ربما لم يكن المسرح العالمي مهيًأ لمبادرة بتبني قرار «الاتحاد من أجل السلام» في هذه اللحظة، أكثر من أى وقت مضى، بعد أن فشل مجلس الأمن في التصدي لمهامه، بفعل الفيتو الأمريكى، المصوب كخنجر في وجه أي حق عربي. نهج عدوانى فاشى يتباهى به الكيان الصهيونى، مدعوم من واشنطن، رغم إصرار العصابة الحاكمة فى تل أبيب على إفشال أى مسعى للسلام، وإصرار على مواصلة الإبادة الجماعية، والتبجح بإعلان نواياها بإطلاق شرق أوسط تهيمن عليه بالقوة الغاشمة والبلطجة دون رادع حقيقي. لجنة تحقيق أممية تؤكد على أن التصريحات الصهيونية دليل مباشر على نية الإبادة الجماعية، لاسيما ووزير الحرب الصهيونى يجهر بأن «غزة تحترق» على مرأى ومسمع من العالم أجمع!. ثم تنعقد القمة الإسلامية العربية، داعية لتنسيق الجهود الرامية لتعليق عضوية الكيان الغاصب فى الأممالمتحدة، ردًا على مواصلته لمخططات تهدف لإشعال المنطقة بالكامل، وفرض أمر واقع بالحديد والنار والدم!. في ذات الاتجاه دعت القمة المجتمع الدولى لوضع حد لهذا النهج العدوانى المتواصل، وبالتوازى تعتمد الأممالمتحدة إعلان نيويورك بشأن حل الدولتين، ويتحدى نتنياهو العالم بتصريحه أنه لن تقوم دولة فلسطينية ويتعهد بمواجهة أى خطوات أحادية. حتى الاتحاد الأوروبي استيقظ ضميره، وأعلن أن توسيع العملية الإسرائيلية فى غزة، سيسبب مزيدًا من الدمار والموت، بل إن بريطانيا ذهبت لأبعد مدى، بتأكيدها أن عملية غزة متهورة وغير مسئولة، والمفوضية الأوروبية توافق على عقوبات جديدة ضد الكيان الصهيونى. وسط كل هذه التداعيات، فإن استحضار آلية «الاتحاد من أجل السلام» بات حتميًا سواء لمواجهة شلل وتجميد دور مجلس الأمن، ومن ثم الالتفاف عليه حماية للأمن والسلم الدوليين المهددين بقوة وغطرسة صهيونية لا مثيل لها. تلك الآلية تتيح للجمعية العامة بحث ما يحدث على وجه السرعة، وإصدار ما تراه ضروريًا فى مواجهة الجرائم الصهيونية التى لا سقف لها ولا رادع، بل والانطلاق إلى فرض عقوبات عالمية فورية، لعل أخطرها خطر توريد الأسلحة، ومقاطعة الكيان، وصولًا لإنشاء قوة حفظ سلام تنتشر فى غزة، أو بدقة على أطلالها. ثمة سوابق لذلك لعل أشهرها ما حدث على إثر الاعتداء الثلاثى على مصر، والقياس عليها مهم ووارد، وربما كان اختبارًا حاسمًا وكاشفًا لمصداقية النظام الدولى الذى يعاد صياغته فى وقت تعلو الأصوات بتعديل مساره، فى مواجهة القطبية الأحادية، وما يتمخض عنها من ظلم فادح يقع أكثره على العرب.