى مهرجانات كبرى مثل برلين، فينيسيا، وصندانس، لتثبت حضورها فى المشهد السينمائى الدولى. وبفضل هذا الدعم، ظهر جيل جديد من المخرجين العرب الذين وجدوا فى سينى جونة بوابة عبور من المحلية إلى العالمية، وقدّموا قصصًا إنسانية جريئة تواكب قضايا المجتمع العربى والعالمى، مما يعزز مكانة السينما العربية كصوت حاضر ومؤثر فى الساحة الدولية. وبالتوازى مع عروض الأفلام، تقام جلسات نقاشية وورش عمل ولقاءات مع صناع ونجوم الفن السابع ضمن منصة سينى جونة. كما ينظم المهرجان سوق سينى جونة الذى يجمع تحت مظلته أكثر من 30 شركة وجهة إنتاج.. استقبل برنامج دعم الصناعة أكثر من 290 مشروعًا، وتم اختيار 19 فيلمًا للتطوير وما بعد الإنتاج. أما سوق سينى جونة فيشارك فيه هذا العام أكثر من 30 عارضًا من المنطقة والعالم (من السعودية، الإمارات، العراق، الهند، الصين وغيرها).. كما تُقام ورش عمل، منها ورشة بالتعاون مع FUJIFILM عن تصميم بوسترات الأفلام، إضافة إلى ندوات حول الأمن الغذائى ودور السينما فى القضايا الإنسانية. لجان التحكيم والمكرمون حرص مهرجان الجونة فى دورته الثامنة على الجمع بين الخبرة الدولية والروح العربية فى تشكيل لجان التحكيم، حيث ضمت أسماء بارزة من صناع السينما والمبدعين فى مجالات الإخراج والإنتاج والنقد، من بينهم المخرجة والمنتجة إليان رابيه التى تترأس لجنة الأفلام الوثائقية الطويلة، إلى جانب أسماء دولية مثل جيروم بايارد وستيفى نيدرزول، إضافة إلى مشاركة عربية من خلال نجيب بالكاحى وهيشام فلاح. هذا التنوع فى الخلفيات والخبرات يعكس حرص المهرجان على أن تكون قراراته نابعة من منظور عالمى وإنسانى معًا. وعلى الجانب الآخر، يكرّم المهرجان نجومًا تركوا بصمة مؤثرة فى السينما، حيث تحصل النجمة منة شلبى على جائزة الإنجاز الإبداعى تقديرًا لمسيرتها الفنية، فيما تحلّ النجمة العالمية كيت بلانشيت ضيفة شرف خاصة لهذه الدورة. كما يحتفى المهرجان بمئوية ميلاد المخرج الكبير يوسف شاهين، الذى يُعتبر الأب الروحى للسينما العربية الحديثة. بهذا المزج بين لجان تحكيم دولية رفيعة المستوى وتكريم رموز محلية وعالمية، أكد المهرجان مكانته كجسر بين السينما العربية والعالمية.