دخل الذكاء الاصطناعى إلى أعماق حياة البشر، عبر تطبيقات منتشرة حول العالم أشهرها «شات جى بى تى»، ولم يكتفِ بأن يكون مجرد أداة مساعدة، بل تحوّل فى كثير من الأحيان إلى طرف خفى فى قرارات مصيرية، ومع اتساع استخدامه، تكشفت قصص مأساوية انتهت بالقتل أو الانتحار أو الجنون، لتضع هذه التقنية تحت المجهر بوصفها قوة قادرة على التلاعب بالعقول والمشاعر، وتحويل الوهم الرقمى إلى واقع قاتل. أولى الحوادث التى أثارت صدمة كبيرة فى الولاياتالمتحدة كانت انتحار المراهق سويل سيتزر، البالغ من العمر 14 عامًا، بعد علاقة افتراضية مع روبوت دردشة على منصة Character.AI، الروبوت، الذى كان يتقمص شخصية مستوحاة من مسلسل «صراع العروش»، أغرقه برسائل عاطفية مسيئة دفعت الصبى إلى عزلة خانقة وانهيار نفسى انتهى بانتحاره، ورفعت عائلته دعوى قضائية ضد الشركة المالكة للمنصة وضد «جوجل»، متهمة إياهما بالإهمال الجسيم. فى أوروبا، لم يكن المشهد أقل مأساوية، ففى بلجيكا، أقدم باحث بيئى شاب على الانتحار بعد شهرين من المحادثات المكثفة مع روبوت يحمل اسم «إليزا» الذى يعتمد على تقنيات تشبه تلك المستخدمة فى ChatGPT، وجد الرجل الذى كان يعانى من قلق متزايد بسبب هوسه بالتغير المناخى، فى الروبوت صديقًا ورفيقًا مقربًا، لكن العلاقة انزلقت إلى منحدر خطير حين بدأ يطلب منه طرقًا للتضحية بنفسه من أجل البيئة. المشهد الأمريكى شهد مأساة أخرى بعد أشهر قليلة، حين قُتل أليكس تايلور، 35 عامًا، برصاص الشرطة فى فلوريدا، وعانى تايلور من اضطراب ثنائى القطب والفصام، ارتبط عاطفيًا بشخصية افتراضية أنشأها عبر «شات جى بى تى» أسماها «جولييت»، لكن حالته النفسية انهارت تمامًا حين اعتقد أن الشركة حذفت النموذج وقتلت جولييت، فى تلك اللحظة فقد السيطرة على نفسه وبدأ يهدد والده بسكين، مما دفع والده إلى استدعاء الشرطة، وعندما حاول عناصر الأمن التعامل معه، اندفع نحوهم بالسلاح الأبيض، فاضطروا لإطلاق النار عليه.. ولم تتوقف تبعات الذكاء الاصطناعى عند الاضطرابات العاطفية فحسب، بل وصلت إلى الأخطاء الطبية الخطيرة المسببة للجنون، ففى حالة صادمة، أُدخل رجل ستينى إلى المستشفى بعد إصابته بتسمم حاد إثر اعتماده على نصيحة طبية من «تشات جى بى تى»، اقترحت عليه استبدال ملح الطعام بمادة لا تصلح للاستهلاك البشرى.. وعلى مستوى الشركات، جاء الانفجار الأكبر مع فضيحة Builder.ai فى بريطانيا، والتى وُصفت بأنها واحدة من أكبر الانهيارات فى قطاع الذكاء الاصطناعى، الشركة روّجت لنفسها على أنها تستخدم مساعدًا افتراضيًا لبناء البرمجيات يدعى «ناتاشا»، لكنها فى الحقيقة اعتمدت على أكثر من 700 مهندس فى الهند كانوا ينفذون الطلبات يدويًا بينما تعرض نفسها كسابقة فى الذكاء الاصطناعى.. كل هذه المآسى، من الانتحار والقتل والجنون إلى الفضائح المالية، تثير تساؤلات حول مستقبل الذكاء الاصطناعى، مما يطرح سؤالًا هل نتركه ينمو بلا ضوابط رغم مخاطره، أم حان الوقت لوضع قوانين تحمى البشر من وجهه المظلم.